تكمن المشكلة الأساسية في عدم التوصل إلى حل لأزمة الشرق الأوسط في جانب كبير - خصوصا بعد دخولها منحى التفاوض خلال العقود القليلة الماضية في عدم قدرة الحكومات الإسرائيلية على تحديد أولوية في الحل تختار عبرها الحلول الجزئية أو حل كامل الأزمة دفعة واحدة. فبعد أن كان العرب في البداية يرفضون التفاوض وحتى الاعتراف بإسرائيل في الوجود وقابله رفض إسرائيلي الاعتراف بحق الفلسطينيين في استعادة حقوقهم المشروعة أصبحت إسرائيل نفسها تدعي الاستعداد للتفاوض لكنها في الأثناء تضع شروطا لا يمكنها أن تسهل احراز تقدم خصوصا مع سوريا. وقد اعتقد الكثيرون عند انعقاد مؤتمر مدريد عام 1991 أن جلسات المؤتمر قد تؤدي إلى مفاوضات مباشرة خاصة أن المبدأ الذي استندت إليه الإدارة الأمريكية في الدعوة إلى المؤتمر هو " الأرض مقابل السلام" وكانت قضية مرتفعات الجولان السورية المحتلة الاسهل من حيث إمكانية الحل باعتبار أنها قضية ثنائية وغير مدولة مثلما هو الشأن بالنسبة للقضية الفلسطينية ككل . ولئن لعب التأكيد على الأهمية الاستراتيجية للجولان بالنسبة لإسرائيل دورا رئيسيا في رفض الانسحاب منها فإن التقدم في المسار الفلسطيني الإسرائيلي بعد اتفاقيات أوسلو كان سينعكس بالإيجاب على المسار السوري الإسرائيلي إلا أن اغتيال اسحاق رابين أدى إلى تراجعات عديدة من قبل حكومات إسرائيل. وعندما تتحدث إسرائيل عن السلام مع سوريا غالبا ما تفعل ذلك من منطلق دعائي بحت وهو ما ينطبق على قول مسؤولين إسرائيليين «أن أولمرت بعث برسائل إلى الرئيس السوري معربا فيها عن رغبته في استئناف محادثات السلام مقترحا إعادة الأراضي السورية المحتلة»، حيث يفاجأ المرء بهذه الليونة الإسرائيلية النادرة وطابعها المناسباتي أي قبل انعقاد مؤتمر أنابوليس. ولا شك أن إعادة الجولان إلى سوريا سيمثل جانبا أساسيا في تنقية الأجواء الإقليمية إلا في حالة تمسك إسرائيل بلعب دور تسميم الأجواء وتصعيد التوترات لغايات تريدها إسرائيل نفسها لفرض الأمر الواقع على الأراضي الفلسطينية وتمرير الاستراتيجية الأمريكية المستندة على "الفوضى الخلاقة ".