كنا نشرنا في عددنا ليوم 22 ماي الماضي النص الكامل ل»مشروع الهيئة الوقتية للقضاء العدلي» ننشر اليوم الشرح الذي قدمته وزارة العدل ل»اسباب مشروع القانون المذكور» الذي صادق عليه مجلس الوزراء أمس، وأحاله على المجلس التأسيسي. «عملا بأحكام الفصل 22 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي أقر احداث الهيئة الوقتية للاشراف على شؤون القضاء وتجسيما لمبدإ التشاور مع القضاة الذي نص عليه الفصل المذكور تولت وزارة العدل العمل على الوصول الى مشروع قانون توافقي للهيئة المذكورة وقد تبلور نشاطها التشاوري من خلال ما يلي: I مرحلة أولى: تكوين لجنة استشارية: تولت الوزارة احداث لجنة استشارية حرصت من خلالها على تشريك كافة الاطراف المعنية بالشأن القضائي ودعمتها ببعض الكفاءات والشخصيات الوطنية وقد ضمت هذه اللجنة كلا من نقابة القضاة والهيئة الوطنية للمحامين والهيئة الوطنية لعدول التنفيذ والجمعية الوطنية لعدول الاشهاد والجمعية الوطنية للخبراء العدليين وهيئة الخبراء المحاسبين ونقابة المصفين والمؤتمنين العدليين ونقابة اعوان العدلية وجمعية المحامين الشبان كما ضمت اللجنة شخصيات وطنية يشهد لها بالكفاءة كل في مجاله . وقد سعت اللجنة في اعدادها مشروع القانون الى مراعاة خصوصيات المرحلة الانتقالية والاقتراب من المعايير الدولية باعتماد تركيبة متنوعة بحسب صلاحياتها متوازنة تضمن حياد السلطة القضائية خدمة للمصلحة العامة. وقد تضمن مشروع القانون أهم المحاور التالية: المحور الأول: تركيبة الهيئة الوقتية وصلاحيتها تضمن مشروع القانون تركيبة تنقسم الى مجلسين تختلف باختلاف الصلاحيات الموكولة اليها: مجلس القضاة: يختص هذا المجلس بالنظر في المسار المهني للقضاة من ترقيات ونقل واسناد الخطط الوظيفية وفق معايير موضوعية تعتمد على الكفاءة والمسار المهني على مستوى العمل القضائي ودرجة التخصص. كما يبدي هذا المجلس رأيه في كل المسائل المتصلة باصلاح منظومة العدالة سواء بصفة وجوبية فيما يتعلق بالتنظيم القضائي مثل احداث المحاكم وتوسيع الاختصاص او ادارة القضاء من خلال تنظيم الموارد البشرية والمالية والمادية وظروف العمل عامة او من خلال مشاريع القوانين التي يعرضها عليه وزير العدل كما له حق المبادرة الخاصة لتقديم تصوراته في كل ما من شأنه المساعدة على تطوير العمل القضائي. وتشمل التركيبة كل القضاة المنتخبين والقضاة المعينين بحكم وظائفهم وخمس شخصيات وطنية تعين من قبل المجلس التأسيسي وقد سجل هذا المشروع اقتصار حضور الادارة على وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية والمتفقد العام اعتبارا لاشرافهما على مرفق القضاء اداريا وفي المقابل سجل المشروع ولأول مرة حضور السلطة التشريعية (السلطة التأسيسية) بصفة غير مباشرة عن طريق اختيار شخصيات وطنية مستقلة من خارج اعضاء المجلس الوطني التأسيسي وهذا الخيار يتماشى مع افضل الممارسات المعتمدة في الدول المتقدمة من ذلك فرنسا، البرتغال، اسبانيا، ايطاليا... وهو ما يحقق التوازن داخل السلطة القضائية ويضمن الحياد ويجنب القضاء كل توظيف. مجلس التأديب: لقد تم اعتماد تركيبة قضائية مضيقة تحقق التوازن بين الادارة والقضاة المنتخبين وتضمن النجاعة باعتبارها تجمع بين الكفاءة من خلال الاقدمية للقضاة الاعضاء في المجلس والمشروعية التمثيلية من خلال القضاة المنتخبين الذين يمثلون زميلهم في الرتبة وما يضمنه ذلك من مساعدة على اتخاذ القرار الملائم وعموما فان تركيبة مجلس التأديب تساعد على ضمان حسن تقدير الهفوة وملاءمة العقوبة مع درجة خطورتها. المحور الثاني: انتخابات اعضاء الهيئة المؤقتة لشؤون القضاء يعتبر الانتخاب حجر الزاوية في ارساء هيكل مستقل يشرف على ادارة القضاء ويعمل بكل شفافية وحياد وقد تم اعتماد هذا التوجه ضمانا لمشروعية التمثيل وتكريسا لمبادئ الديمقراطية. وتعتمد العملية الانتخابية في هذا القانون على مبدإ الانتخاب العام الحر المباشر على الاشخاص في دورة واحدة يضمن فيها انتخاب ممثلين اثنين عن كل رتبة قضائية. واعتبارا لاختلاف مشاغل القضاة باختلاف رتبهم فقد تم اختيار مبدإ الانتخاب بحسب الرتب لما يسمح به من حسن اختيار للقضاة الممثلين خاصة وان اعمال مجلس التأديب تجرى بحضور القاضيين المنتخبين بالنسبة لكل رتبة على حدة بحيث لا يجوز للقاضي من غير رتبة القاضي المحال الحضور في مجلس التأديب. وقد تم في اطار هذا المشروع تمكين كافة القضاة الذين استكملوا خمس سنوات من العمل الفعلي ولم يتعرضوا لعقوبة تأديبية من حق الترشح لعضوية الهيئة الوقتية. أما بالنسبة الى العملية الانتخابية فقد تضمن مشروع القانون فتح المجال امام الكفاءات الوطنية لتقديم ترشحاتهم اذ تضم لجنة الانتخاب تسعة اعضاء يتم اختيارهم وتعيينهم منقبل مكتب المجلس الوطني التأسيسي من بين المترشحين من القضاة والشخصيات الوطنية الحقوقية من أهل الخبرة في شؤون الانتخابات. ويعلن حسب المشروع على فوز القاضيين اللذين تحصلا على أكبر عدد من الأصوات بالنسبة لكل رتبة ثم اعتبار القاضيين المواليين في الترتيب مناولين لهما لتلافي حالات التعذر والشغور. المحور الثالث: الأحكام الانتقالية يعتبر حل المجلس الأعلى للقضاء الحالي من أهم الاصلاحات التي سعى القانون المنظم للسلط العمومية المحدث للهيئة الوقتية للاشراف على شؤون القضاء الى تحقيقها وبالتالي كان من الضروري التنصيص ضمن مشروع القانون على حل المجلس الأعلى للقضاء واحلال الهيئة الوقتية محله مباشرة بعد الاعلان عن نتائج انتخابات الهيئة الوقتية. واعتبارا للصبغة الانتقالية للهيئة الوقتية وتفاديا للفراغ القانوني في انتظار اصدار قانون أساسي للقضاة يستجيب للمعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية، فقد تم الإبقاء على أحكام القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 المتعلق بنظام القضاء المجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاة نافذة في الأحكام التي لا تتعارض مع مشروع القانون. وضمانا لاستمرارية مرفق العدالة فإن هذه الهيئة ستستمر في أعمالها الى حين اصدار قانون أساسي للقضاة واحداث مجلس أعلى للقضاء وفق معايير دولية تجسيما لأحكام الفصل 22 من القانون التأسيسي المنظم للسلط العمومية مع التأكيد على أن الاعضاء المنتخبين من طرف القضاة أو الأعضاء المعينين من المجلس الوطني التأسيسي يستمرون في مباشرة مهامهم دون حاجة الى تجديد. II مرحلة ثانية: تطوير التشاور مع جمعية ونقابة القضاة رغم تثمين الوزارة لعمل اللجنة الاستشارية واقتناعها بعمق اختياراتها وثرائها واصلت الوزارة التشاور مع جمعية القضاة ونقابة القضاة كل على حدة، ولم تأل جهدا في السعي لايجاد توافقات حول تشخيص الوضع وحول الحلول المقترحة سواء ما تعلق بالاصلاح العميق والاستراتيجي لمنظومة العدالة عامة والقضاء خاصة أو ما تعلق بالخطوات المتأكدة التي تستوجبها المرحلة الانتقالية، وقد أفضى النقاش مع الهيكلين التمثيليين للقضاة الى الوصول الى تصورات مشتركة حول أغلب النقاط وهي بالخصوص: ٭ التوافق على تشخيص المرحلة الحالية باعتبارها مرحلة انتقالية تستدعي اجراءات عاجلة من أهمها احداث الهيئة باعتبارها خطوة أولى نحو بناء سلطة قضائية مستقلة تحمي الحقوق والحريات وتضمن علوية القانون واستقلال القضاء. ٭ التوافق على أن الاصلاحات الدائمة المتعلقة بتأسيس سلطة قضائية تعود للمجلس الوطني التأسيسي وترتبط عضويا بالاختيارات التي سيتضمنها الدستور في خصوص بنية السلطة القضائية وهيكلتها وعلاقتها ببقية السلط التابعة للدولة، وأن النقاط الخلافية سيتم ارجاؤها الى حين صياغة الدستور والقانون الأساسي للقضاة. ٭ التوافق على أن الهيئة المزمع انشاؤها هي هيئة وقتية عملها محدود في الزمن الى حين تكوين الهياكل القضائية الجديدة، وأن وظيفة الهيئة تقتصر على الاشراف على حركة القضاة لسنة 2012 والنظر في ملفات التأديب والمشاركة في الاعداد للمرحلة المقبلة من خلال تقديم التصورات والاقتراحات. ٭ التوافق على أنه من المهم، بعد الاقتصار على تركيبة قضائية للهيئة، أن تقع المحافظة على التوازن ضمن هذه التركيبة بين القضاة المنتخبين والقضاة الأعضاء بمقتضى وظائفهم. وبناء على هذا التقدم الحاصل في المشاورات بين الوزارة والهيئات التمثيلية للقضاة، لا ترى الوزارة مانعا من تبني مشروع يعبر عن هذه التوافقات، وتعتبر أن ما فيه من اختلاف عن مشروع اللجنة الاستشارية هو مجرد نتيجة لاختلاف زاوية النظر لموقع الهيئة وطبيعتها، ذلك أن مشروع اللجنة الاستشارية قد كان أقرب للتعبير عن التصورات الدائمة فيما مشروع الوزارة (في إطار ما تم التشاور فيه مع هياكل القضاة) هو أقرب للتعبير عن الاحتياجات الوقتية مع ترك التصورات الدائمة للمرحلة اللاحقة».