الحبيب خضر: "النظام الداخلي لا يلزم التأسيسي بتنظيم حوارات مفتوحة.. " على التوالي وفي اليوم الثاني من الحوار المفتوح الذي نظمه المجلس الوطني التاسيسي على مدى يومين متتاليين سجل حضور مكثف لمختلف مكونات المجتمع المدني، كان بعضهم مثمنا وكان البعض الاخر منتقدا وبشدة، وهو امر يعد بديهيا وطبيعيا على حد قول عدد منهم فلا يمكن إرضاء الجميع، ولكن يبقى المهم في المسألة ان يكون النقد بناء وفعالا للمضي قدما وذلك بتفعيل جملة المقترحات والملاحظات على ورقة الدستور باخذها بعين الاعتبار. على هذا الاساس يمكن وصف الاجواء العامة لجلسات الحوار التي همت كل من لجنة القضاء العدلي والاداري والمالي، لجنة السلطة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما ولجنة الحقوق والحريات، التي حظيت بحضور مكثف مقارنة باللجنتين المذكورتين سلفا، بالأجواء الطيبة والمقبولة في مجملها يبقى مدى جدوى هذا الحوار وتأثيره على اشغال اللجان في قادم الايام نقطة اشكالية بين عدد المشاركين. هذه الإشكالية أثيرت في ختام جلسة الحقوق والحريات لتحتد في جلسة الاختتام النهائية التي أشرف عليها نائبا رئيس المجلس الوطني التأسيسي حيث تعالت الأصوات بين عدد من مثلي المجتمع المدني وعدد محدود من النواب احتجاجا على عدم تمكينهم من إسداء ملاحظاتهم حول أشغال اليوم المفتوح مؤكدين على عدم رغبتهم بان يكونوا مجرد بيادق جيئ بهم لاستماعهم دون تفاعل ودون نقاش ودون معرفة مآل اقتراحاتهم ونتيجة مشاركتهم. مصلحة الوطن
الاجابة عن أسئلة ممثلي مكونات المجتمع المدني المشاركين جاءت في طيات كلمة الحبيب خذر مقرر عام الدستور الاختتامية التي حملت في اسطرها رسالات واضحة، على حد قول الكثير منهم، فكان قوله ان هذا الحوار غير مفروض عليهم قانونيا فالنظام الداخلي لا يلزم المجلس الوطني التأسيسي بتنظيمه، ولكن مصلحة الوطن اقتضت هذه المبادرة" اجابة استفزت بعض المشاركين من مكونات المجتمع حسب ما دته "الصباح" من ردة فعل وتعاليق جانبية من هنا وهناك فكان "بحضور ومشاركة الجمعيات والمنظمات لا تلزم المجلس الوطني في شيء قانونيا" على حد قول بعضهم معلقين "ها نحن استمعنا اليكم ثم بعد" وفي مواصلة كلمته التي اعتبرها عدد من ممثلي المجتمع المدني استفزازية، اكد خضر "انطلقنا فعلا في كتابة الدستور من ورقة بيضاء" تعليقا على ما جاء في احدى المداخلات ان "الدستور انطلقت كتابته من ورقة النهضة". وفي تقريره حول اشغال اليومين خلص خضر الى ان "الآراء التي قدمت تتعلق في جانب منها بالشكل وفي جانب آخر بالمضمون" مضيفا انه "بالنسبة للشكل تعلقت الملاحظات بالترتيب واللغة والصياغة والتكرار كما وقعت الاشارة أيضاً الى مواضع الفصول الى جانب مسألة عنونة الفصول والأبواب الى جانب اقتراحات نادت بالمراجعة والتدقيق".
واضاف مقرر عام الدستور انه "بالنسبة للمضمون كانت هناك عدة ملاحظات ارتبطت بالتعديل اما بالزيادة على الموجود او بالانقاص منه او ادخال بعض التوضيح او التفصيل، كما وقع اقتراح اضافة مضامين جديدة لم تقع الاشارة اليها مطلقا في نص الدستور المقترح" اثر النقاشات الحصيلة التفصيلية ضمنت في تقارير بعضها رقن وبعضها مازال فتوجه مقرر عام الدستور الى المشاركين بقوله "من حقكم ان تتساءلوا اي مصير لها؟ فهي ستحال الى الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة للأخذ بعين الاعتبار ما وقع اقتراحه" لكنه أضاف انه في التعامل مع "هذه التقارير سيحكم المجلس الوطني التاسيسي موجهان انه لا صد ولا إلزام، فلا صد بمعنى ليس في اطار فضفضة ولا إلزام" للاخذ بعين الاعتبار هذه المقترحات، مواصلا قوله "سنحاول ان نحقق توازن فكلما رأى المجلس فائدة من المقترح يقع أخذه بعين الاعتبار فنحن مسؤولون امام الشعب في صياغة الدستور" إشكالية الأخذ بعين الاعتبار لمقترحات المجتمع المدني التي ستنبثق عن أشغال الحوار المفتوح على مدى يومين كانت محور انشغال جل المشاركين، فقد اعتبر سمير بوعزيز مسؤول الاعلام والاتصال بالمعهد العربي لحقوق الانسان ان "الحوار المفتوح كمبادرة تعتبر مهمة ولكن يجب ان لا يكون الامر شكليا وبالتالي لا يقتصر الامر على جلسات الاستماع الى جملة الآراء" واضاف بوعزيز ان " الملاحظة الاساسية، من خلال الانصات الى جملة المقترحات التي تم تقديمها، ان المسودة الحالية تتطلب بالفعل اعادة قراءة على مستوى المضامين وعلى مستوى الصياغة" موضحا "ان المبدأ الذي يجب الاستناد اليه ليس الاحتكام الى ادعاءات مجتمعية بمنطق ان غالبية من التونسيين يريدون كذا او كذا لانه ليس لاي احد ان يحدد الأغلبية فعلا او نسبيا ويفترض ان من يعكف على إنجاز الدستور يجب ان ينطلق من مصادرة هامة مفادها ان دستور الدولة أساسه الجمهورية والمدنية والديمقراطية". وبخصوص اثر هذا الحوار المفتوح على جملة الاشغال اكد بوعزيز انه سيكون هناك "بالضرورة اثر لجملة هذه النقاشات على مسار النقاش والصياغة في الفترة المقبلة خلال اشغال المجلس الوطني التأسيسي على الدستور" مستطردا "لكننا نعلم انه احيانا لا تنقص مقدمو الأفكار والمقترحات والبدائل القدرة على الإقناع ولكن المشكل ان يكون الطرف المقابل غير مستعد للاقتناع وهذا بالطبع ما لا نتمنى ان يكون عليه اعضاء المجلس الوطني التاسيسي الذين حضروا واستمعوا الى العشرات من نشطاء المجتمع المدني"
تفاعل وتشارك
في نفس الإطار اكدت ثريا احمد التيجاني محامية ونائب رئيس الجمعية التونسية لقانون التنمية ومنسقة المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة ان "الحوار صلب لجنة الحقوق والحريات كان بمثابة جلسة انصات اكثر منها حوار وتفاعل وتشارك في تحليل المقترحات وهذه مسالة منتظرة بما ان الحضور مكثف ومتنوع ولم تمنح له الفرصة قبل هذين اليومين للمشاركة والتفاعل حتى انه الى نهاية الوقت كانت هناك العديد من الجمعيات تطالب بحقها في اخذ الكلمة" واضافت التيجاني ان "الحوار كان في جانب منه ثريا فعدد لا باس به كان صلب الموضوع كما كانت اخرى خارجة عن اطار المواضيع المعنية بالدستور وصياغته فكان من الاجدر تقديم نقد للفصول والمقترحات البديلة" موضحة "قد يعود هذا الى عدم إعطاء المجلس الوطني التأسيسي لمختلف مكونات المجتمع المدني الفرصة من قبل للإدلاء بدلوها في محتوى الدستور "مضيفة" لا استطيع ان اتجاهل خوفي من ان لا يقع الأخذ بعين الاعتبار جملة هذه المشاركات وتفعيلها وفتح باب الحوار في الفترة المقبلة، ومن المهم أيضاً ان نجد إجابات لأسئلة تطرح هنا وهناك حول دور المجتمع المدني واهمية مشاركته في صياغة وكتابة الدستور عبر مثل هذه الفرص التي تعد مبادرة طيبة يجب ان ترتقي الى المستوى التشاركي والتفاعلي وتخرج عن اطار جلسات الاستماع"
بدوره احتج حسين بوجبة ممثل عن الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي على كيفية ادارة الحوار وتحوليه الى جلسة استماع اكثر منها جلسة حوار ونقاش وتفاعل بالوقوف على الملاحظات الاساسية ونقدها واخذها بعين الاعتبار قائلا " كنا ننتظر خلال هذا الحوار المفتوح ان نتناقش الا ان ما حصل هو مجرد استماع الى مقترحات وملاحظات المنظمات والجمعيات المشاركة التي كان بالامكان ارسالها عبر البريد الالكتروني والاكتفاء بذلك" وبالتالي " لابد من تخصيص ايام اضافية للنقاش ومزيد التعمق" من جهته اعتبر النائب سليم عبد السلام ان " هذه المبادرة إيجابية جدا مكنت من التحاور والتفاعل والاستفادة من جملة الملاحظات والمقترحات الايجابية والبناءة بكونها جاءت على لسان مختصين وغيرًمختصين وهنايكمن الاثراء الذي سيؤسس لدستور يفهمه كل التونسيين" بيد انه وعلى حد قوله "يبقى الموقف المفصلي بيد ممثلي الشعب في اخذ القرار وللأخذ بعين الاعتبار بجملة الملاحظات من عدمه"