«الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربّ إنّي منعته الطعام والشهوات وبالنهار فشفّعني فيه، و يقول القرآن:ربّ إني منعته النوم بالليل فشفّعني فيه، فيشفّعان (رواه احمد والطبراني والحاكم وغيرهم) عن ابن عمرو. الصوم امساك عن الأكل والشرب والشهوة الجنسية، أم هو امساك عن كل المعاصي القولية والفعلية؟ الصيام يتجاوز ذلك الى اللغو والرفث، حتى ان نالك شتم أو أذى قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم: «ليس الصيام من الأكل والشرب انما الصيام امساك عن كل سلوك ينحرف عن مكارم الأخلاق، ويتّسم بالفحش والفساد في الأرض وارتكاب الاثم سواء بالقول الخبيث او الفعل الخبيث.الصوم القويم هو صبر جميل، ومربّ حكيم، يصهر الأخلاق، ويروّض النفوس ويربيها على فضيلة الجد والاحتمال فيحيي روح الاخاء الإنساني وتنشأ الرحمة التي مصدرها الألم الواحد ويصبح الصائم أنموذج الكمال لأنه يشعر بشعور الآخرين، وقيد نفسه بنفسه اتباعا لسنة الرحمان والتقشف ليهيّء النفس لعلاقات الشدائد بصبر وقوّة يقين وحزم لايلين قال الحكماء: «الصبر أحد أركانه قوّة الارادة فيقوّي الارادة وبالتالي يعطيك ملكة الصبر وبهذه الصّفة يسمو السلوك الاخلاقي بين أبناء الوطن الواحد فلا ترى بينهم الا التراحم، والتعاطف، والتوادد، والاخلاص وتحيّة الاخ لأخيه،ومؤاثرة المواطن للمواطن، على نفسه في ماله،وراحته، فهذا السدّ المنيع، الذي يبنيه أبناء الوطن الواحد، لايخرقه سلاح الفولاذ، وقذائف النّار الملتهبة، وهذه الأخلاق نواتها الدّين، وحجرها الأساسي العقيدة، والايمان يعتمد الايمان فيها على سبك النفوس، وصهرها ضمن بوتقة حبّ الله، ويعتمد أيضا فيها غرس الفضائل من صدق واخلاص وكرم وسخاء وتعاون بناء، نابع من معين المعرفة بالله وأن العبد اذا أعطى أخاه، ابتغاء وجه الله كافأه الله بأحسن ممّا أنفق، وأعظم مما بذل لهذا كان رمضان شهر الامساك عن المفطرات مصنعا لمستشفى يتولى توليد عناية خلقيّة سامية وتوزيع علاجات جديدة ضد الفقر وزيادة الخدمات الاجتماعية بين الصائمين المتأثرين بحب الله ومعرفته والاقبال على تفهم كلامه وتدبّر بديع قرآنه فالناس أصناف منهم صاحب الفضل يبسط يده بالمعروف لكل الناس ويرى الدين والمسؤولية أمام الله أكبر دافع له على ايقاظ انسانيته ويعمل عمل الصالحين ومن الناس من يجعل مجتمعه يعاني من سيئات النفاق والكذب والغش والخيانة يرفع من شأن المنكر وينحرف عن الانسانية فيعنف ويتطرّف. وهذا الصنف عاقبته الخسران المبين دنيا وآخرة. فليكن الصوم رادعا لهؤلاء حتى يمتثلوا لأوامر خالقهم وينضبطوا ليجلبوا النفع لذاتهم ولوطنهم وأمتهم وتكون كلمة «الله أكبر» خير واق لهم.