تونس - الصباح: تحتل القضايا المتعلقة بالطرقات (المرور - والحوادث ونزاعات التأمين) المرتبة الأولى من مجموع القضايا المعروضة بالمحاكم بنسبة تصل إلى 38,4% ولكن الإشكال الفعلي يكمن في تشكي بعض المتضرّرين من طول مدّة التقاضي. الخاصة بالتأمين وهذا ما يدعونا إلى التّساؤل عن أسباب هذا التعطيل. يذهب بعض المواطنين المتضرّرين في حوادث المرور والسيارات إلى اتهام شركات التأمين بالتقصير في عملية التعويض عن أضرار هذه الحوادث واعتماد أسلوب المماطلة للتملّص من دفع التعويضات بينما يشتكي البعض الآخر من بطء إصدار الحكم. السيدة فوزية فقدت زوجها في حادث سيارة منذ 3 سنوات فقامت برفع قضية للحصول على تعويض من التأمين خاصة أنّ الأضرار كانت مادية ومعنوية. إلاّ أنّ فترة النطق بالحكم طالت لمدة 3 سنوات وما تزال متواصلة إلى حدّ الآن، وتتساءل السيدة إلى أي مدى لتطول مدة الانتظار التي قد تكون دون جدوى. التقاضي هو السبب وعن هذه الإشكاليات يقول السيد عبد اللطيف شعبان رئيس الهيئة العامة للتأمين بوزارة المالية أنه وحسب دراسات قانونية فإن 90% من المتضرّرين في حوادث المرور يتوجهون إلى التقاضي بينما يعتمد 10% فقط على عملية الصلح والتفاوض مع شركات التأمين. ويرى السيد عبد اللطيف أن اللجوء الى المحاكم هو الذي يطيل أمد قضايا التأمين خاصة أنّ أيّ شركة تأمين لا تقدّم أيّ تعويض يذكر قبل صدور حكم ابتدائي يطالبها بذلك. من ناحيتها تقول المحامية عفاف قرقورة أنّ التأخير في هذه القضايا يعود إلى عدّة عوامل مباشرة حيث تختلف الملابسات من قضية إلى أخرى إضافة إلى أن تضارب الآراء بين الأطراف المتنازعة تعطّل نسق القضية فيتمّ التأخير في عملية النطق بالحكم. وبما أنّ شركة التأمين لا تقوم بأيّ تغطية مالية ما لم يتمّ تحديد الجهة المتضرّرة من قبل المحكمة فإن فترة التقاضي ستطول. إذا فإنّ التقاضي هو المسؤول الأوّل عن طول مدّة قضايا التأمين. وتقول المحامية أنّ طول إجراءات الاستئناف والتعقيب من قبل الأطراف المتنازعة يعطّل سير هذه القضايا وتضيف أنّ القضايا المدنية تطول لكثافتها ولزومية إجراءات الاختبار (كعرض المتضرر للفحص) لتحديد نسبة الضرر. القانون الجديد إذا ما تأمّلنا في قانون التأمين الذي صدر في صائفة 2005 وتمّ العمل به منذ سنة 2006 نجد أنّ هذا القانون جاء بإجراءات إيجابيّة لمصلحة المتضرّرين في حوادث المرور. وفي هذا النطاق يشير السيد عبد الكريم المرداسي الرئيس المدير العام للشركة التونسية للتأمين وإعادة التأمين إلى أنّ هذا القانون جاء لمعالجة نقائص القانون القديم ومن بينها طول مدة التقاضي واختلاف قيمة التعويض من محكمة إلى أخرى بينما تتمثّل النقطة الثالثة من هذه النقائص في عدم شمولية القانون القديم لجميع المتضرّرين إذ ينصّ القانون الجديد على ضرورة تعويض جميع المتضرّرين في الحادث ما عدا المسؤول عنه. وفيما يخصّ معالجة طول مدة التقاضي يقول السيد عبد الكريم أنّ هذا القانون يدعو إلى عدم اللجوء إلى القضاء كحلّ أوّلي بل التفكير في مبدأ الصّلح أوّلا خاصة أنّ جميع الشركات أصبحت ملزمة (بموجب هذا القانون) بتعويض المتضرّرين في مدّة لا تتجاوز ستّة أشهر وفي حالة الإخلال بهذا الشرط تتمّ مطالبة الشركة بتسديد فوائد التّأخير ولكنّ هذه الإجراءات تشمل المتضرّرين الذين فضّلوا الصّلح عن التقاضي. الصلح أنجع ومن خلال قراءة قانون التأمين الصادر بسنة 2005 والتأمّل في كثرة قضايا التأمين بالمحاكمة الابتدائية ومحاكم الناحية نلاحظ أنّ السّبب الرئيسي لهذه النزاعات وطول مدة هذه القضايا تعود إلى عدم وعي واضح بما جاء في هذا القانون خاصة وأنّ بنوده جاءت في صالح المتضرّر. وأنّ حلّ الصلح دون اللجوء إلى التقاضي من شأنه أن يجنّب المتضرّر طول مدّة النطق بالحكم. ويبدو أنّ عدم الدّراية بفوائد هذا القانون هو السبب في إقبال المتضرّرين على التقاضي بالمحاكم رغم أن مبدأ الصلح الذي نصّ عليه هذا القانون من شأنه أن يعالج مشكل طول مدة العائدة إلى إجراءات قضايا التأمين من جهة والحصول على التعويض بسرعة من جهة أخرى. ويؤكّد السيد عبد الكريم أنّ الصلح لا يمكّن المتضرّر من الحصول على نفس المبالغ التي يحكم بها القاضي فقط بل يمكن أيضا من الحصول عليها في أجل قصير مقارنة بآجال التقاضي.