أطنان من مكملات السيارات والمواد الأولية تحوّلت الى رماد الناظور الأسبوعي كنا انفردنا أمس في الشقيقة الكبرى «الصباح» بنشر المعطيات الأولية حول الحريق الهائل الذي اندلع بعد ظهر يوم السبت بمصنعين تابعين لسلسلة مصانع الشركة السويدية «أوتوليف» (autoliv) الرائدة عالميا في صناعة مكملات السيارات والكائنين بمنطقة الناظور من ولاية زغوان والمختص بالاساس في صنع مقاود السيّارات ونسج مكملاتها. ومتابعة منا للحادث علمنا ان أعوان فرقة الابحاث والتفتيش للحرس الوطني بزغوان أوقفوا شخصين على ذمة التحريات الأمنية التي أذنت بإجرائها النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بزغوان.كما باشروا سماع أقوال حارسين للمصنعين كانا يباشران عملهما زمن اندلاع الحريق لجمع المزيد من المعلومات حول الواقعة وتحديد الملابسات الكامنة وراء نشوب الحريق الذي أتى على المصنعين2ASWT و3 ASW اللذين يشغلان 650 عاملا وعاملة وخلّف خسائر مادية فادحة على اعتبار أن قيمة هذا المشروع وحسبما صرّحت به مصادر مسؤولة ونقلها لنا عدد من المصنعين يناهز ال 70 مليون دينار وقد أتت النيران على كل التجهيزات إضافة إلى إحالة 650 عاملا على البطالة. ريبورتاج صابر المكشر تصوير: كريم حالي خراب ولجمع المزيد من المعطيات حول هذه الواقعة تحولنا صباح أمس إلى الناظور... كانت الساعة تشير إلى تمام الثامنة والنصف صباحا حين وصلنا إلى محيط المصنعين... عشرات العمال والعاملات وأطفالهم كانوا ينظرون بشرود إلى الخراب... إلى الرماد... إلى البراميل المتناثرة هنا وهناك... الى مورد الرزق وقد تفحّم... بعض العاملات كن يبكين على باب أحد المصنعين المتلاصقين... وعمال متجمعون في حلقات لا تقرأ على ملامحهم سوى الحيرة والالم على ضياع «خبزة الصّغيرات»... وأطفال يلهون ببراءة قبالة حطام المصنعين وكأن شيئا لم يحصل... في الجانب الاخر كانت الحركة كثيفة بين عناصر الحماية المدنية الذين حلوا بالمكان من عدة مناطق مثل تونس العاصمة وبن عروس وسوسة والقيروان وسليانة إلى جانب الحماية المدنية بزغوان في إطار المجهودات المبذولة للسيطرة على «فلول» النار بعد أكثر من عشرين ساعة شاقة وصعبة قضوها مساء السبت وليلة الاحد في مواجهة هيجان غريب لألسنة اللهب المتصاعدة وسحب الدخان الكثيف... كذلك ظلت سيارات وشاحنات الحماية مرابطة على بعد امتار قليلة من المصنعين للتدخل وقت الحاجة وظلت معها المراقبة مستمرة والحذر من إمكانية تصاعد ألسنة اللهب مجددا... وبين هذا الجانب وذاك كان أعوان الحرس الوطني بالناظوروزغوان يعاينون الموقع ويِؤمنون سلامة المارة مع تحذيرهم من الاقتراب من المكان الذي تحوّل في لمح البصر إلى خراب... إلى سواد... إلى مجرد حطام... بعد ان التهمت النيران الآلات وأطنان من المواد الاولية بأنواعها... عمال المصنعين يتحدّثون اقتربنا من بعض «المرابطين» بالمكان في محاولة للحديث مع عدد من شهود العيان ومن العمال للاستفسار عماّ حصل... أولى الشهادات جاءت من كمال فرج وهو تقني بأحد المصنعين فقال بنبرات حزينة: «لم أصدق بعد أن يتحول المصنعان فجأة إلى ركام... أعمل هنا منذ ثلاثة أعوام ولم يحصل ما من شانه أن يعكّر السير العادي للعمل.. «وفي حديثه عن الواقعة قال«: في حدود الساعة الثانية بعد الزوال تفطنت زوجتي وهي عاملة أيضا بأحد المصنعين لتصاعد دخان كثيف فهرعت لاستجلاء حقيقة الأمرفكانت المفاجاة التي صدمتني ...النار والدخان يتصاعدان من المصنعين اللذين نعمل فيهما... أسرعت الخطى واقتربت اكثر من المكان.... لم أصدق ما رايت... سحب من الدخان الأسود واخرى من الدخان الابيض تتصاعد... براميل المواد الأولية تتطاير في السماء مشتعلة... كانت فاجعة ومن ألطاف الله أن في ذلك اليوم كان جميع العملة في إجازة». مأساة أما زميله بشير ساسي الذي لم يمض على مباشرته لعمله بمصنع 2ASWT فقال: «إنها كارثة بأتم معنى الكلمة تلك التي حلّت بنا وبالمصنعين»... في حين أشار سعيدان بن صالح الذي يشتغل هو وزوجته في هذين المصنعين منذ نحو ستة أعوام إلى أنه باشر إجازته منذ يوم الاربعاء الفارط إلى ان حلّ يوم السبت وعلم بالحريق «الذي دمّر مصنعين وأدخل الاضطراب على حياة المئات من العملة» على حدّ قوله. أوّل من تفطن للحريق تحدثنا لاحقا الى محمد بن رمضان وهو سائق قطار البضائع بالمصنعين منذ تسع سنوات فقال: «كنت أول من تفطن لاندلاع الحريق باعتباري أقطن قبالة المصنعين... كانت النيران تنتشر بسرعة رهيبة وأتت على كل أرجاء المصنعين اللذين تبلغ مساحتهما المغطاة حوالي 2000 متر مربع ...لم يتمكن أي كان من فعل أي شيء أمام هيجان ألسنة اللهب فقط بقينا نتابع اشتعال مورد رزقنا إلى أن تمكن العشرات من أعوان الحماية المدنية من السيطرة على الوضع في ساعة متأخرة من ليلة الاحد». على بعد 4 كيلومترات أمّا زميله مصباح الوافي (أب لأربعة أطفال) والذي يعمل في أحد المصنعين منذ تسعة أعوام ويتكبد مشقة التنقل اليومي من مسقط رأسه بئر الشاوش إلى الناظور للعمل من أجل لقمة فلذات أكباده وفي مساء يوم الواقعة تلقيت مكالمة هاتفية من أحد رفاقي يعلمني فيها باندلاع حريق بمقر عملنا فامتطيت دراجتي وسلكت الطريق إلى المصنع.. «وأضاف مصباح»: على بعد أربعة كيلومترات شاهدت سحبا كثيفة من الدخان... تملكتني رعشة وبكيت وأنا أقود دراجتي... كانت لحظات صعبة جدا... تذكرت مصير مئات العملة... مصير أطفالي... واصلت سيري وبوصولي كان المئات من المواطنين مرابطين بالقرب من المصنعين وعدد كبير من شاحنات الحماية والسيارات الامنية...مرّت ساعات عصيبة حتى خمدت النيران التي كادت تخمد أنفاسنا معها»... اطوار الواقعة وفي سياق متصل كشفت المعطيات التي جمعناها من مصادر مختلفة أنّ أحد المصنعين شهد يوم السبت الفارط أعمال صيانة لأحد الأسقف باستعمال اللّحام قام بها عاملان مختصان ولكن فجأة تناثرت شرارات باتجاه أسفل المصنع مما أدى الى اشتعال النار فحاولا السيطرة عليها بالاستنجاد بالحارسين وبعض المواطنين من بينهم عملة يقطنون قرب المصنعين ولكن حسب ما أفادنا به بعض العملة ممن تحدثنا إليهم فإن خراطيم المياه لم تعمل في تلك الفترة بسبب فقدان الماء بالخزان المخصص لمثل هذه الحالات وأيضا انقطاع الماء في تلك الفترة على بعض أحياء الناظور ومن بينها الحي الذي يقع فيه المصنعان اضافة لعدم تمكن أحد المتدخلين من استعمال قارورة إطفاء وهوما أدى الى انتشار الحريق بسرعة رهيبة وامتداده إلى كل زوايا المصنعين على خليفّة تواجد عشرات البراميل المملوءة بالمواد السائلة السريعة الالتهاب (بنزين ديليون دهن) ومواد التنظيف والمواد الاولية البلاستسكية وغيرها من المواد والالات ولولا التدخل الناجع لمصالح الحماية المدنية وفق خطة محكمة لتسربت النيران الى جناح الادارة والمساكن المجاورة ولكانت الخسائر أفدح. إيقاف العاملين بعد السيطرة على الحريق اذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بزغوان لاعوان فرقة الابحاث والتفتيش بزغوان بالبحث في ملابسات الواقعة.. وكإجراء اولي اوقفوا العاملين اللذين قاما بأشغال الصيانة على ذمة التحريات ...كذلك من المنتظر أن يستمعا لشهادتي الحارسين...وأكيد ان الساعات القادمة ستأتي بالجديد فيما يخص الواقعة. للتعليق على هذا الموضوع: