ترددت في أوساط الأطباء الشبان الناجحين في مناظرة التخصص في الطب المعلن عن نتائجها يوم 20أفريل 2011 أخبار عن تعمد وزارة الصحة العمومية حجز شهائد النجاح والامتناع عن تسليمها في محاولة للضغط عليهم للقبول بالعمل الالزامي لمدة سنة بإحدى المناطق الداخلية التي تشكو نقصا في الإطار الطبي المختص. وهو ما أثار حسب الأصداء التي بلغتنا موجة استياء المعنيين وانتقاداتهم جراء الربط بين تسليم الديبلوم (بعد 11سنة من التكوين) والخدمة الاجبارية لفائدة المناطق الداخلية التي لا يرفضها هؤلاء الأطباء لكنهم يريدون حسب بعض الشهادات تشريكهم بالرأي والمقترح في معالجة ملفها والوقوف على الأسباب الحقيقية التي تحول دون العمل بها ومنها ظروف العمل الصعبة من فقدان لأبسط التجهيزات والمعدات إلى غياب فرق العمل المتكاملة وتراكم العمل على كاهل طبيب واحد.. وهي عوامل مهما تكن الإغراءات المادية تظل مؤثرة للغاية في تحديد اختيار وجهة العمل. ويرى البعض أنّ تداعيات التهميش والتمييز التنموي لمناطق العمق على مدى عقود لن تحل برمتها في فترة انتقالية وجيزة ترتبط بانتهاء مدة الحكومة المؤقتة لما تتطلبه من معالجة جذرية ومعمقة . إلى هذا المأخذ كان هناك استياء مما اعتبره أحد المحتجين مسّا من وزيرة الصحة بوطنية الأطباء. وبتقصي موقف الوزارة من "حجز" الشهائد علمت الصباح- من مصادر صحية مطلعة أن المسألة لا أساس لها من الصحة وأن ربط تسليم الديبلوم بمباشرة العمل داخل الجمهورية لم يطرح بتاتا على 480 ناجحا في امتحان التخصص وبالتالي لم يقع رفض امضائه أو تسليمه. وتأكيدا لذلك أفادت ذات المصادر بأنّ وزيرة الصحة العمومية تولت إمضاء كافة شهائد ختم التخصص وتمت إحالتها على وزير التعليم العالي للتوقيع على اعتبار أن الإجراءات المنظمة لهذه العملية تتطلب توقيع الوزارتين قبل تسليمها الذي يستغرق عادة بعض الوقت. وفي انتظار استكمال هذا الإجراء اقترحت الوزارة تمكين أصحاب هذه -الديبلومات من شهادة نجاح لاعتمادها عند الحاجة. وأضافت ذات المصادر أنّ الوزارة أوضحت موقفها المفند لهذه التأويلات في بلاغات صادرة على صفحتها بالموقع الإجتماعي "فايس بوك"رفعا لكل التباس. وبخصوص "التشكيك في وطنية" أطباء الإختصاص الشبان فندت مصادرنا هذه المزاعم معتبرة أنّ اللقاء الذي جمع وزيرة الصحة العمومية بدفعة 2011 من الناجحين في طب الاختصاص منذ أيام كان مناسبة لإعلامهم بأنّ أولوية الانتدابات موجهة بالأساس نحو المناطق المحرومة والتي تشكو نقصا في طب الاختصاص وتم استعراض مجمل الاجراءات والحوافز التي أقرتها الدولة للانتصاب بالعمل بها بعيدا عن أية مساومة أو ضغط بالديبلوم لحملهم على الالتحاق بالعمل في هذه الربوع ودون كذلك المس من وطنيتهم باعتبار أن الوزيرة التي كانت تتحدث في هذا الشأن لإحدى الإذاعات الخاصة لم تكن ترمي لإعطاء دروس في الوطنية -كما فهمه خطأ البعض- وإنما كانت تلمح - حسب مصادرنا-إلى الاحتكام إلى الواعز الوطني للمساهمة كل من موقعه في النهوض بالمناطق الداخلية وتقديم الخدمة الصحية لكل تونسي حيثما كان بعيدا عن المس بوطنية أيّ كان.. في سياق متصل أوردت مصادر عليمة ب"الصحة العمومية" أن باب الحوار كان ولا يزال مفتوحا ويد الوزارة ممدودة أمام كل الأطراف للإصغاء والتحاور في كنف الاحترام حول ملف طب الإختصاص بالمناطق الداخلية الذي يعد حسب وصفه من الملفات الشائكة المطروحة. معددا اللقاءات الأخيرة التي جمعت مسؤولي الوزارة بالدفعة الجديدة من أطباء الاختصاص لبسط حاجة المناطق الداخلية للاختصاصات التي تعوزها وإطلاعهم على الخطط التي تم فتحها في الغرض بعيدا عن أيّ منطق إكراه أو ضغط على أيّ كان بواسطة الديبلوم. وأوضح أنّ طبيعة الاجراءات التي يخضع لها تسليم هذه الشهادة من ذلك التحري من الأسماء والإمضاء عليها من طرف وزيري الصحة والتعليم العالي تستغرق عادة وقتا طويلا نسبيا وتسليمها يتم مباشرة ودون مماطلة باعتبارها حقا لكل متفوق في الامتحان الوطني وفي الأثناء يتم اسناد وثيقة أو شهادة نجاح لكل من يطلبها. هكذا إذن وعلى أهمية موضوع طب الإختصاص والحاجة المتأكدة لخلق توازن بين الجهات من هذه الكوادر وتوسيع نطاق تواجدها فإن الحوار والتشاور يبقى الحل الأنجع حتى يخرج الملف من عنق الزجاجة ، علما أن اللقاء تم برمجة عقده مساء أمس بإشراف نقابة الأطباء المقيمين والمتربصين للنظر في عدد من المسائل المهنية.