لم يدم احتجاب الإدارة العامة للبرامج صلب وزارة التربية كهيكل قائم بذاته طويلا وفقا للتصور الوارد بالقرار الصادر في ديسمبر2009 والمتعلق بإعادة هيكلة البيت التربوي حتى بادر وزير التربية في الحكومة الانتقالية الطيب البكوش بإعادة استقلاليتها وإفرادها بإدارة عامة كما كان الحال سابقا قبل الخطوة التي أقدم عليها سلفه وارتأى فيها الاستغناء عنها على أساس توزيع مشمولاتها على مختلف المراحل التعليمية وتكليف الإدارة العامة للتعليم الابتدائي ونظيرتها بالتعليم الإعدادي والثانوي بضبط البرامج المدرسية كل في ما يهم طبيعة المرحلة التي تخصّها على أساس أنّ كل مرحلة تعليمية لها خصوصياتها على مستوى البرمجة وهي أدرى بها. ووفقا لوجهة نظر وزير التربية الحالي فإن مثل هذا الطرح لا يستقيم ولا يكتسي جدوى بيداغوجية بل إن غياب إدارة البرامج يعتبر على حد تعبيره في بعض اللقاءات الإعلامية "من بين النقائص التي وقف عليها والتي تستوجب التدارك السريع" وقد حرص على تعزيز مشمولاتها بملف من الوزن الثقيل يهم التكوين المستمر الذي ترى بعض مصادرنا أنه يشكل العصب الرئيسي للبناء التربوي ولتطوير الكفاءات المهنية لأعوان التربية والمدرسين والإداريين بالمؤسسات التعليمية وفتح آفاق أرحب أمامهم في الترقية... هكذا إذن وبمقتضى التنقيح المدرج على قرار تنظيم هيكلة الوزارة الذي كان صدر موفى 2009 ينص التحوير الجديد الصادر بالعدد الأخير من الرائد الرسمي على تخصيص إدارة عامة للبرامج والتكوين المستمر تكلف بضبط المواصفات والمراجع المنظمة لمختلف المهن والوظائف المرتبطة بالتعليم المدرسي وتطويرها. إلى جانب ضبط إطار المرجع المنهجي لإعداد البرامج المدرسية وإدخال التجديدات في ميادين التنظيم البيداغوجي.. وإعداد كراسات الشروط الخاصة بإنتاج الكتب والوسائل التربوية. علما أنّ التوجه الجديد الذي تم الإعلان عنه صلب الوزارة بالنسبة لإنتاج الوسائل التعليمية والقطع فيها مع محتويات ومضامين بعض الكتب المكرسة للدعاية للنظام السابق سيعتمد آلية طلب العروض وتكوين لجنة محايدة لاختيار أفضل العروض في إنتاج الكتب للسنة القادمة وستصدر في هذا الغرض توصية للحكومة القادمة للأخذ بهذا المقترح والعمل به. هكذا إذن بدأت رياح الإصلاح الهيكلي بعد الثورة تهب على البيت التربوي والذي شهد خلال الصائفة موجة من الإجراءات الحاسمة في أكثر من مستوى قطعت مع السائد والمألوف. يبقى أن المطلوب اليوم من الوزارة أن تفتح مطبخها الرئيسي للإصلاحات التربوية الجوهرية على محيطها الخارجي والاستئناس في ما تعده من طبخات بمختلف الآراء دون استثناء ليكون التوافق ميزتها الأساسية وتجنب الوقوع في القرار ونقيضه وإقرار جملة من البرامج ثم العدول عنها وهو ارتجال دفع ماضيا ويدفع حاضرا ثمنه التلميذ والمربي.