تابعت على غرار جل الاعلاميين والمثقفين والمهتمين بالشأن العام في تونس المبادرة التي تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل مساء الاثنين.. وقد جاءت مثلما كان متوقعا حبلى بالافكار والمقترحات.. بما يؤكد مرة أخرى ان اتحاد الشغل يتميز بكونه مؤسسة لها اليات تدرس وتفكر وتخطط.. الى جانب الهياكل النقابية.. من بينها مركز الدراسات التابع لها.. والذي يعج بالكفاءات. ومن حق الجميع ان يناقش تلك الافكار وان يحاول اثراءها.. مثلما يحق له ان يقدم تقييمات نقدية لبقية المبادرات السياسية الصادرة عن احزاب "نداء تونس "(بزعامة الباجي قائد السبسي) و"الجمهوري" و"الجبهة" التي دعا اليها حمة الهمامي وزعامات قومية وليبيرالية وسياسية مختلفة.. وقد شدت انتباهي في الايام القليلة الماضية بعض "المواجهات الكلامية المضخمة" و"الحملات الاعلامية المتبادلة" و"التصريحات الصحفية النارية" بسبب اختلافات تبدو "ثانوية جدا" في وجهات النظر من هذه المبادرة او تلك.. وخاصة مبادرتي قائد السبسي واتحاد الشغل.. لماذا؟ هل صحيح ان نخبنا السياسية والنقابية والثقافية لم تتعود بعد على قبول الراي الاخر؟ ولماذا تضخيم "تحفظات" هذا الطرف او ذاك على مقترحات قدمها "الآخر"؟ ثم لماذا لا تقبل الأطراف السياسية والنقابية "النقد الذاتي" الذي قد يصدر عن هذا الطرف او ذاك؟ اليس من المفيد تشجيع الجميع على دفع البلاد نحو مناخ من "التوافق السياسي" مع الاقرار بالتنوع وتعدد الالوان؟ أليست تونس أكثر بلد عربي مرشح لإنجاح أول تجربة انتقال ديمقراطي سلمية يتعايش فيها العلمانيون او "الحداثيون" مع "الإسلاميين" بمختلف مدارسهم وتياراتهم ؟ قد يحتاج الجميع الى تذكير بقانون "النسبية".. لقد سمعت اول امس تصريحات السيد حسين العباسي الامين العام وعدد من اعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل واخرى من قياديين في النهضة والترويكا من بينهم السادة عبد الحميد الجلاصي ونجيب الغربي ونور الدين العرباوي فلم افهم منها ان البلاد مقبلة على "حرب" مثلما صورتها بعض وسائل الاعلام.. بل على مرحلة يصحح فيها كل طرف اخطاءه.. بل ان حديث السيد نجيب الغربي نفسه في اذاعة جوهرة "قلل" من "التضخيم" الذي قدم للتصريح الذي سبق ان اثار"زوبعة" بينه وبين بعض النقابيين.. كما سجلت ايجابا ترحيب نقابيين وقياديين من الترويكا ومن المعارضة "بكل المبا درات النقابية والسياسية والحزبية".. لان تعدد المبادرات يعني اثراء للحوار.. لكن على الجميع ان يعترف بانه مجرد "طرف" في البلاد وليس "القوة الوحيدة التي لم تخطئ او ناضلت في العهد السابق" بما في ذلك قيادات اتحاد الشغل والنهضة والتكتل والمؤتمر واليسار.. فكفانا صراعات "دون كيشوطية".. وشيئا من "التواضع" ياساستنا ومثقفينا.. ولنحترم قاعدة "النسبية" يا أحفاد "العلامة والمخترع البرت انشتاين"..