"عمود الضباب" هو العنوان الجديد للجرائم الهمجية التي تقترفها إسرائيل حاليا في حق الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة والتي خلفت لحد الآن عشرات القتلى ومئات الجرحى من المدنيين. وهذا العدوان السافر يضاف إلى لائحة طويلة من جرائم الدولة بإمضاء هذا الكيان العنصري الهجين منذ عقود. إن إسرائيل التي تستمد شرعية "وجودها" من سياسة اغتصاب الأرض وتهجير أصحابها الشرعيين وملاحقة وقتل أبناء فلسطين وكل من يرفع صوته عاليا لتجريم ما تقترفه من إثم في حق الأطفال والنساء العزل لم تتوان عن استعمال حتى الأسلحة المحرمة دوليا ضد هذا الشعب لاسترقاقه وتأبيد معاناته. لقد جعل هذا الكيان المتغطرس من قطاع غزة أكبر سجن مفتوح على هذا الكوكب وفرض على أكثر من مليون ونصف مليون من سكانه سياسة الحصار والتجويع والتركيع، وبلغ الصلف والاستهتار إلى حد تصفية قيادات فلسطينية على مرأى ومسمع من العالم بلا رادع ولا عقاب. إن المجتمع الدولي وعلى رأسه المنتظم الأممي الذي تراهن عليه أغلب القيادات العربية للتدخل وفرض القرارات ذات الصلة، اتضح على امتداد سنوات طويلة أنه مشلول ومسلوب الإرادة أمام غطرسة إسرائيل وسياسة الميكالين الأمريكية. وهذا الموقف المخزي للبيت الأبيض الذي أكده مجددا الرئيس أوباما منذ يومين يعود أساسا إلى تواصل ارتهان القرار العربي للمشروع الأمريكي رغم المستجدات السياسية الهائلة التي يعيشها البعض من هذه البلدان بعد أن تحررت من براثن القمع والاستبداد وعبدت بفضل دماء أبنائها الزكية طريق الحرية والكرامة. هذه الشعوب التي صنعت الربيع العربي يفترض أن تمثل اليوم طليعة قوى التحرر عربيا وعالميا للجم الاحتلال والوقوف ضد الجرائم الهمجية والقتل الممنهج الذي يمارسه هذا الكيان الغاصب. إن الشعب التونسي صانع هذا الربيع بثورته المجيدة مطالب اليوم مثلما صفع المستبدين واللصوص ومصاصي الدماء من بني وطنه بفضح سياسة هذا الكيان الهجين بكل الوسائل المتاحة ومنها فرض تجريم التطبيع بكافة أشكاله والتمسك بالفصل 27 من مشروع الدستور والضغط على كل القوى العالمية المحبة للسلام والعدل للسعي بجدية لرفع هذه المظلمة التاريخية باعتبارها وصمة عار على جبين الإنسانية.