إثر موجة البرد الأخيرة، التي اكتسحت خاصّة مناطق الشمال والوسط الغربي للبلاد دون سابق إنذار ورغم أنف معهد الرصد الجوّي- الفقيرة والمهمّشة والمحرومة، والتي فاجأتنا في مرحلة سياسيّة ساخنة تمر بها الساحة الوطنيّة، كان لنا لقاء مع أحد المتضررين المشهورين بالبؤس والاحتياج، دون اعتصامات أو احتجاج.. الاسم "مواطن" واللقب "تونسي"، المهنة "عامل" من عوامل انتشار البطالة والأزمات الاجتماعيّة.. من مواليد حقبة "الحكم الرشيد"، ذو خبرة وتجربة طويلة ونموذجيّة في "تحرير مطالب التشغيل" والتنقل بين مكاتب المسؤولين والحضائر البلديّة لأشهر طويلة وسنين.. سألناه عن حاله بعد الجائحة الطبيعيّة التي نزلت عليهم ثلجا وبردا وحطاما، وعن تقييمه لآداء السلط المعنيّة والجمعيّات الخيريّة في إغاثة المناطق المنكوبة وإعانة أصحاب الحالات الاستعجاليّة والحاجات الخصوصيّة.. فذكر لنا السيّد "مواطن" أنّه لايهتمّ حاليّا إلاّ بالحسابات الشخصيّة والأحزاب السياسيّة والتوجّهات الإيديولوجيّة.. مبديا انبهاره الكبير ببيان الباجي قائد السبسي، ومتابعته الحينيّة لآخر مستجدّات التحالفات الحزبيّة، معبّرا في ذات الوقت عن استبشاره بالوسطي الجديد وزيارة الجبالي للسعوديّة ودورة المرزوقي المغاربيّة.. وفيما يخصّ الديبلوماسيّة الخارجيّة، عبّر لنا "التونسي" عن بالغ فرحته بطرد السفير السوري وتأثيره الإيجابي على حالته النفسيّة، وقال أنّ القرار جاء استجابة لتطلّعات ومطالب العاطلين عن العمل من كافّة الشرائح التونسيّة. كما أبدى محدّثنا، وهو في حالة متوّترة جدّا، وقد دسّ جسمه النحيف في "سروال" و"سوريّة" صنعا في الصين.. ولكن بسلعة تونسيّة، عن تخوّفه الكبير من زيارة الداعية وجدي غنيم وجولته في عدد من ولايات الجمهوريّة.. وقال بأنّه يخشى على المعامل والمصانع والمشاريع التنمويّة من التيّارات "السلفيّة"، كما يخشى على الأخلاق الحميدة والشباب "العاطل عن الزواج" من إحدى الصحف اليوميّة التي نشرت في صفحتها الأولى صورة "إباحيّة".. وشدّد على وجوب تحرير الإعلام وخاصة التلفزة الوطنيّة من الوصاية الحكوميّة. وأفاد بالأثر السيّء لكلمة "المؤقت" في نفوس فقراء وبؤساء الأرياف والمناطق الداخليّة، ونادى بحذفها من تقارير النشرات الإخباريّة.. "مواطن" أضاف أيضا أنّه مصدوم من تصريح وزير الثقافة بإقصاء "نانسي" و"عليسة" من قرطاج وأكّد أنّ "الفنّانتين" تتمتعان بقاعدة شعبيّة واسعة من العاطلين عن العمل لاسيما من أصحاب "الشهاوات" العليا.. في ذات السياق، عبّر لنا ضيفنا عن عدم اهتمامه بملفات التشغيل والتنمية وشهداء وجرحى الثورة وقال بأنّ لهم "ربّ يرحمهم ويحميهم"، وأكّد أنّ ارتفاع الأسعار لايعنيه باعتباره لا يتسوّق إلاّ مرة في الأسبوع لا يشتري فيها شيئا.. كما حمّلنا مسؤوليّة التبليغ عنه أنّه شاهد بأمّ عينيه أنّ القناصة إشاعة، وليست قضيّة الساعة، وأنّ الداخليّة "نظيفة عفيفة" ولا تستحق غير "كنسة" طفيفة، وأنّ القضاء مستقيل عن التجاذبات السياسيّة ومستقلّ رغم التقلّبات المناخيّة. وقد أكّد السيّد "مواطن تونسي" في الختام إثر سؤال "بوليسيّ" عن انتمائه الفكري والسياسي، أنّه إسلامي، علمانيّ، قومي، ليبيرالي حرّ، وأنّه كلّ لا يتجزّأ ولا يريد غير العمل والعيش بكرامة.. دون ضريبة أو غرامة..