عالم التدريب عامر بالالغاز والمفارقات وهو بحر يصعب السباحة فيه لمن لم يخبر أسراره... لن نتحدث عن المشاكل والخلافات التي كثيرا ما تطرأ بين الاندية والمدربين بل تكتفي بطرح سؤال كثيرا ما جال بخلد الرأي العام الرياضي لماذا لم ينجح عدة لاعبين سابقين في ميدان التدريب والعكس بالعكس؟ لو تأملنا جيدا في قائمة المدربين المشهورين في تونس أو في العالم حاليا فنعثر على حقيقة ساطعة وهي أن أقلية من هؤلاء سطع نجمهم كلاعبين ويمكن أن نذكر كمثال لذلك كابيلو مدرب روما (لاعب سابق بميلانو) وكماتشو الاسباني (لاعب سابق في ريال مدريد) والفرنسي إيماي جاك (لاعب سابق في سانت ايتيان) ودال بوسك الاسباني (لاعب سابق في ريال مدريد) وغيرهم، وفي تونس نذكر عبد المجيد الشتالي وتوفيق بن عثمان وأحمد المغيربي ويوسف الزواوي وعلي السلمي وعامر حيزم وحميد الذيب وعلي الكعبي ومقابل ذلك، فإن مدربين لم يبرزوا كلاعبين سطع نجمهم في سماء التدريب مثل فوزي البنزرتي ومراد محجوب وعمار السويح والمختار التليلي. وفي المنطقة الوسطى لهؤلاء نجد فئة من المدربين لم تبرز أو هي لم تواصل المشوار رغم ماضيها كلاعب ونذكر في هذا المجال نبيل معلول الذي اقتصر مشواره الرياضي على تجربة قصيرة مع أولمبيك الكاف وأخرى مع المنتخب الوطني وخميس العبيدي الذي لا يعرف عنه سوى تدريبه لشبيبة القيروان والمنتخب الاولمبي وتميم الحزامي الذي اقتصر مشواره الرياضي على تجربة مع نجم الفحص والمنتخب الوطني للاداني والطاهر الشايبي الذي اكتفى بتدريب فرق صغرى مثل جمعية فوشانة وشبان النادي الافريقي ورؤوف بن عزيزة الذي لم يدرب أي فريق رغم امتلاكه لديبلوم تدريب ونذكر كذلك محيي الدين هبيطة الذي لم يدرب إلا فرقا صغرى مثل النجم الرادسي أو أصناف الشبان مع نادي حمام الانف والملعب التونسي. وعمر الجبالي الذي اقتصر على تدريب النادي الاندلسي. * خارجون عن الحساب أما الفئة الاخيرة فهي متكونة من لاعبين سابقين لم تستهوهم تجربة التدريب مثل طارق ذياب وعتوة وغميض ونجيب ليمام وعبد الحميد الهرال ونور الدين ديوة وخالد الاسمي والمختار ذويب وحمادي العربي. * لماذا لم يواصلوا؟ والحقيقة أن اسبابا عديدة وراء هذا التباين. فبالنسبة لعمر الجبالي مثلا فإن تجربته الخاطفة في ميدان التدريب مع النادي الاندلسي تعود الى أن «النفحة» طارت بسبب غياب الضمانات لدى المدرب الذي يبقى مصيره مرتبطا بكرة على العارضة علاوة على ما يتعرض له المدرب من إهانة من طرف الجمهور وحتى اللاعبين أحيانا. ويواصل حديثه قائلا: «بعد انقطاعي عن التدريب مع النادي الاندلسي تفرغت للتسيير ضمن صنف شبان مستقبل المرسى صحبة مجموعة من المسيرين الناشطين ولا أخفي عليكم أنني كنت آمل رفقة بعض اللاعبين السابقين في الانضمام الى الاطار المسير لاحد منتخبات الشبان لكن طلبنا لم يلق الرد وهذا شيء مؤسف لان هدفنا لم يكن سوى مساندة منتخبنا ورفع راية وطننا في المحافل الدولية. أما تميم الحزامي فيقول: «التجربة القصيرة التي كانت لي مع بعض الاندية الصغرى لم تشجعني على مواصلة المشوار إضافة الى عقلية لاعب الجيل الجديد الذي يفتقر الى روح التضحية والانضباط والانصات الى توجيهات المدرب. وبالنسبة لطارق ذياب فله رأي آخر، فهو يرى أن مهنة التدريب «غرام» أو لا يكون إذ يجب على المدرب أن يكون مهيأ لهذه المهمة منذ أن كان لاعبا، ويضيف قائلا «أنا شخصيا لم تكن لدي طموحات أو ميولات للتدريب، واكتفيت بعد اعتزالي النشاط الرياضي بالانضمام الى ميدان التسيير سواء مع جمعية أريانة أو الترجي الرياضي. وفي خصوص الطاهر الشايبي فإنه يفسر ابتعاده عن التدريب بعد تجربة قصيرة بالاجواء المتعفنة التي أصبحت تسود ملاعبنا علاوة على الانعكاسات الصحية يمكن أن تحدث للمدرب جراء الضغوطات النفسانية التي يتعرض لها. وهذا الرأي يشاطره فيه اللاعب السابق للنجم الساحلي رؤوف بن عزيزة الذي يضيف أن عدة عوامل أصبحت، للاسف الشديد، تحكم ميدان التدريب مشيرا بذلك الى ظاهرة العلاقات التي أصبحت تسيطر على انتدابات المدربين من قبل المسيرين.