العواصم وكالات هزت انفجارات العاصمة الليبية طرابلس أمس بعد تعرضها لموجة جديدة من القصف، بينما أفادت مصادر أمريكية رسمية بأن مقاتلة أمريكية من طراز «أف 15» سقطت أمس في ليبيا. في الأثناء واصلت الكتائب الأمنية التابعة للعقيد الليبي معمر القذافي قصف مدينة مصراتة والزنتان بغرب ليبيا بينما نقلت وكالة فرانس براس أن قتالا عنيفا يدور في هذه البلدة الأخيرة الواقعة جنوب غرب طرابلس مما أدى لمقتل تسعة أشخاص، وفي أجدابيا بالشرق الليبي تدور اشتباكات بين الكتائب المتحصنة بمداخل المدينة والثوار الزاحفين لاستعادة السيطرة عليها. ولأول مرة منذ بدء فرض الحظر الجوي الدولي فوق ليبيا، انفجر الخلاف الذي كان يهدد منذ بضعة أيام حلف شمال الأطلسي، حيث أكدت فرنسا رفضها أن يحلّ الحلف محل الائتلاف الدولي في ليبيا، فيما رفضت تركيا فكرة إعطائه صلاحيات كاملة لفرض منطقة حظر جوي على الجماهيريّة.
التطورات العسكرية
وفي التفاصيل، أعلن المتحدث باسم قوات القيادة العسكرية الأمريكية بأفريقيا فينس كرولي أن مقاتلة أمريكية من طراز «أف 15» سقطت أمس في ليبيا وإنه من المعتقد أن يكون سقوط الطائرة بسبب نيران من قوات معادية، مؤكدا نجاة أحد الطيارين. بيد أن مراسل صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية قال إن السبب عطل فني نجم عنه هبوط اضطراري بأحد الحقول مما أدى لتحطم الطائرة. وأضاف أن الطيارين نجيا وهما في أيدي الثوار الليبيين. يأتي ذلك بينما أوردت قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية أمس نقلا عن مراسلها ان طائرات حربية غربية هاجمت طائرة عسكرية للقوات المسلحة التابعة للزعيم الليبي معمر القذافي كانت تحلق باتجاه مدينة بنغازي التي يسيطر عليها المعارضون. كما قصفت قوات التحالف منشآت الرادار بقاعدتين للدفاع الجوي لقوات القذافي، وتقع القاعدتان إلى الشرق من معقل المعارضة المسلحة في بنغازي. من جهتهم أعلن مسؤولون ليبيون أمس ان ضربات جوية غربية خلال الليلة قبل الماضية أصابت منشأة بحرية في شرق العاصمة الليبية ودمرت عدة مركبات عسكرية. وأخذ المسؤولون الليبيون مراسلا لوكالة الأنباء رويترز الى المنشأة فرأى أربع شاحنات حاملة للصواريخ سوفيتية الصنع مدمرة. وكانت بداخل مبنى انهار سقفه مما خلف أكواما من الركام.
قصف مصراتة والزنتان
وفيما تتواصل العمليات الجوية للتحالف الغربي فوق ليبيا، واصلت الكتائب الأمنية التابعة للعقيد الليبي معمر القذافي قصف مدينتي مصراتة والزنتان بغرب ليبيا حيث أفادت الأنباء عن سقوط عدد من المدنيين قتلى أمس في مصراتة بينهم أربعة أطفال من عائلة واحدة، بعد مقتل أكثر من أربعين أمس إثر إطلاق الكتائب الأمنية النار على حشد في وسط المدينة. ويزداد الوضع الإنساني سوءا في مصراتة بسبب استمرار الحصار والقصف، وسط انقطاع خدمات الكهرباء والمياه عن المدينة. وضاقت مستشفيات المدينة بالجرحى في ظل نقص كبير في الأدوية، وقد ناشد الأهالي توفير مستشفى عائم يرسو بميناء المدينة الذي يسيطر عليه الثوار لمعالجة العدد الكبير من الجرحى. وفي الزنتان الواقعة أيضا بالغرب الليبي والتي تتعرض للقصف من قبل الكتائب، استطاع الثوار السيطرة على غابة الكشافة شرقي المدينة، بينما تصدّوا لمحاولة دخول لقوات القذافي من الناحية الشمالية. ونقلت وكالة رويترز أن عشرة أشخاص قتلوا بالقصف العنيف للكتائب على الزنتان. وذكرت رويترز أن الزنتان تشهد نزوحا جماعيا من جانب السكان باتجاه الكهوف الجبلية هربا من القصف. وتتمركز الدبابات التابعة للقذافي لمنع خروج سيارات الإسعاف من المدينة باتجاه الحدود التونسية. ونقلت الوكالة عن أحد سكان البلدة أن عدة منازل دمرت وسقطت مئذنة مسجد، بينما أرسلت الكتائب قوات جديدة لمحاصرة المدينة التي توجد حولها أكثر من أربعين دبابة. ووصف الصحفي السويسري غيتان فاناي لرويترز القصف بأنه الأعنف منذ ثلاثة أيام. كما أفادت الأنباء أن كتائب القذافي تهاجم بثمانين آلية محملة بالأسلحة منطقتي جالو وأوجلا جنوب غرب ليبيا، واعتقلت 15 شخصا بعد مواجهات مع الثوار.
الوضع في أجدابيا
وفي أجدابيا بالشرق الليبي وصل الثوار إلى مشارف المدينة سعياً لاستعادة السيطرة عليها، وذكر مراسلون أن كتائب القذافي ما زالت تتحصن في مداخل المدينة، رغم الضربات الجوية التي سددتها قوات التحالف إليها مشيرين إلى أن الكتائب قصفت الأحياء الغربية للمدينة التي تعرضت لقصف بالدبابات وراجمات الصواريخ مما أدى إلى تدمير العديد من المنازل. وكانت قوات التحالف قصفت أول أمس كتائب القذافي المتمركزة بالمنطقة ما بين مدينتيْ البريقة وأجدابيا، وفق ما ذكرته وسائل إعلام أمريكية. كما أفاد المراسلون بأن طائرات التحالف قصفت طائرة تابعة للنظام الليبي محملة بالجنود والعتاد بين الرجمة والأبيار على بعد ستين كيلومترا شرق بنغازي. كما قصفت قوات التحالف رتلا لكتائب القذافي كان متجها نحو الشرق من مناطق الجنوب الغربي.
خلافات
في هذه الأثناء، برزت خلافات بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) على من تؤول إليه قيادة العمليات عندما تنسحب الولاياتالمتحدة من القيادة خلال أيام كما أعلنت، وسط مخاوف أمريكية من أن تنجر واشنطن إلى مستنقع عسكري جديد في بلد إسلامي. وفي هذا السياق، حذرت فرنسا التي كانت البادئة بتنفيذ الهجوم- من إعطاء الناتو دورا سياسيا في قيادة العمليات في بلد عربي، في حين دعت تركيا إلى الحد من أي دور للحلف في الهجوم. وقال مسؤول بالناتو إن فرنسا دعت خلال لقاء للحلف أول أمس إلى أن تبقى قيادة العمليات في يدها وبريطانيا والولاياتالمتحدة الأعضاء بالناتو، على أن يوفر الحلف الدعم العملياتي، بينما دعا آخرون إلى أن تكون للحلف القيادة كلها أو لا يكون له أي دور. وبررت فرنسا موقفها بصورة الناتو السلبية في العالم العربي بسبب حرب أفغانستان والاعتقاد بأن الولاياتالمتحدة تسيطر عليه. يأتي ذلك فيما وصف مسؤولون إيطاليون القيادة الثلاثية الحالية التي تضم فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة بأنها فوضوية. وحذر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني صراحة من أن بلاده ستسحب رخصة استعمال قواعدها بالعمليات إن لم تقر هيئة تنسيق يشرف عليها الناتو. بل إن رئيس لجنة شؤون الدفاع بمجلس الشيوخ نقل عنه اتهام صريحٌ لباريس بأنها تحاول بسياستها تأمين عقود نفط مع حكومة ليبية مستقبلية.