سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هل تحوّلت مكاسب المرأة إلى وقود للمزايدة بين القوى السّياسيّة وبابا للدّعاية الإنتخابيّة؟ التجاذبات السّياسية والحقوقيّة حول الفصل 28 من مسودّة الدستور:
محرزية العبيدي: أنا مع توضيح ضبط معنى الفصل 28 أثار الفصل 28 من المسودة الأولية للدستور التونسي ردود فعل حادة داخل المجلس التأسيسي أو في صفوف المهتمين بالشأن العام ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني، حيث صنف الفصل على أنه ترسيخ للرجعية ومحاولة للمس من مكتسبات المرأة التونسية وذهب البعض من السياسيين إلى حد القول أن الفصل 28 هو بداية تغيير للنموذج المجتمعي التونسي وترسيخ للتمييز بين الجنسين.. الأمر الذي جعل الطرف المقابل أي النهضة تعتبر ان ردود الفعل تدخل في اطار المزايدات السياسية.. فهل يمكن أن يتحول ملف حقوق المرأة ومكتسباتها إلى وقود للمزايدة بين القوى السياسية وبابا للدعاية الانتخابية؟. لم ير محمود البارودي نائب التأسيسي وعضو كتلة الديمقراطية أن "البوليميك" الذي أحدثه الفصل 28 يدخل في اطار المزايدات السياسية فالشعور بوجود نوع من المواقف التي تمثل تهديدا لمكتسبات المرأة التونسية ومكتسباتها أمر واقع لا يحتمل المزايدة". وقال: "الدفاع عن المرأة هو موقف مبدئي للكتلة الديمقراطية ودعم للمسار الثوري وحقيقة هناك مواقف تخيفنا داخل المجلس ومعركة الحريات لا يجب ان تقتصر على المجلس التأسيسي خاصة ان الذين يناهضون "التكامل" هم الأقلية ويجب أن يتحول الحراك الى المجتمع المدني والشارع التونسي الذي سيضغط ويغير رأي "الأغلبية" ويعدل من المواقف ويقرب وجهات النظر داخل التأسيسي.." مزايدات سياسيّة تمنت محرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس التأسيسي أن لا تندرج كل هذه الجلبة التي أحدثها الفصل 28 من مسودة الدستور داخل مزايدات سياسية بين تيارات حزبية.. ورأت أن: "مكتسبات المرأة التونسية هي ركيزة من ركائز العقد الاجتماعي والمساس بها هو مساس من العقد الاجتماعي.." وأوضحت العبيدي في حديثها ل"الصباح" أن المسودة التي تداولتها وسائل الاعلام هي نصوص أولية للدستور، مادة خام، ونتاج أولي لعمل اللجان فيها الكثير من الايجابيات على غرار الدولة تضمن حقوق المرأة وتكافؤ الفرص والدولة تتصدى للعنف المسلط على المرأة.." أما "فيما يخص تكامل الأدوار موضوع الجدل فبقراءة الفصل 28 داخل باب الحريات نجد أنه تكملة للفصل 21 الذي ورد فيها صراحة أن الدولة تعمل على رعاية الأسرة واستمراريتها في كنف المساواة بين الزوجين اذن اذا نص الفصل 28 على التكامل فلن يكون الا في اطار المساواة.." وأضافت نائبة رئيس التأسيسي في السياق ذاته: "لغة صغة (التفاعل) صيغة ايجابية لا تفيد الدونية ومع ذلك أقر أنها جملة انشائية وجب توضيح مفهومها قانونيا.. وبالتالي ازالة الغموض بلظ (التكامل)". ضبط معنى الفصل 28 واعتبرت العبيدي أن الحوار القائم بين مختلف القوى المدنية والسياسية "مفيد وايجابي يعززه الحوار مع أهل القانون ووفقا لما سيأتي به النقاش "فاما أن تنقح الفصل 28 أو نجعله تتمة للفصل 21 وترد كلمة التكامل بعد التنصيص على المساواة صراحة". وأكدت أن "كل المقترحات مرحب بها بمختلف تعليقاتها لكن مع رجاء الابتعاد عن التخويف والمبالغة وترويج رسائل من نوع ضاعت حقوق المراة.." وقالت: "أنا أؤكد أنني مع توضيح ضبط المعنى فيما يخص الفصل 28". وأشارت الى أنه ليس هناك من هو "معصوم من الخطإ والمرأة التونسية حرة بارادتها وأنا فوجئت بتراجع الأصوات المنادية بدسترة مجلة الاحوال الشخصية". وأكدت العبيدي أنها ستصوت مع كتلتها على الفصول الخاصة بالمرأة والحريات وذلك "لان كتلتي لن تصوت ضد حرية المرأة فمناضلات النهضة اللاتي دافعن عن حق السجين وحق المرأة لن يتراجعن عن مبادئهن". وأضافت "أتحدى أي حزب سياسي أن يكون له نفس العدد من النساء في أعلى مؤسساته الحزبية مثل حركة النهضة نساء فاعلات يمثلن 20 بالمائة من مجلس الشورى". "جندرة" النص القانوني من جانبها رأت بلقيس مشري نائبة رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان أن الخطابات المطمئنة التي تسمعها من بعض القيادات في "الترويكا" لا يدوم مفعولها الا سويعات نظرا إلى أنه يتم دحضها بخطاب عكسي مناف لكل الالتزامات الأولى. وأشارت الى أن مسودة الدستور (وتقرير لجنة الحقوق والحريات أساسا) تم صياغتها في المذكر دون أخذ بعين الاعتبار للتوصية ب"جندرة" النص القانوني (أي صياغة المذكر والمؤنث)، إذ اعتبر بعض النواب أن ذلك مسألة شكلية في حين أن الشكل في هذه الفترة له أهمية كبرى وعلى الدستور أن ينص على المساواة بين المواطنين والمواطنات علما ان مبدأ "الجندرة" منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان. وأضافت مشري ان نفس الفصل يرى ان الفرد لا يتواجد الا بصفته جزءا من العائلة في حين أنه كان من الأجدر التأكيد على انه انسان بقطع النظر ان كان متزوجا أو أعزب وهذه الطريقة في الصياغة من شأنها ان تحرم الأعزب أو العزباء من الحقوق التي يتمتع بها من يوجد داخل مؤسسة الزواج.. ورأت نائبة رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان أن هذه الصيغ وضعت عن قصد بطريقة مستبطنة كما لم يقع تشريك مكونات المجتمع المدني التي تعمل على بلورة الحقوق والحريات في عمل اللجان. وأضافت" علينا جميعا أن نكون على يقظة لكل ما من شأنه أن يمس من حقوق وحريات المرأة وان كانت كلمة "مكملة" وفقا لمن اقترحها تفي بالغرض فأرى أن كلمة مساواة تفي أيضا بالغرض ولا تحتمل أيضا اي شكل من أشكال التأويل وعلى كل القوى السياسية أن تدرك أننا متشبثون بالنضال والحفاظ على مكتسبات المرأة وتطويرها وسن هذه المكتسبات في النص الدستوري ووضع الدستور على مزاج أي طرف مهما كان لن يؤدي الا الى اعادة صياغة للنص.