جملة من الأسئلة يطرحها الشارع السياسي والنقابي حول اداء الاتحاد العام التونسي للشغل ودوره في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد منذ 14 جانفي. ففي الوقت الذي تشهد فيه المنظمة اتهاما صريحا من قبل النقابيين أنفسهم وظهور وثائق وصفت " بالرسمية " على الشبكة العنكبوتية بينت تورط الامين العام للاتحاد عبد السلام جراد في عدة مسائل مالية وادارية فان نقابيين آخرين يؤكدون على سلامة التمشي النقابي للمكتب التنفيذي وتطور ادائه في التعامل السياسي الذي فرضته ثورة الشباب. وغير بعيد عن هذا المعطى او ذاك وحتى لا نتهم بالتحامل على اي طرف او اي شخص فان اسئلة عدة فرضت صداها على الشارع الوطني ولعل اهمها... هل بدات فعلا محاسبة المكتب التنفيذي للاتحاد من قبل الشارع والنقابيين انفسهم؟ وما حقيقة ما بات يعرف اليوم " بالاغلبة الصامدة " في اتهام الاتحاد بالتحريض ؟ وهل يمكن للاتحاد أن يقدم نقده الذاتي؟ لم يكن المكتب التنفيذي لاتحاد العام التونسي للشغل بمعزل عن مطالب الرحيل حيث تجددت الوقفات الاحتجاجية بساحة محمد علي بالعاصمة او بعدد من الاتحادات الجهوية ولم تخرج الشعارات المرفوعة عن تلك التي طالبت بها الجماهير بن علي يوم 14 جانفي فكان تجديد الشعار لكن بشخصية جديدة "DEGAGE JRAD " وقد اكد " اللقاء النقابي الديمقراطي " في بيان له " أن صيانة الثورة والانخراط التام في النضال من اجل انجاحها مرتبط بإزاحة التيار البيروقراطي المسيطر على عديد الهياكل النقابية للإتحاد العام التونسي للشغل وعلى رأسه جراد وجماعته عبر السعي للإطاحة بها ومحاسبة رموزها الضالعة في الفساد النقابي والمالي والعمل للتعجيل برحيلها حتى تتمكن الطبقة العاملة وعموم الشغالين من تفجير طاقاتها النضالية وتوظيفها بالكامل لتحقيق أهداف الثورة وطموحات الشعب ". ورغم هذه الوقفة أو تلك فان المكتب التنفيذي تعامل مع هذا الأمر بأسلوب فيه كثير من الحذر حيث أكد الأمين العام في تصريح خص به اذاعة " شمس اف ام " أن مسالة خروجه من هياكل الاتحاد تبقى مكفولة بمقتضى النصوص القانونية والهيكلية للاتحاد وقال" انا جيت من خلال مؤتمر ديمقراطي ... ولا يحق لأي احد أن يطالبني بالرحيل إلا النقابيين." ومن جهتها اعتبرت وجوه نقابية بارزة على غرار السيد حبيب بسباس " انه من غير الممكن الحديث عن فترة الرئيس المخلوع دون التعرض إلى القيادة الحالية للاتحاد الشغل ولا بد من التفريق جيدا بين القيادات الوسطى التي احتضنت الحراك الاجتماعي وبين قيادات المكتب التنفيذي التى تنصلت من مسؤولياتها وأعلنت أنها لم تدع إلى أي تحرك بل أنها ذهبت إلى ابعد من ذلك من خلال تهديد نقابيين بإحالتهم على المجلس التاديبي على خلفية دعوتهم إلى وقفة احتجاجية لمساندة أهالي سيدي بوزيد بعيد اندلاع الثورة." وأكد الحبيب بسباس " أن هناك من قيادي الاتحاد من حاولوا أن يوهموا الناس بانهم يتبنون الثورة واهدافها منذ البداية في حين انهم كانوا خارج دائرة فعلها بل وحرضوا ضدها احيانا وهو ما اثبتته الرسالة التي توجه بها الامين العام للاتحاد عبد السلام جراد إلى الرئيس المخلوع قبيل سقوطه من الحكم." وبين بسباس أن جراد ليس وحده المتورط في كل هذا بل يشاركه عدد اخر من قيادات الاتحاد في حين أن البعض الاخر منهم اخذ منذ البداية مسافة كافية حتى لا يتورط في اي اساءة ." ولم ينف بسباس " أن يكون الاتحاد ادات لتمرير السياسات اللاشعبية للنظام البائد والتي ادت إلى التفويت في القطاع العمومي ودعمه لمشروع المناولة." وحول ابعاد الدعوة التي قامت بها فئة من النقابيين بالدعوة إلى رحيل جراد قال "أن الجمهور يدفع بالقطع مع العهد البائد وجراد وجه من وجوهه" حسب قوله. وبخصوص ما اعتبرته ما بات يعرف اليوم " بالاغلبية الصامتة " بتحريض الاتحاد العام التونسي للشغل على الفوضى اعتبر حبيب بسباس أن " مصلحة كل المتورطين مع النظام السابق تكمن في تواصل الفوضى والتصعيد حتى يحمي المتورطون انفسهم من المساءلة حالما يحصل الهدوء." وبين المتدخل أن ما يحصل داخل الاتحاد من تدخل انما هو محاولة لتوظيف سمعة المنظمة الشغيلة بعد أن عرفت الساحة السياسية حالة من الفراغ خاصة بعد 14 جانفي موضحا أن الادوار الجديدة للاتحاد لا تلزم الا قياداته ذلك أن القاعدة النقابية لها من الوعي السياسي والنضال النقابي ما يجعلها بعيدة عن هذه الممارسات الانتهازية ." ومن جهته اعتبر الامين العام المساعد المكلف بالتثقيف والتكوين النقابي عبيد البريكي أن هناك من يسعي للقيام بحملة تشويه للاتحاد من قبل مجموعات باتت مكشوفة للراي العام الوطني. واضاف البريكي " أن الاتهامات الحاصلة تهدف إلى ضرب مواقف الاتحاد من الشان العام خاصة وانه استطاع أن يؤكد على سلامة خياراته " معتبرا أن المنظمة معنية بالشان السياسي كما هو الحال بالنسبة للبعد الاجتماعي الذي لا يمكن له الاستقرار الا في ظل قرارات سياسية تعكس خيارات الشغيلة ." مبينا أن الشان السياسي يجب أن ينفض في اطار وفاق وطني." وبخصوص مسالة الفساد اكد البريكي أن ابواب المنظمة مفتوحة لكل من يريد مراقبة الحسابات. اما بالنسبة للمؤتمر القادم للمنظمة فقد اكد البريكي " أنه سيقع التداول على المسؤوليات داخل الاتحاد مبينا في هذا الاطار " أن بعض القيادات الحالية في المكتب التنفيذي لن تترشح إلى دورة جديدة لانه سيقع الاعتماد على الفصل العاشر من قانون المنظمة