قد تكون من المرات القلائل التي يكون فيها الإعداد لمؤتمر حول الشرق الأوسط بطريقة هي أقرب إلى السرية ولولا بعض الزيارات والجولات لاعتقد البعض أن الأمر يتعلق بمؤتمر يعقد بعد أشهر طويلة وليس بعد بضعة أسابيع ..لذلك ليس هناك سوى احتمالين إما أن يكون "مؤتمر الخريف" مؤتمر المفاجآت أو مجرد استعراض للجهود الأمريكية ومناسبة للترويج ل"حسن" النوايا الإسرائيلية. فما صدر حتى الآن من تصريحات حول المؤتمر لا يعدو أن يكون عملية إلقاء الطعم للمرشحين للمشاركة خصوصا من الأطراف المعنيين بالوضع في الشرق الأوسط ومازال المراقبون ينتظرون أولى الخطوط العريضة لمؤتمر قد يكون حدثا مهما بعد سنوات عديدة تخللتها حروب وعنف وتوتر وتقتيل من فلسطين إلى لبنان والعراق ومحاولة لاستدراج سوريا إلى حرب عبر استفزازات اسرائيلية طالت العمق السوري ومازال جانب من العرب يتكهن باحتمالات الرد عليها. ولعل السؤال الملح حاليا هو :لماذا لم تكشف واشنطن المنظمة للمؤتمر عن برنامجه وعن الدول المدعوة وأهداف اللقاء وبالخصوص نقطة الانطلاق أي هل سيكون مؤتمرا لحل القضايا المطروحة عام 2007 أم أن الأمر سيتعلق بمناقشة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي انطلاقا من جذوره واستنادا إلى القرارات الأممية وبعبارة أخرى على أساس الشرعية الدولية التي تستحي الإدارة الأمريكية الحالية من الحديث عنها بالإشارة أو حتى بالتلميح؟ إنها جملة من التساؤلات قد لا تجد إجابات مقنعة في هذا الظرف الذي لا يبدو فيه اهتمام كبير من قبل الرأي العام بمؤتمر الخريف فلا الفسلطينيون وحدوا صفوفهم وحددوا مطالبهم ولا الإسرائيليون كشفوا عن "تنازلات" ولا الأمريكيون وضحوا "سقف" كرمهم مع الفلسطينيين أو مع سوريا التي يحق لها استرجاع الجولان المحتل أو مع لبنان حيث يبدو أن مزارع شبعا المحتلة قد تكون آخر الاهتمامات على ضوء الوضع الداخلي المحتقن . إن مؤتمر الخريف قد يبقى مجرد حدث عابر خاصة إذا ما قورن ببقية المؤتمرات الإقليمية الأخرى سواء تلك التي خصصت لإنهاء حرب فيتنام أو للشرق الأوسط بل إن مؤتمر مدريد المنعقد في نوفمبر 1991 كان أكثر حيوية وفتح مجالا للتفاوض على أسس الأرض مقابل السلام وهو ما لم يشر إليه المنظمون لمؤتمر نوفمبر 2007 وهذا الغموض كفيل بوضع التفاؤل في إطاره الضيق جدا. فما أهدرته الإدارة الأمريكية من فرص طيلة السنوات السبع الماضية بالتنكر لتعهداتها في حل القضية الفلسطينية وانحيازها المبالغ فيه للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني كل ذلك يجعل المؤتمر أجوف لا يرجى منه أي جديد بل يخشى أن يكون مناسبة لإضفاء الشرعية على الأمر الواقع الذي ما فتئت إسرائيل تفرضه طيلة السنوات الماضية حتى تفرغ القضية الفلسطينية من جوهرها.