صالح عطية تنهي اليوم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين مؤتمرها الذي سيتمخض عن مكتب جديد لقيادة النقابة خلال المرحلة المقبلة. ورغم أن الإعلام شهد تجاذبات واسعة ومخاض كبير بلغ حدّ الانفلات منذ قيام ثورة الرابع عشر من جانفي، إلا أن ذلك لم يؤد بالضرورة إلى إنتاج مؤشرات حرية تعبير وإعلام واضحين، فما يزال سقف الحريات دون استحقاقات الثورة التي كسرت النمطية و"إعلام الزعيم"، لكنها لم تفرز في النهاية إعلام الرأي العام الذي طالما حلم المجتمع التونسي والنخب والطبقة السياسية به على امتداد نحو ستة عقود. فما يزال الإعلام يئن تحت وطأة تابوهات وممنوعات كثيرة، وما تزال "ماكينة" الرقابة تفعل فعلها في صحافتنا المكتوبة والمسموعة والمرئية، وما يزال "البوليس الإعلامي" جاثما على صدورنا، ومتغلغلا في عقولنا، ومؤثرا على أقلامنا، يقلبها في اتجاه الحفاظ على السباق والدور والوظيفة التي كانت سائدة في المرحلة السابقة، لأن كسر هذا الدور وتلك الوظيفة، سيؤديان إلى خلخلة البنى التي أقيمت عليها بيت العنكبوت، التي امتدت خيوطها لعقود طويلة حتى كادت تتحول إلى قاعدة، والحرية الصحفية استثناء، في عالم يتعولم ويتحرر بسرعة شديدة، فيما الجسم الصحفي التونسي يتآكل، والحرية تتراجع، وسط تنامي تطلعات الأقلام الشابة، التي فتحت أعينها على الشبكة العنكبوتية، واتخذت منها معولا لهدم بيوت العنكبوت التي عششت في كل ركن وزاوية. أمام الصحفيين المجتمعين في مؤتمر نقابة الصحفيين، خيار واحد لا بد أن يهيمن على أشغال المؤتمر، إنه الحرية الإعلامية للتونسيين، الحرية التي تؤسس للمرحلة الانتقالية، فتكون الأساس للديمقراطية والتنمية العادلة والقضاء العادل والمستقل، والأمن المنحاز للمجتمع. من هنا يمكن أن يكون للمؤتمر معنى وغاية، ومن هذا المنطلق يمكن أن نؤسس لنهج إعلامي جديد، لأن ما نلاحظه اليوم في بلادنا، هو إعلام لم يستوعب اللحظة الثورية الراهنة التي أنجزها شعبنا، ودفع من أجلها الشهداء والدماء الغالية التي لا تنزف إلا في مناسبات قليلة، لكنها لا بد أن تكون الشمعة التي تضيء دربنا في قادم السنوات. إنه التحدي أمام مؤتمر الصحفيين.. فهل من مستجيب؟