أنهت جميع الأحزاب والتشكيلات المستقلة تقديم ترشحاتها لانتخابات المجلس التأسيسي وقد تحصلت جلها على الوصولات النهائية التي ستمكنها من خوض غمار التجربة "الديمقراطية". وبالرغم من الخصائص المتميزة لكل الدوائر التي ضمت عددا من المترشحين من الأحزاب أومن شخصيات مستقلة معروفة، فان دائرة تونس2 تبقى الأبرز نظرا لما يكمن أن تشكله هذه الدائرة من تأكيد على أهمية الصراع الذي تتخبط فيه جل الأحزاب للوصول إلى التأسيسي انطلاقا من هذه البوابة التي شدت الأسماء المترشحة فيها أنظار المتابعين. وبعيدا عن الدعاية السياسية لهذا الطرف أو ذاك فان الأسماء المترشحة يبقى لها من الوقع السياسي ما يكفيها للحصول على مكان ضمن التركيبة القادمة للمجلس التأسيسي على غرار راضية النصراوي عن قائمة البديل الثوري لحزب ( العمال الشيوعي التونسي) سعاد عبد الرحيم عن (حركة النهضة) احمد نجيب الشابي عن (الحزب الديمقراطي التقدمي) أحمد إبراهيم عن (القطب الديمقراطي / حركة التجديد) خليل زاوية عن (التكتل) عبد الفتاح مورو (مستقل) احمد الصديق عن (قائمة ائتلافية ميدانية /حزب الطليعة العربي) علي اللافي عن (حزب التحالف الوطني للسلم والنماء ) عادل القادري (حركة الوحدة الشعبية). واعتبرعدد من المتابعين أن السبب المباشر لترشح عدد من الاسماء عن احزابهم هو ما يحمله هؤلاء من صيت لدى المواطن العادي الذي كثيرا ما عرف بعض الاسماء انطلاقا من السب والثلب الذي كانت تطلقه الة الدعاية الاعلامية للرئيس المخلوع ضدهم وهو ما عجل بان يكون عدد من المترشحين بمثابة " النجوم " لدى المواطنين على غرار الوجه الحقوقي راضية النصراوي التي ترشحت "كمستقلة " ضمن قائمة البديل الثوري عن حزب العمال الشيوعي التونسي. وبالعودة إلى الأسماء المترشحة فان دائرة تونس2 تبقى الوحيدة التي عرفت ترشح الممثلين الاول لاحزابهم على غرار احمد ابراهيم واحمد نجيب الشابي واللذين شاركا في وقت سابق ضمن حكومة محمد الغنوشي الثانية. أما فيما يتعلق بمرشحة النهضة سعاد عبد الرحيم والتي ترأست قائمة تونس2 فقد اعتبر عدد من الملاحظين أن النهضة اعتمدت استرتيجية ذكية في هذا الشأن حيث خيرت ترشيح اسم معلوم لدى الأوساط المتابعة خاصة الطلابية منها مطلع التسعينات وقد جمعت هذه المراة حولها الاجماع من اليمين إلى اليسار وقتها. وهوذات الامر الذي اعتمده الاتحاد الوطني الحر اذ كان من المقرر أن يترشح الناطق الرسمي باسم الحزب محسن حسن عن دائرة تونس2 غير أنه تم ادراج اسمه للترشح بدائرة المهدية. وبخصوص ترشح كل من عادل القادري واحمد الصديق فان حزبيهما يعول كثيرا عن اشعاع شخصية كل منهما نظرا لارتفاع اسهمهما السياسية ومشاركتهما في كل التحركات الميدانية. من ناحية اخرى اعتبرت اطراف اخرى أن ترشح وجوها سياسية بدائرة تونس2 يعود بالأساس الى مقر سكن هؤلاء، واذا اخذنا بعين الاعتبار أن تونس1 تمثل الأحياء الشعبية (باب سويقة،السيجومي، الزهور، الحرايرية، سيدي حسين، باب الخضراء) وأن تونس2 تمثل الضواحي الراقية ( قرطاج ، سيدي بوسعيد ، المرسى، النصر) ، فان أغلب هذه الوجوه السياسية ، التي تدافع عن الفئات الشعبية الكادحة،هي تقطن في الضواحي الراقية للعاصمة، ويقترعون في هذه الأماكن، وهذا ربما يمكن أن يجسد الرخاء الذي يعيشون فيه بعض المترشحين، الشيء الذي لا يمنعهم بطبيعة الحال عن رفع صوت العدالة الاجتماعية والتصدي للفقر والتهميش. ولكن من الغريب أنه بقدر ما نجد رموزا محلية مترشحة في سيدي بوزيد والقصرين ، فان العدد الأكبر من الوجوه السياسية الوطنية ، لم تترشح في هذه الدوائر ، رغم الثقل السياسي والرمزية الاعتبارية لهذه الجهات، ورغم سماح القانون الانتخابي بذلك، ربما خوفا من سلوك الناخب في الجهات التي اندلعت فيها الثورة والذي لم يعط الثقة بعد لرجالات السياسة، وربما كذلك لبعض المعطيات والعلاقات التي تجمع بين هؤلاء المترشحين، وبين متساكني هذه الأحياء الراقية.