قبل أن يعلن مقتدى الصدر «تجميد نشاطات جيش المهدي مدة ستة أشهر» وبرر ذلك بضرورة «إعادة تنظيمه» تسربت أنباء قبل حوالي ثلاثة أيام من هذا القرار تفيد بأن اتفاقا سريا حصل بين قيادة جيش المهدي وقيادة الجيش البريطاني يقضي بعدم قصف مباني القصور الرئاسية في البصرة التي يتخذ منها الجيش البريطاني مقرا لقيادته وذلك بعد اعلان الجيش عن الافراج عن 40 معتقلا من عناصر التيار الصدري كانوا يقبعون في سجن الشيعة (40 كلم غربي البصرة). وقبل الحديث عن الاتفاق السري لوحظ أن المسلحين قد خففوا من قصفهم لتلك القصور الرئاسية بعد استجابة القوات البريطانية الى طلب الافراج عن أولئك المعتقلين. وتفيد الانباء بأن استجابة البريطانيين جاء نتيجة كثافة القصف الذي كانوا يتعرضون له في مقراتهم. ويبدو أنهم كلفوا وسطاء تكتمت كل الاطراف عن اسمائهم ليطلبوا من قيادة جيش المهدي كف القصف مقابل الافراج عن المعتقلين. وتقول مصادر أخرى إن الاتفاق يقضي بتخفيف حدة المواجهات بين الطرفين. وقد رأى مراقبون دوليون في كل ذلك تمهيدا لانسحاب بريطاني من العراق قد يحدث في أية لحظة. وفي ظل هذه التحاليل والاستنتاجات نفى المتحدث الاعلامي للقوات متعددة الجنسيات وجود أي اتفاق بين الطرفين. لكنه في المقابل لم يعط أي تفسير لانخفاض حدة القصف على القصور الرئاسية خلال الايام الاربعة التي سبقت قرار مقتدى الصدر «تجميد النشاط». تجميد أم تجديد؟ منذ غزو العراق في 2003 ظل الجنوب الشيعي أكثر هدوءا من المناطق السنية. ولم تتعرض القوات البريطانية المتمركزة في الجنوب الى ما تتعرض له القوات الامريكية في المناطق الاخرى وبعد الاحداث الدموية التي شهدتها مدينة كربلاء الشيعية (أكثر من 52 قتيلا و300 جريح) يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين أعلن مقتدى الصدر عن طريق مساعده حازم الاعرجي قرار تجميد نشاط جيش المهدي لمدة ستة أشهر من اجل إعادة تنظيمه. وقال الاعرجي إن الهدف من وراء هذا القرار هو إعادة تأهيل جيش المهدي الذي يقال إنه تشرذم الى فصائل تتهم امريكا بعضها بالحصول على التدريب والدعم من إيران.. وبعد ساعات قليلة أعلن الصدر أن القرار يشمل عدم مهاجمة القوات الامريكية والقوات العراقية وحث أتباعه على التعاون مع السلطات لتهدئة الموقف في كربلاء. والآن عندما نربط بين تسلسل الاحداث يحق لنا أن نتساءل، هل أعلن مقتدى الصدر هدنة مؤقتة أم أعلن عن رمي السلاح والانضمام الى «السلطات»؟