تستعد الأوساط الفلاحية في جهات الشمال والوسط والساحل والجنوب خلال هذه الايام لانطلاق موسم جني صابة الزيتون التي تغطي مساحاتها مناطق شاسعة من البلاد وتقدر ثلثي المساحات الفلاحية في البلاد. وقد قدرت الأوساط الفلاحية الرسمية صابة هذا الموسم بالهامة حيث ان الانتاج ستصل معدلاته الى نحو 300ألف طن من الزيت، وهو مستوى قلما بلغه انتاج البلاد الذي يعتبر الخامس عالميا من زيت الزيتون. ويمثل قطاع الزيتون أحد أبرز القطاعات الفلاحية الكبرى في تونس ضمن بعض القطاعات الاخرى مثل الزراعات الكبرى والقوارص والتمور. ويحتل بذلك مكانة مرموقة من حيث الانتاج والتصدير والتشغيلية، حيث لا تقل مدة جمع صابة الزيتون عن 3 أشهر ولا نقل أيام العمل ضمن هذا القطاع عن 70 ألف يوم عمل، وذلك علاوة عن استيعاب القطاع لليد العاملة المختصة في عمليات التحويل والتي تستوعب ما لا يقل عن 50 ألف من اليد العاملة وزهاء 20 ألف يوم عمل باعتبار وجود أكثر من 3600 معصرة زيتون موزعة على كافة جهات البلاد. هذا القطاع الحيوي الهام الذي يستقطب مئات الآلاف من اليد العاملة الفلاحية يعيش هذه الأيام وفي كافة جهات البلاد جملة من الصعوبات لعل أبرزها النقص الهام والواضح في اليد العاملة المختصة في جني الزيتون، وهو اشكال تعالت أصوات الفلاحين في كافة الجهات للنقص المسجل فيه مما دعا الى حيرة كبيرة في ايجاد السبل الكفيلة بحل هذا الاشكال الذي قد يذهب بجزء هام من المحاصيل. وأمام هذا الواقع الذي يتجاوز الحلول الجهوية والتدابير المحلية يبقى واضحا أنه سيتم كالعادة الترفيع في أسعار جرايات الجني مما يجعل الفلاحين غير قادرين على تلك النفقات والتكاليف ويجعلهم يتقاسمون قيمة محاصيلهم مع العمال، وذلك علاوة على تكاليف التحويل التي تفرضها الاسعار المتداولة في هذا الجانب والكلفة العامة لعمليات الجني، وبالتالي تصير الاسعار المرتفعة للزيت مرتبطة بالسوق العالمية للزيت وبأساليب الترويج التي تخضع للوبيات هذه السوق والانتاج العالمي من الزيت. هذا الواقع يدعو الى تحرك وطني من قبل الحكومة ووزارة الاشراف بالاساس وذلك بأخذ تدابير عاجلة للاحاطة بجموع الفلاحين والصابة بشكل عام. ونعتقد أن سبل التعويل على الجيش الوطني في تولي جمع الصابة لم يعد مجديا أو ممكنا باعتبار المهام الآنية لهذا السلك، كما أن التعويل على عمال الحضائر في جني صابة الزيتون يبقى أيضا أمرا صعب المنال باعتبار أن عملية الجني تعتبر اختصاصا فلاحيا ليس باليسير على من لا خبرة له في ذلك. وفي هذا الجانب لابد من التركيز والتفكير الجيد على ايجاد السبل الكفيلة بجمع الصابة وذلك من خلال ما يمكن توفيره من اليد العاملة الفلاحية ولو أدى الامر الى الترفيع في أسعار تشغيلها وفي تنقلها في الجهات بناء على قيمة الصابة والطلب على اليد العاملة.