تعجّ ولاية سيدي بوزيد كسائر ولايات الجمهوريّة بالمتخرّجين من الصيادلة الذين أنهوا دراستهم الجامعيّة منذ سنوات بكليّة الصيدلة بتونس أو بالخارج. إلا أنّ الشّاب إثر تخرّجه وبعد أن يطّلع على كافّة القوانين والأوامر المنظّمة للقطاع وعند الترسيم بقوائم الانتظار تكون حيرته مضاعفة ومفاجأة كبيرة لأنّ القطاع وحسب النّصوص المتعلّقة به مغلق في وجه المتخرّجين الجدد فعدد السّكان المطلوب لفتح صيدليّة جديدة خاصّة في المناطق المصنّفة ضمن الجدولين 4 و5 هو(12 ألف ساكن و16 ألف ساكن) وجلّ هذه المناطق توجد داخل الجمهوريّة وبالتّحديد في الولايات الدّاخلية وبالنظر في التّعداد السّكاني الأخير الذي قام به المعهد الوطني للإحصاء فإنّ هذه الجهات في تراجع مستمرّ من حيث نسبة النموّ الدّيموغرافي. كرّاس شروط كما أنّ بعض الإجراءات الترتيبيّة ومن أهمّها فتح الصيدليّات بالعمادات التي يتجاوز عدد سكّانها 4000 ساكن لا يحسب لسلطة الإشراف باعتبار أنّ المتساكنين ولاسيما بالمناطق الرّيفيّة مشتّتون ولا يشكّلون في مجملهم تجمّعات محوريّة. ومن هذا المنطلق يطرح الشّاب زياد (32 سنة) سؤالا ملحّا مفاده: لماذا لا يوضع كرّاس شروط خاصّ ببعث الصيدليّات مثل بقيّة المهن الأخرى فيصبح قطاع الصيدلة قطاعا تنافسيّا؟ فلا يجوز وفق قوله أن ينتظر المتخرّج أكثر من عقدين لإحداث صيدليّة في حين أنّ الصيدليّات المفتوحة قد تصل قيمة أصلها التّجاري أحيانا إلى 950 ألف دينار خاصّة في إقليمتونس الكبرى وهذا دليل قاطع على أنّ المدخول لا يستهان به وبالإمكان أن يستوعب نسبة هامّة من المسجّلين بقوائم الانتظار وبدون نشاط معلن لدى هيئة الصيادلة وهم في حدود 966 حسب الإحصائيّات الرسميّة الصّادرة في الغرض. أمّا بالنسبة للصيدليّات الليليّة فشروط بعثها تعجيزيّة إن لم نقل مستحيلة فمثلا بلديّة سيدي بوزيد تعدّ حاليا 40 ألف ساكن بها صيدليّة ليليّة واحدة وعدد سكّانها في نموّ طفيف (2% سنويّا) فمتى ستفتح صيدليّة ثانية تقتضي أحد شروطها توفّر 60 ألف متساكن، هذه معادلة مستحيلة ولهذا وجب التدخّل العاجل ومراجعة الأوامر والقوانين المنظّمة للقطاع خاصّة أنّ وزارة الصحّة تطمح من خلال برنامج عملها المستقبلي إلى تطوير الصّناعة الصيدليّة والارتقاء ببلادنا إلى مرتبة القطب الإقليمي لتصدير الخدمات الصحيّة في السّنوات القادمة. مقترحات وفي نفس السّياق ذكرت السيّدة عواطف(35 سنة) أنّ إصلاح المنظومة الصيدليّة التي عانت على امتداد سنوات الجمر من ظواهر التّهميش والإقصاء والاحتكار المقنّن ضرورة ملحّة تطلّب تصميم خارطة طريق شاملة تستجيب إلى تطلّعات وانتظارات المعنيّين بالأمر وإنجاح هذه الخطّة يكون بالأساس رهين منهجيّة إنجازها وتجسيمها على أرض الواقع إذ لا بدّ أن تعتمد التمشّي التّشاركي والشّفافيّة حتّى تكون مقنعة للجميع وليست مسقطة تتجاوز في ذلك المصالح الشخصيّة سواء كانت على أسس الولاءات أو على أسس حزبيّة ضيّقة وسياسيّة وينطلق العمل حسب تصوّرها بتشخيص العوائق الموجودة وتقصّي سبل علاجها وتقييم مختلف الاساليب الإداريّة في التّعامل مع هذا القطاع وبالخصوص تعديل الأمر عدد 4139 الخاصّ بإحداث الصيدليّات بالعمادات ومراجعة الشّرط العددي للسكّان (Numérus Clausus) الذي توزّعت على ضوئه جهات البلاد ووقع سنّه نزولا عند رغبة محتكري القطاعالصيادلة القدامى بالإضافة إلى تصنيف كل مراكز الولايات بالجدول الأوّل وبعث صيدليّات بصفة إستثنائيّة قرب المطارات والمصحّات والمراكز الإستشفائيّة الكبرى. هذه المقترحات بإمكانها أن تشغّل على الأقل 2500 من الصيادلة والمخبريّين والممرضّين بصفة مباشرة ومثلهم بصفة غير مباشرة.