قال غوردان غراي ان الحرب على الارهاب لم تنته بموت بن لادن، وأضاف السفير الامريكي أن ما حدث لا يعني بالمرة الاسترخاء وأن الحذر سيبقى مطلوبا. وفي حديث خص به «الصباح» بعد ساعات على اعلان واشنطن نهاية زعيم تنظيم «القاعدة»، قال السفير الامريكي أن التحذيرات الموجهة للرعايا الامريكيين ليست مرتبطة بمعلومات بشأن هجمات محتملة لتنظيم «القاعدة»، واعتبر أن إيديولوجيا بن لادن سقطت وأن شباب الثورة في العالم العربي لم يستلهم أفكار زعيم تنظيم «القاعدة» عندما نزل الى الشارع مطالبا بالحرية والديموقراطية. وخلص السفير الامريكي الى أن القذافي انتهى وأنه لم يعد زعيم الليبيين «الذين يتعين عليهم تقرير مصيرهم بإرادتهم». وفيما يلي نص الحديث: حوار: آسيا العتروس
أسئلة كثيرة تطرح اليوم بعد الانباء عن تصفية زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن بعد مطاردة استمرت أكثر من عشر سنوات، فماذا يعني هذا الحدث بالنسبة للادارة الامريكية، وهل من توضيحات بشأن الموقف الباكستاني وما اذا كانت إسلام أباد علمت بالعملية التي تمت على أراضيها ومدى شرعية هذه العملية؟
كنت أود في البداية أن أشير الى أهمية الموعد الذي ينتظرنا خلال ساعات حيث سيكون اليوم العالمي لحرية الصحافة وأهمية هذه المرحلة الانتقالية التي تشهدها في تونس وأهمية موقع الاعلام فيها اذ لا حرية للاعلام بدون ديموقراطية، وكلنا يعلم أن الاعلام سلطة رابعة ولكن لا يجب أن يكون بأي حال من الاحوال جزءا من السلطة السياسية. أذكر لقاءنا الاول قبل عام، كان ذلك في نفس اليوم الذي حصل فيه أوباما على جائزة نوبل للسلام ولم يكن بالامكان أن نخوض في مسائل عديدة فلم يكن من مجال لنشرها في ظل النظام السابق. وبالعودة الى الاحداث الاخيرة فإن ساعات قليلة فحسب انقضت منذ أن راجت أخبار مقتل بن لادن ولم يتوضح الكثير من هذه الاخبار حتى الآن لاسيما فيما يتعلق بالتفاصيل التقنية للعملية وما اذا كانت السلطات الباكستانية على علم مسبق بما حدث. المهم الآن وكما سبق وأعلن الرئيس أوباما فإن العدالة تحققت «justice is done».. فبن لادن مسؤول عن قتل آلاف الابرياء. ثلاث نقاط أساسية ارتبطت بهذا الحدث أولها أنه من المهم أيضا أن يعرف العالم أن بن لادن قتل الكثيرين الى جانب الامريكيين من أتباع الديانات الاخرى بما في ذلك مسلمين ونذكر من ذلك أن العمليتين اللتين استهدفتا سفاراتنا في شرق افريقيا كان من ضحاياها أبرياء أفارقة. النقطة التالية المرتبطة بهذا الخبر أن الخارجية الامريكية أصدرت بيانا الى كافة الرعايا الامريكيين بالحذر حيثما يكونون وذلك ليس بسبب علمنا بهجمات محتملة ولكن تحسبا لأي عدوان، ف»القاعدة» لها عناصرها وأتباعها وفلولها في الكثير من المناطق. ثالثا، وبالعودة الى ما حدث في تونس في الرابع عشر من جانفي الماضي فإن هذا الحدث التاريخي كان مصدر الهام للكثير من الشعوب العربية بينها مصر وليبيا وقد شاهد العالم أن التونسيين الذين خرجوا للتظاهر ضد النظام السابق رفعوا شعارات تونسية في أهدافها وأبعادها فكانت من تونس ولأجل تونس تنادي بالحرية والديموقراطية والكرامة، ومن هذا المنطلق فإن هذا الانجاز العظيم الذي حدث في تونس لم يكن ل»القاعدة» فيه موقع.. كانت ثورة تونسية منذ البداية ومن هنا كانت أهمية امتدادها الى بقية الشعوب العربية الثائرة. ألا تعتقدون أن نهاية بن لادن لا تعني بأي حال من الاحوال نهاية الحرب على الارهاب؟ فكما هو معروف بن لادن ومنذ سنوات لم يعد يظهر كثيرا في المشهد، وفي المقابل فإن الرجل الثاني في «القاعدة» أيمن الظواهري هو الاكثر حضورا في أفغانستان، فكيف تنظرون الى الفصل القادم من هذه الحرب؟ - أعتقد أن الحرب على الارهاب سوف تستمر ولكن في المقابل فإن إيديولوجيا «القاعدة» المبنية على القتل والحقد قد تبين أنه لم يعد لها موقع وإنها ليست المحرك للشعوب في مطالبها من أجل الديموقراطية، ولو نظرنا إلى ماحدث في تونس فلا أعتقد أن شباب الثورة الذي خرج للشوارع في الرابع عشر من جانفي كان يفكر في بن لادن ولكن كانت له أهدافه وطموحاته من أجل الحرية وهذا أيضا ما حصل في مصر. في المقابل فإن هذا لا يعني أنه سيتعين علينا الاسترخاء بل يتوجب المزيد من الحذر، غير أنه بات واضحا أن أفكار بن لادن ورسائله لا تستلهم الشباب الثوري ولا تثير اهتمامه.
أول رد فعل عربي جاء من اليمن ثم فلسطين اللذين رحبا بما حدث، فكيف تقرأون هذه الرسالة؟
شخصيا لم أطلع على ردود الفعل حتى الآن، فالحدث لم تمرعليه غير ساعات ولكن اذا كان موقفهما أن ما حدث يمكن أن يكون له انعكاس على السلام في العالم فلا يمكن إلا أن أتفق مع ذلك.
لقد وفرت الحرب على الارهاب طويلا شماعة للغرب لدعم أنظمة دكتاتورية أقنعت الغرب بأنها الضامن الوحيد للامن والاستقرار في المنطقة، فكيف تفسرون ذلك، وهل مازال هذا الرهان الذي يشبه حصان طروادة قائما؟
لا اوافق على ذلك، وفي اعتقادي انه لم تكن تربطنا بالنظام السابق في تونس علاقات جيدة وقد اختار بن علي أن يكون خارج التاريخ مرة أولى عندما وقف ضد التحالف الدولي في العراق، ومرة ثانية عندما قمع طموح شعبه في الديموقراطية والحرية ولم يحترم حقوق الانسان. وقد كنا ننشر سنويا تقريرا خاصا بالحريات وكل ما فيه موثق فيما يتعلق بقمع الحريات، كما أذكر أنه وبعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة لم يوجه أوباما برقية تهنئة إلى بن علي.
ولكن الأمر في العراق ليس كما يبدو وأغلب العالم العربي وقف ضد اجتياح العراق آنذاك، فهل يمكن القول بأن أمريكا كانت تبحث عن بن لادن في شخص صدام حسين وهو الذي كان حليفا لأمريكا ضد إيران في وقت ما؟
لا أعتقد أن صدام كان حليفا لأمريكا كما لا أعتقد أن هناك ترابطا بين بن لادن وصدام، ولكن «القاعدة» حاولت أن تؤثر على المشهد العراقي بشكل مباشر من خلال الهجمات والاعتداءات الدموية التي استهدفت الأقليات وعمدت الى جر العراق إلى حرب عرقية.
السلطة الفلسطينية لم تتأخر بدورها في الإعراب عن موقفها من زعيم «القاعدة»، فكيف تفسرون معارضة واشنطن المصالحة بين «حماس» و»فتح» والحال أن «القاعدة» لا وجود لها في فلسطين؟
أعتقد أن موقفنا واضح في هذا الشأن، وقد قلنا سنرى ما الذي يمكن أن تفضي اليه المصالحة وما يمكن أن تعنيه هذه المصالحة وما إذا كانت «حماس» ستتخلى عن مواقفها السابقة.
باعتبار أن «حماس» جزء من الشعب الفلسطيني ولامجال لإلقائها في البحر، فإن الاسلاميين في المغرب العربي وفي تونس أيضا باتوا جزءا من المشهد السياسي الراهن، فهل ستكون لواشنطن اتصالات مع الاسلاميين عموما ومع «النهضة» خصوصا؟
كانت لدينا اتصالات ومحادثات مع ممثلين من المجتمع المدني ومن ممثلي الاحزاب السياسية الملتزمة بالمسار الديموقراطي وبالعقلية الديموقراطية، وبالطبع فإن «النهضة» كانت من بين هذه الاحزاب التي نلتقي بها ونتحادث معها.
هل كان ذلك قبل الثورة أم بعد الثورة، وهل من مجال للاطلاع على الأسماء.. ف»النهضة» يصرون على نفي هذه اللقاءات من جانبهم؟
قبل وبعد الثورة وقد كانت لنا لقاءات ومحادثات مع أعضاء من «النهضة» ولا أفهم لماذا يتكتمون على ذلك. من جانبي لا أريد كشف أية أسماء فهذا ليس من مهامي وعلى «النهضة» أن تتولى الكشف عن ذلك بإرادتها. وللتذكير فقد وجب التوضيح بأنه من حق الديبلوماسي إجراء لقاءات ومحادثات خاصة مع أية تنظيمات حزبية أو سياسية.
الآن وعلى وقع التغييرات التي حدثت عقب ثورة تونس، ما الذي سيتغير في توجهات السياسة الخارجية الامريكية؟
الافضل أن نتحدث عن تونس المثال الذي أعرفه أكثر، فقد كان من الصعب علينا أن نتعامل مع النظام السابق وليس سرا أنه قبل 14 جانفي لم يكن من السهل أن نلتقي ممثلي المجتمع المدني الذين كانوا يتعرضون للكثير من الضغوطات والملاحقات وقد كان من الطبيعي أن نكون حريصين على عدم تعريضهم لأي سوء، لكننا اليوم وفي المناخ الجديد من الشفافية والديموقراطية نجد في الحكومة الانتقالية استعدادا للتعاون والحوار وسيكون من الأيسر علينا أن نحدد سياستنا الخارجية وفق تطلعات التونسيين واحتياجاتهم في هذه المرحلة.
كيف يمكن للمشهد الراهن في ليبيا أن يؤثر على هذه التوجهات؟
من موقعنا ندرك حجم الضغوطات والعبء الكبير الذي تتحمله تونس نتيجة الوضع في ليبيا، وندين بشدة أية عمليات عسكرية على التراب التونسي الذي يجب احترام حدوده. نتذكر أنه مباشرة بعد مغادرة بن علي كان خطاب القذافي مصدر انشغال كبير ولكن سواء كان القذافي يدرك أو لا يدرك ما حدث فإن الثورة في تونس التي أطاحت ببن علي ونظامه جعلت الليبيين يتساءلون لما لا يكون القذافي؟! ومنذ البداية كان القذافي مصدر انشغال كبير والتونسيون كما الامريكيون صدموا جراء استعمال القذافي السلاح ضد شعبه ولكن من جانبنا فقد انبهرنا بمدى كرم وجود الشعب التونسي الذي استقبل في البداية عشرات الآلاف من اللاجئين القادمين من ليبيا قبل هروبهم أو اجلائهم الى دولهم، وهذا الشعب هوالذي يفتح اليوم البيوت لاحتضان آلاف الليبيين الهاربين من القصف. كل ذلك الى جانب أكثر من ثلاثين ألف عامل تونسي عادوا من ليبيا في الفترة الاخيرة بما يجعل الحمل أشد وطأة على تونس في مرحلة تمر بها بصعوبات اقتصادية لا يستهان بها.
وماذا عن السيناريوهات المرتقبة في المرحلة القادمة في ظل الانتقادات الموجهة للحلف الاطلسي؟ وإلى أي مدى يمكن أن يستمرهذا الوضع؟
ندرك مدى خطورة الوضع ولكن من المهم أن نفهم أيضا أن العملية العسكرية الجارية في ليبيا لا تلزم الحلف الاطلسي وحده. هناك تحالف موسع يشمل دولا عربية تشارك في هذه العمليات بناء على قرار لمجلس الامن الدولي حظي منذ البداية بموافقة الجامعة العربية لحماية المدنيين، وقد أمكن بالفعل انقاذ أرواح الآلاف في بنغازي بسبب هجمات قوات القذافي. أما فيما يتعلق بموعد تخلي القذافي عن السلطة فهذا ما لايمكن التكهن به، ولكن يمكنني القول بأن القذافي لم يعد زعيم ليبيا وسيكون بإمكان الشعب الليبي أن يقرر مصيره، فلديه من الامكانيات البشرية والطبيعية ما يجعله يطمح لحياة أفضل، فليس من المعقول ولا من المفهوم كيف أن نظام القذافي لم يقدم لهذا الشعب وضعا مغايرا.