صرح أمس أبو يعرب المرزوقي عضو المجلس الوطني التأسيسي والمستشار لدى رئيس الحكومة خلال مؤتمر الحوار الوطني حول كتابة الدستور الذي نظمه مركز دراسة الإسلام والديمقراطية "أننا نريد من خلال كتابة الدستور أن نحترم القيم الكونية التي يجب أن لا تفرض على التونسي بقوة القانون" باعتباره "عقدا صريحا يحتكم إليه الناس عند الاختلاف وبالتالي لابد أن تكون "العناصر والقضايا التي ستكون فيه واضحة وصريحة". وفي محاولته الإجابة عن سؤال " لماذا نكتب دستورا جديدا وكيف نبني التوافق؟" قال أبو يعرب المرزوقي أن "دستور 59 كُتب على أرضية حرب أهلية عاشتها تونس في إطار أزمة الصراع بين الشق البورقيبي والشق اليوسفي". وقال :" حتى نتجنب خوض المعركة الأهلية من جديد بين ثقافتين مختلفتين في تونس بدأت تعرف بعضا من التوافق،تعلقت بالتجربة التي خاضها التونسيين فيما همّ الهوية، العلاقة بالمقدس، السينما، رمضان، وحادثة العبدلية، من الضروري جعل التوافق السياسي لكتابة الدستور الشرط الأساسي لهذه الصياغة، بل من الشروط أيضا أن تصبح تونس تعددية ثقافيا، قيميا، روحيا والاعتراف المتبادل بأوجه الاختلاف المتعلقة بها" وبالتالي "تُصبح كتابة الدستور على أرضية توافقية، ففهم الآخر شرط التوافق". وفق تعبيره. خانة المواطنة في ذات السياق أكد عبد الرزاق الهمامي رئيس الهيئة التأسيسية لحزب العمال الوطني الديمقراطي أنّ "الدستور هو تعبير عن إرادة الشعب وممثليه وهو تكريس لحق المواطنة وترجمة فعلية لنقل المواطنين من خانة الرعية إلى خانة المواطنة". وأضاف الهمامي "نكتب دستورا جديدا باعتبار أن دستور 59 كان غطاء قانونيا لسلطة مستبدة ومهيمنة" وبالتالي لابد أن " لا يكون هذا الدستور دستورا للفائزين أو للتونسيين الحاليين بل هو دستور الأجيال القادمة ودستورا يلبيّ حاجيات التونسيين وهذا يقتضي تنشيط أشكال التداول والاقتراح من داخل مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع المدني والنسيج المجتمعي بكلّ قطاعات ويجب أن يكون ذلك بطريقة توافقية". وأشار إلى أن التوافق يجب أن يكون "دون لُبس وبهلوانيات سياسية وفكرية، حول دولة مدنية ونظام ديمقراطي جمهوري وأي دستور غير هذا هو خارج المسار الثوري للبلاد تحذر من إيجاد التبريرات البهلوانية لاختراق هذا التصور العام للدستور، والالتزام توافقيا بالمنظومة الكونية لحقوق الإنسان مع احترام هويتنا وخصوصياتنا والالتزام بالحريات العامة والفردية والتوافق نحو نبذ العنف ونشر قيم العدل والتصدي لعودة منظومة الفساد". الخطاب الانتخابي وأضاف الهمامي "نحن في مسار ثوري غير مستقر وسط قوى شدّ إلى الوراء وقوى الثورة المضادة تستدعي توافقا صادقا تُجنب القطيعة العمودية في المجتمع ويضمن تعددية حقيقية بتشجيع الحوار والاعتدال بعيدا عن الكلام المعسول والخطاب الانتخابي الذي لا يخدم مصلحة الوطن". ومن جهة أخرى لاحظ زياد كريشان صحفي ورئيس تحرير جريدة المغرب أنه "منذ الانتخابات بدا الانشطار واضحا بين النخبة السياسية والرأي العام التونسي" إلا أنّ "الانشطار لا يعني الخصام، ففي الديمقراطيات العريقة يحصل الانشطار حول القضايا الاقتصادية إلا أن الانشطار الواضح في تونس كان حول موضوع الهوية حسب البعض والخصوصية حسب البعض الآخر" وأضاف كريشان أن "التوافق يحمل في جوهر فكره ووسط محيطه إلا أن جوهر الخلاف هو حول تصور المجتمع، فهل يمكن أن ينبني هذا التصور على تصور الفرد أم على تصور الجماعة"؟ وفي ذات السياق أكد كريشان أن "التوافقات لا تُبنى على قوة العدد والوسط الافتراضي بل التوافقات تُبنى بحماية الجميع من غلبة الآخر وحماية كلّ الحقوق الجماعية، فكتابة الدستور لا يجب أن تخضع للخوف والاستفزاز ولا للأغلبية، ولا الأقلية، بل هو دستور لذلك التونسي المجرد لديه حقوق يمكن أن تنتهك بأشكال مختلفة".