ضيف اليوم هو المدرب المحنك المختار التليلي الذي يبقى بشهادة الجميع واحدا من الإطارات الفنّية التونسية الذّي كرّس من وقته أكثر من 45 سنة في ميدان التدريب مرورا بالمنتخب الوطني واكبر الأندية من الشمال الى الوسط والجنوب... كما انه حصد العديد من الألقاب ليكون علامة مضيئة في كرة القدم التونسية.. استضفناه ليتحدّث عن أسرار لم تنشر من قبل وكعادته كان جاهزا للدفاع عن مواقفه الثابتة والإجابة عن الأسئلة التي طرحناها عليه والتي أفرزت هذا الحديث الشامل:
* لو نبدأ الحديث عن الانتخابات القادمة للمكتب الجامعي؟ إذا كنت قد قضيت قرابة نصف قرن في ميادين الملاعب التونسية كمدرب وفني محترف مرّ بعديد الفرق والمنتخبات الوطنية فإنه من حقي إبداء تصوراتي في انتخابات المكتب الجامعي ومادمنا اليوم في قلب معمعة "التكمبين" في القائمات فإني أتأسف لوجود وجوه تجمعيه ما زالت تبحث عن المناصب والكراسي لدخول المكتب الجامعي رغم فشلهم في التسيير وهنا أسمي الأشياء بمسمياتها وأعني علي بعبورة. * ولماذا كل هذا التجني على بعبورة؟ لسبب بسيط.. فهذا الرجل أستعمل شماعة الانتماء للتجمع المنحل ليقصي غيره وليبرز في شكل البطل في حين أن كل التونسيين يعلمون أنه وأمثاله كانوا في خدمة النظام البائد ولم يكن في يوم من الأيام منسلخا مثل السادة المنصف المرزوقي أو مصطفى بن جعفر أو صحابو أو بن بريك أو الشابي، او حمّادي الجبالي وغيرهم وشخصيا أقول لا مكان له في أيّ منصب بعد ثورة 14 جانفي * أيهما أهم انتخاب الشخصنة.. أم التصويت لبرامج القائمات المقدّمة للمصوّتين للنهوض بكرة القدم التونسية في الانتخابات القادمة للمكتب الجامعي؟ - في تصوّري فان الأشخاص والبرامج القيمة للنهوض بكرة القدم التونسية يتوازيان، لكن هذه المرّة وعلى عكس السنوات الماضية والتقاليد الملتوية التي كانت تعتمد، فان الانتخابات نريدها شفّافة ونزيهة ومتميزة وبدون ضغوطات لإنجاح هذا العرس الرياضي. وهذا يمرّ حسب رأيي بان تلتزم سلطة الإشراف بدورها دون تأثير أحد أفرادها على الأندية للتصويت لفلان على حساب فلتان لان ما يتردد حاليا في الكواليس هو شيء خطير وسيعيدنا نصف قرن إلى الوراء. * هو حديث الصراحة وبلا أقنعة.. فهل تقصد أن جلال تقية المستشار الحالي لوزير الرياضة هو الذي بصدد التحرك للضغط على الأندية؟ هذا الرجل الذي يعمل اليوم في هذه الخطة احترمه وأكن له كلّ التقدير وعلاقتي به بدأت منذ أن كان لاعبا تحت إشرافي في الترجّي الرياضي. لكن ما حصل له أثناء تواجده في المكتب الجامعي السابق وطريقة خروجه وموقف الأعضاء من رفض عودته إلى منصبه فان ذلك يمكن أن يجعله،، يلعب لفائدة أطراف على حساب أخرى وهذا ما يخشاه الرأي العام الرياضي بحيث علينا أن نترك الرياضة للرياضيين الذين لهم من الخبرة والكفاءة والإلمام والمعرفة الشيء الكثير حتّى يساهموا في دفع قاطرة الرياضة التونسية ولا بجرّها إلى الوراء والفاهم يفهم.. * يؤاخذك البعض على انّك انتقدت في السابق المدرب نبيل معلول لكنه حقق ما لم يحققه غيره. كما انك انتقدت المدرب الوطني سامي الطرابلسي لكنه نجح فكانت تقديراتك خاطئة فماذا تقول؟ كرة القدم ليست بعلم صحيح وهي رهينة ظروف ومعطيات معينة فنبيل معلول لمّا فشل مع اولمبيك الكاف والنادي البنزرتي والنادي الإفريقي فان الجمهور التونسي أقرّ بفشله ولما جاء إلى الترجّي الرياضي حصد 3 ألقاب هي الأحلى والأروع في تاريخ الأحمر والأصفر مؤكدا جدارته ليكون مدرّبا كبيرا ومن ينكر نجاحاته فهو حقود ويكن لهذا الرجل حسابات ضيّقة. وبخصوص المدرب سامي الطرابلسي فلا يمكن مقارنته بنبيل معلول لا في الشهادات ولا في الخبرة ولا في قوة الشخصية وحتّى النجاح الذي حقّقه في "الشان" فليس مقياسا لقيمته العالية ناهيك أن سجلّه في التدريب يساوي لا شيء في صلب الأندية ونتيجته مع المنتخب في النهائيات الإفريقية الأخيرة تؤكد محدودية مستواه التكويني وهو ما يدفعني لأصرّ على موقفي بأنه مدرب فاشل وأكثر من ذلك فاني أتحداه لو يقدر التحكم والسيطرة على كبار اللاعبين في المنتخب. * أين وصلت قضيتك العدلية بينك وبين الوزير الحالي طارق ذياب؟ قبل الدخول في التفاصيل التي لم تعد هامة، عليّ أن أوضح للرأي العام الرياضي أن طارق هو واحد من أبنائي الذين درّبتهم في السابق في صلب الترجي الرياضي والمنتخب الوطني لكنّي أقول الله يهدي "القناصة" بعدما غالطوه، فكانت لحظات تشنج وصلت إلى أروقة القضاء، وهنا لمّا سمع رئيس الجمعية حمدي المؤدب فانه تدخل شخصيا وطلب مني سحب قضيّتي التي رفعتها ضد طارق وتنازلت احتراما منّي لهذا الرجل والحمد لله أن الصفاء قد عاد بيني وبين طارق ليسدل الستار على هذا الموضوع. * الجمهور الرياضي التونسي عرفك مدربا ومحللا رياضيا فما الفرق بين التدريب والتحليل؟ البون شاسع بين التدريب والتحليل الرياضي، وما نراه اليوم في بعض قنواتنا التلفزية من بعض المحللين شيء مزر لأن رأس مال البعض من هؤلاء هو 4 أوراق وقلم ويكفي معرفة بعض المصطلحات حتّى لو كانت دخيلة على التونسيين لتتحوّل إلى محلل رياضي على غرار كلمة اعتقد.. ولاعب ارتكاز.. والتنشيط الدفاعي والهجومي.. ورأس الحربة.. وبناء الهجمة.. واللعيبة على الطريقة الخليجية ومع الأسف هذا رأس مال بعض المحللين المتواجدين على الساحة وجلهم لم يمارسوا كرة القدم ولن يصبحوا مستقبلا مدربين للأندية لكونهم يفتقرون لأبسط قواعد التحليل الرياضي التي تشد المتفرج التونسي ومع ذلك فان هذه الفئة القليلة والحمد لله نراهم يتميّزون بحفظ أسماء اللاعبين ويسردونها وكانها محفوظات في التعليم الابتدائي. * من بين هذه الفئة التي تتحدث عنها هل نجد أحمد المغيربي مثلا؟ بالعكس المغيربي هو أفضلهم على الإطلاق لكونه كان لاعبا وقائدا لفريقه وللمنتخب الوطني كما انه كان مدرّبا و"شبعان" كرة ووجوده في قناة نسمة أعطى الإضافة لبرامجها الرياضية فهو يحلل بلا أوراق و بلا أقلام وبدون مجاملات ولا حسابات ضيقة ويعجبني في تحاليله الموضوعية كما يعجبني كلّ من عبد المجيد الشتّالي وخالد حسني ونبيل معلول وطارق ذياب وهؤلاء جميعا أضعهم في خانة المتميزين الذين شرّفونا في القنوات الوطنية والعربية. * بعيدا عن الرياضة التليلي تجمعي تحوّل إلى "نهضاوي" أم انه سيلبس جبّة السلفيين؟ - قبل كلّ شيء انا مواطن تونسي لم أكن في يوم من الأيام تجمّعيا لسببين اثنين. فحياتي كرست منها حوالي 45 سنة في الرياضة وليست في السياسة وما حصل لابني ظلما في قضية مخدّرات وتمّ الزجّ به في السجن جعلني أنقم على بن علي والطرابلسية والتجمعيين وأزلام النظام البائد فكيف لي أن أكون تجمّعيا والبعض منهم ساوموني بالملايين للإفراج عن ابني.. صمت متأثرا، ثم قال: كنت أغادر البيت من الساعة السابعة صباحا الى منتصف الليل لان ما حصل لزوجتي في تلك السنوات لا يمكن نشره على أعمدة الصحف ولم أجد من يمسح لي الدموع وحاولت مرارا وتكرارا التدّخل لكنّي لم أجد أيّة مساعدة ومساندة من أي كان رغم يقيني ان ابني مظلوم في عهد الحكم البائد ولم أجد من يسمعني. وبالنسبة للنهضة فكل إنسان مثقف فانه يقتنع ببرامجها الإصلاحية بعد الثورة وشخصيا كنت فردا من هذه المجموعة التي اقتنعت بالبرنامج الثوري لحزب النهضة الذّي صوّت له.. لكن ان يكون مختار التليلي سلفيا فهذا مستحيل وأقول للسلفيين: "شوفو غيري". * المعروف عنك انك منسوب لصهر الرئيس المخلوع سليم شيبوب.. لكنك اليوم تجامل الرئيس الحالي للترجّي الرياضي حمدي المؤدّب فهل من توضيح؟ ليست لي أيّة خلفيات مع سليم شيبوب وكل ما في الأمر انه كان يثق في شخصي كمدرب كما أن علاقتي معه ليست استثنائية وخاصّة فقد بدأت منذ سنت 1989 لما كان وقتها يشرف على المنتخبات الوطنية وحينها كنت أنا المدرب الوطني وحصل لي ما حصل بعد ما أقالني من منصبي والحال أن المنتخب الوطني آنذاك كان يتصدّر مجموعته في التصفيات المؤهلة لكاس العالم 1990. أما سي حمدي المؤدب فهو صديق لي منذ الطفولة وكان يقطن معنا في نفس الحي ببطحاء الجنرال في العاصمة ثمّ تدعمت علاقتي به لما كنت مديرا فنيا للترجي وحينها كان يضطلع بخطة نائب رئيس وتواصلت تلك العلاقة الطيبة إلى حدّ اليوم وشخصيا اعتبره مكسبا كبيرا لفريق باب سويقة. * كيف يمكن أن نقضي -في اعتقادك- على ظاهرة العنف في الملاعب؟ هذه الظاهرة استفحلت بشكل فظيع أحيانا لكونها طالت الملاعب والقاعات الرياضية والحل الأمثل للقضاء عليها من وجهة نظري المتواضعة هي الردع وتوخي الصرامة ضدّ المشاغبين وهذا يمرّ بالأساس عبر تفعيل القوانين الرياضية كحذف نقاط للأندية المتورّطة في هذه الأعمال الدنيئة التي لا تشرف الرياضة التونسية وهي دخيلة عن تقاليدنا وعاداتنا وإن لزم الأمر فانه يجب التصدّي بقوة للحدّ من هذا السرطان ولو باتخاذ قرارات شجاعة تصل إلى حدّ إيقاف الأندية وحلّها وتبقى المسؤولية معلقة بين سلطة الإشراف ووزارتي العدل والداخلية. * أين وصلت قضيتك المالية مع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بعد أن علمنا انك لم تحصل على مستحقاتك؟ صحيح، لم أتحصل على جرايات 6 أشهر كاملة وأعلمت الاتحاد الفلسطيني برفع الأمر إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم لكن تدخل السيد جبريل رجوب رئيس الاتحاد أنصفني وتمّت تسوية هذا الملف، وفي غضون أسبوع آخر سيتمّ تحويل أموالي إلى رصيدي البنكي.