بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس..تحبس أنفاسها
ملف: ثاني إضراب عام بعد 34 سنة
نشر في الصباح يوم 10 - 12 - 2012

اعلية عميرة الصغيّر (باحث ومؤرّخ :(تجمعيون في رابطات حماية الثورة.. والسيناريو الجزائري مستبعد - في قراءة سريعة للأحداث التي جدّت الأسبوع المنقضي وأفضت الى تأزيم المناخ العام وشحن الأجواء السياسية والنقابية خصّنا الباحث والمؤرّخ الجامعي بتحليل سياسي وتاريخي لما يسمّى برابطات حماية الثورة..
في البداية يقول د.علية عميرة الصغيّر "كلنا يعرف أنه أثناء الثورة وخاصّة بعد 14 جانفي تاريخ سقوط النظام برزت للوجود ما يسمّى بلجان لحماية الأحياء وتطوّرت إلى لجان حماية الثورة للسير بها نحو تحقيق أهدافها واستحقاقاتها التي قامت من أجلها لتتكوّن بعد ذلك الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وكنت أعرف أشخاصا شاركوا بفاعلية في حماية الأحياء والتصدّي إلى أعمال الشغب التي افتعلتها بعض الأطراف الموالية للنظام السابق.. وبعد استقرار البلاد سياسيا تولت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني مواصلة المسير لتحقيق استحقاقات الثورة..
وهذه الرابطات تكوّنت في مرحلة لاحقة ولم تكن لها علاقة مباشرة بالثورة وكانت أولى أعمالها القمعية تلك التي استهدفت شق عبد الرؤوف العيادي المنفصل عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أثناء زيارتهم لقابس..".
المليشيات تنتج أنظمة فاشية
ويضيف د.عميرة الصغير "وتتكوّن هذه المليشيات التي تسمّى برابطات حماية الثورة من عناصر من النظام السابق وشرذمة من المرتزقة وعناصر على هامش المجتمع ومجموعة من متعاطي العنف واذا تمعنا في الأشخاص الذين يتقدّمون هذه المجموعات وينصّبون أنفسهم في مواقع قيادية نجدهم من التجمّع، وتحت تأثير حزب النهضة خاصّة بعد أن أقرّ زعيمها في فيديو شهير أن الأمن والجيش غير مضمون, أصبحت هذه الرابطات بمثابة الأذرع الأمنية الطويلة لتطبيق أوامر الحزب الحاكم.. وهذه التنظيمات معمول بها لدى الأحزاب في الأنظمة الفاشية باستعمال المليشيات وسقط المتاع وحتى المغرّر بهم للسيطرة على المشهد والواقع السياسي، والاعتداء السافر الذي تعرّض له الاتحاد يأتي في نسق تصاعدي من الاعتداءات التي استهدفت الجامعة وبلغت حدّ السحل السياسي في تطاوين، تنمّ عن حالة تأهّب لمهاجمة كل المعارضين وهو ما يعكس ذهنية الأخوان المسلمين الذين لا يؤمنون لا بمدنية الدولة ولا بالديمقراطية، ولحلّ المشاكل يجب الرجوع الى القانون وللإطار العام الضامن للحقوق ونقصد الدولة، وهذه الأحزاب اليوم تبيّن فعلا أنها عكس ما كنّا نتصّور..
فحزب حركة النهضة أثبت أنه حزب لا يؤمن بالديمقراطية واستهدافه للاتحاد العام التونسي للشغل يرمي إلى ضرب الحراك الاجتماعي بعد أن أقرّ كل المختصين بفشله على كل المستويات، كما أنه لم يخطُ خطوات جدية نحو تحقيق أهداف الثورة..
وأمام هذا الوضع المخيّب للآمال لكتم الأصوات الاحتجاجية التجأ الحزب الحاكم إلى استعمال هذه الرابطات لترهيب وترويع الخصوم وليثبت أن شعارات الديمقراطية والحرية هي قناع انتخابي للوصول إلى الحكم والتمكين الاجتماعي..".
السيناريو الجزائري..
ويختم محدّثنا بالقول "هناك مؤشرات نلاحظها على أرض الواقع والتي تثبت أحيانا تصرّفا عدائيا من طرف الحزب الحاكم ناهيك عن الظاهرة السلفية التي تهدّد بموجة من العنف، لكن يبقى السيناريو الجزائري مستبعد لأن العنف الدامي أو الحرب الأهلية في التراث السياسي والاجتماعي في تونس وبالتالي فمستبعد أن تدخل تونس في صراعات دموية رغم اعتراف قادة التيار السلفي بوجود السلاح في البلاد.. لكن الإشكال يكمن في انحدار البلاد إلى دوامة من العنف السياسي لدرجة تطويع الأجهزة الأمنية الرسمية لقمع الاحتجاجات مثلما حصل في سليانة..
وبالتالي يبقى الخطر ولا نحدّ منه إلا باتحاد كل القوى الديمقراطية والحداثية للقطع مع الاستبداد ودكتاتورية الحزب الواحد.. لكن أقول بأن قيادات حزب حركة النهضة ليسوا على درجة من الحمق والغباء السياسي للمضي في صراع مع أطراف نقابية، بل بالعكس فهناك الكثير منهم يؤمنون بالديمقراطية والرأي المخالف.. وهذا لا يعني أن تهمل القوى الديمقراطية الحرص على حلّ رابطات حماية الثورة لإنقاذ المسار الانتقالي من مستنقع العنف السياسي..".

آمال القرامي (أستاذة جامعية في الحضارة الإسلامية :(الفاعلون السياسيون يوظفون الدين.. ويشحنون الجماهير
تشهد بلادنا منذ مدة حملات تكفيرية طالت العديد من الشخصيات السياسية وحتى التيارات الفكرية.. وهو ما دفعنا بالتوجّه بسؤال الى الأستاذة آمال القرامي أستاذة الحضارة الإسلامية بالجامعة التونسية حول من يقف وراء هذه الحملات التكفيرية التي وصلت أحيانا الى الدعوة الصريحة لهدر دم بعض الأشخاص وهل ساهمت هذه الحملات في شحن الجوّ العام بالمزيد من الاحتقان ممّا يهدّد البلاد بالانحدار إلى فتنة دامية؟
في إجابة عن هذا السؤال تقول آمال القرامي "سياق ما بعد الثورة له خصوصيته فنحن إزاء فوضى ومحاولات تستهدف التحلل من الالتزامات والضوابط المعهودة التي تنظم الاجتماع وهذا أمر متوقع إذا ما أخذنا في الاعتبار ما مرّت به بلدان خاضت تجارب مماثلة".
وتضيف محدّثتنا "كان بالإمكان بعد كلّ هذه المؤتمرات التي عقدت في بلادنا طيلة أكثر من سنة مدارها سبل إنجاح التحوّل نحو الديمقراطية" تحصين قلاعنا "وتفادي المنزلقات ولكن ثمّة عوامل أدّت إلى تأجّج الصراع واستشراء حالة الاحتقان منها: تغاضي وزارة الشؤون الدينية عن مطلب جوهري يتمثل في تحييد المساجد و"تطهيرها" من أناس يقومون بالتعبئة الإيديولوجية والسياسية التي تؤدي بالضرورة إلى التفكك الاجتماعي، ومنها أيضا تأرجح بعض الفاعلين السياسيين بين مقتضيات العمل السياسي ومتطلبات العمل الدعوي، فوجدنا لطفي زيتون والحبيب اللوز وغيرهما في لبوس الداعية الذي يشحن همم الجماهير حتى تخوض صراعا مع الآخر ممثلا في الإعلام أو الأزلام.. ومنها انطلاق قياديي التيار الجهادي في حملات تكفيرية فلم يتوانوا عن الزجّ بالشباب في حرب إيديولوجية تؤسس للفرقة على أساس الكفر/الإيمان، وتؤسس الجدران العازلة بين التونسيين، ومنها استخفاف الحكومة بدعوات تطالب بتوخي سياسة تُشعر المواطن بقيمة المساواة فوجدنا أسلوب الكيل بمكيالين، ووجدنا ضغوطا تمارس على القضاء وحربا تقودها السلطة الحاكمة لتصفية الخصوم السياسيين. ونجم عن كلّ ذلك أنّ المُختلف مُدان، يجرّد من مواطنيته ويعامل على أساس التمييز الجنسي أو الجهوي أو الطبقي أو الديني أو الإيديولوجي وطالما أنّ الفاعلين السياسيين يوظفون الدين لخدمة السياسة ويفتقرون إلى منظومة أخلاقية وقيم ترشّد سلوكهم فإنّ العيش معا حلم عسير المنال في مثل هذا السياق".

التدافع الاجتماعي "نظرية.. تطبق"
تطرح نظرية التدافع الاجتماعي التي يبشّر بها زعيم حركة النهضة وتتبناها الرؤية الإسلامية تصوّرا تصاعديا يبدأ بالحوار وينتهي بالصدام مرورا بالجدل والمنافسة والسبق والمواجهة والمغالبة وهو ما يعبر عنه بالمصطلح القرآني "التدافع". ويشكل التدافع الحضاري ومن منظور نفس الرؤية دائما "صيرورة دائمة وحيوية لا تعرف التوقف، وحالة طبيعية فضلا عن كونه أحد سنن الله في خلقه". ويقابل مدلولي الحوار والصراع اللذين يوظفهما الغرب حاضرا قصد استغلال الحضارات والشعوب الأقل تطورا والأضعف إمكانيات اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية.
ويحتكم التعويل على هذا المصطلح إلى تضمينه في النص القرآني على شاكلة ما ورد في سورتي الحج والبقرة "..ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" (الحج/ 40).. ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين" (البقرة: 251(.
ويشمل التدافع من منظور العارفين بمعناه مفهوما واسعا، إذ يتضمن معاني فكرية وسياسية وفلسفية. فهو إما أن يأخذ شكل المناكفات "الخفيفة"، محيلا على الحوار والتعايش، أو أن يتحوّل إلى صراع تدافعي يحيل على صدام بين رؤى ثقافية أو حضارية متباينة، كما قد يتم وفق عمليات فجائية غير مقدرة مسبقا، تحيل على الصدمة.

د.عبد اللطيف الحناشي :اختلطت الأوراق وتناسلت المشاكل والأزمات
تطلّ الثورة المضادة اليوم كوجه بشع لحقيقة لا يمكن أن ننكرها.. وبات أزلام النظام البائد أكثر جرأة في الاصطفاف و التنظّم بينما انصرف "الشرعيون" 'لتأبيد" بقائهم في السلطة..وبين هذا وذاك همّشت استحقاق الثورة حتى بات قانون العزل السياسي والذي كان من المفروض أن يطرح منذ البداية في إطار قانون للعدالة الانتقالية أداة لتصفية الخصوم وليس لتحقيق استحقاق ثوري..
"الصباح الأسبوعي" وفي هذا السياق طرحت التساؤل على الباحث والمحلّل السياسي د.عبد اللطيف الحناشي حول ما إذا كان النشاط المكثّف لأزلام النظام البائد قد زاد في احتقان الأوضاع و تأزيم المناخ العام..
بداية يقول د.عبد اللطيف الحناشي "من الطبيعي أن تفرز كل ثورة قوى مضادة تتحيّن الفرص أو الثغرات للانقضاض على الثورة أو احد مكاسبها. المشكلة في تونس انه وبعد سنتين من الثورة لم تتفق النخبة السياسية على مفهوم محدّد للثورة المضادّة و مواصفات عناصرها الاجتماعية والسياسية كما لم تتفق في كيفية محاصرتها ومن ثمّ مساءلة عناصرها و محاسبتها وتسليط العقوبة عليها على أسس واضحة في إطار العدالة الانتقالية".
ويضيف الحناشي "جميع الأحزاب، وباستثناءات قليلة، سعت لجلب عناصر متقدّمة من تلك القوى واستفادت من خبرتها الإدارية أو السياسية او من مالها وإمكانياتها اللوجستية بل و من جَاهِ بعض أفرادها...ولم يكن مشروع «قانون تحصين الثورة"، الذي جاء بعد نحو سنتين من الثورة محلّ استشارة ووفاق(شكلا ومضمونا وتوقيتا) دون الحديث عن مضمونه الذي عمّق الفرقة والاختلاف بين القوى السياسية داخل المجلس التأسيسي وخارجه...
عمى سياسي
ويضيف د. الحناشي بالقول "ان كان كل ما ذكرنا قد نمّى الاحتقان السياسي فان الأداء المرتبك للحكومة وعدم قدرتها الحسم في الكثير من القضايا الحساسة والهامة السياسية والاجتماعية،الوطنية أو الجهوية، وعدم إدارتها لشؤون الدولة والمجتمع بروح من التوافق وعدم استجابة احد ابرز مكونات المشهد السياسي للحوار الوطني، الذي دعت إليه ثلاثة أطراف فاعلة في المجتمع المدني، كل ذلك ساهم بقدر أو آخر في مضاعفة هذا الاحتقان الذي تجسّد في الإضراب العام لأبناء ولاية سليانة والطريقة العنيفة جدا التي عولجت بها الأوضاع ثم الاعتداء الشنيع والوحشي على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل وبعض قياديه من قبل مجموعات غير نقابية عُرفت بممارستها للعنف اللفظي او البدني في أي مكان حلّت به..
غير أن كل ذلك لا يمكن أن يغّيب عنا سلبية بعض أطراف المعارضة وأداء البعض منها الذي ذهب به "العمى السياسي" للالتقاء موضوعيا،وإراديا أحيانا، مع قوى الثورة المضادة والكيد للحكومة الشرعية، التي وفرت، بأدائها وسلوكها، الفرصة أيضا لتوسع جبهة المعارضة ضدّها... لتختلط بذلك كل الأوراق وتتشابك الأسباب وتتناسل المشاكل والأزمات التي قد تولد التصادم الذي لا يرغب احد في حدوثه...لذلك فان المطلوب اليوم من جميع القوى المشكّلة للمشهد السياسي السعي بكل قوة لتدارك الأمر حتى لا نصل إلى ما لا تحمد عقباه خاصة وان اغلب شعارات الثورة لم يتحقق منها شيء إلى الآن و صبر الجماهير التي كانت وقودا للثورة قد بدا ينفد مع ضجرها المتنامي من أداء النخبة السياسية وخطابها المملّ والمُراوغ في أحيان كثيرة "

أخصائية نفسية ل"الصباح الأسبوعي"
نضج الشعب السياسي.. أكثر من نضج النخب
أصبحت التصريحات السياسية في الأسابيع الأخيرة تتسم بحدّتها وتوترها الذي يزيد من تصعيد المواقف السياسية ومن شحن الأجواء بالاتهامات المتبادلة وهو ما يولد حالة من الاحتقان وتباين الرؤى إلى حدّ القطيعة السياسية.. ويؤكّد خبراء أن ذلك يعود بالأساس إلى غياب الرصانة اللازمة في الخطاب السياسي خاصّة في مرحلة انتقالية دقيقة تشهد تقلبات واهتزازات واحتجاجات شعبية متواصلة.. "الصباح الأسبوعي" طرحت على الأخصائية النفسية الدكتورة مريم صمود وعضو الرابطة التونسية للناخبات سؤالا حول الأسباب التي تراها تقف خلف التصريحات والخطابات المتشنّجة للسياسيين..
في البداية تقول د. مريم صمود "عندما قامت الثورة قامت بدافع شعبي غير مؤطر حزبيا وسياسيا ولم تكن نتيجة نضج سياسي للنخب الحزبية, كما هو متعارف عليه في بعض الثورات الأخرى بل كانت دوافعها تلقائية ونتيجة للحيف الاجتماعي الذي طال أغلب مكوّنات المجتمع.. وغياب النضج السياسي سببه ضعف المعارضة في السابق وتشتتها وعدم تمرّسها بالديمقراطية وبآليات العمل السياسي وحتى خطاباتها كانت تتمّ في إطار ضيّق أشبه بالصالونات الفكرية وبلغة "شعبوية" تميز العلاقات الإنسانية التلقائية لكن لم يكن هناك تمرّس على الخطاب أو التصريحات الرسمية الموجهة الى الشعب أو في حلقات النقاش السياسي تهتمّ بالرأي والرأي المخالف بكل ديمقراطية وحرية ودون فرض للرأي الواحد أو إقصاء للآخر..".
خطاب يفتقد للنضج
وتضيف صمود "ولعلّ هذا هو من الأسباب التي تجعل جلّ الخطابات السياسية متشنّجة وتتسم أحيانا بحدّة مبالغ فيها.. وربما نتفاجأ أحيانا في بعض المداخلات الإذاعية والتلفزيونية لمواطنين عاديين أكثر عمقا في تحليل الوضع السياسي وأكثر رصانة في طرح الحلول له.. وهو ما يعكس حقيقة أن الشعب له نضج سياسي أكثر من نخبه الحزبية.. النخب التي أصابتها عقب الثورة "بهتة" المفاجأة ممّا تحقق وانتابتهم حالة من الارتباك وانصرفوا مباشرة إلى التعامل بذهنية الغنيمة في توزيع الكراسي والمناصب دون الالتفاف إلى جانب مهمّ وهو تحسين القدرات التواصلية للسياسيين و"إنضاج" الخطاب السياسي حتى يساير "الصحوة" الشعبية التي أسقطت الطاغية.. حتى باتت المنابر ساحة مفتوحة للاتهامات والاتهامات المضادة.. والتراشق بالسباب ما يجعلنا لا نخرج عن إطار الدائرة المفرغة.. وما يؤسف له حقيقة أن المجلس التأسيسي الذي يعتبر تتويجا لمسار الثورة والنتيجة التي انتظرها المواطن وطوّعت لأجلها كل القوى الحية في البلاد.. لكن النتيجة كانت كارثية حيث انصرف المجلس -السلطة الأصلية والشرعية- إلى المشاحنات دون المحافظة على وقار ورصانة المجلس هو ما "حقّر" صورته لدى الجماهير وجعله لا يتحلى بالاحترام الشعبي المفترض في مثل هذه الحالات.

استعدادات الجهات للإضراب
تونس
متابعة يومية مع النقابات بالجهة بحسب الروزنامة التي أعدتها الهيئة الإدارية الجهوية مع التنسيق لتدعيم حراسة مقرات الاتحاد وذلك بالتناوب بين نقابات الجهة.
توزر
تلتئم اليوم ندوة إطارات ينتظر أن تضم ما يقارب 450 نقابيا من جهة توزر وذلك لاستعراض الترتيبات لإنجاح الإضراب وذلك بعد نجاح الإضراب الجهوي واستعداد الإطارات النقابية بالجهة لإنجاح موعد 13 ديسمبر2012.
باجة
اجتماع عام ناجح وكل النقابات بالجهة حريصة على إنجاح الإضراب العام.
المنستير
متابعة يومية وتنسيق متواصل مع النقابات بالجهة خصوصا اثر الهيئة الإدارية وتأكيدها على ضرورة إنجاح الإضراب بمساهمة الجميع.
مدنين
انطلقت مسيرة كبرى من أمام مقر الاتحاد المحلي للشغل بجرجيس وذلك اثر تجمع العديد من مكونات المجتمع المدني بالجهة والتي أبدت مساندتها للاتحاد. وتلتئم اليوم هيئة إدارية جهوية بمدنين لمزيد تنسيق الإعداد للإضراب العام وتفعيل التواصل بين مختلف الإطارات النقابية بالجهة.
سوسة
شهدت الجهة عقد العديد من الندوات الإطارية لقطاعات (التعليم الابتدائي والثانوي والقيمين) إضافة إلى العديد من الندوات الإطارية المحلية.
منوبة
شهدت الهيئة الإدارية حضورا مكثفا لمختلف النقابات بالجهة والتي عبرت عن استعدادها التام لإنجاح الإضراب العام وتمسكها بقيادتها النقابية وتنديدها بالاعتداءات التي طالت منظمتها العتيدة في ذكرى الزعيم العزيز على قلوب كل النقابيين.
المهدية
انتظم أمس تجمع عمالي كبير بالجهة تعرض للهجمة الشرسة التي طالت الاتحاد العام التونسي للشغل وحرصت خلالها الإطارات النقابية بالجهة على التعبير عن استعدادها لإنجاح الإضراب العام.
كما عقد الطرف النقابي اجتماعا مع الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية تطرق إلى الإضراب الجهوي ودوافعه وقد أبدى ممثلو الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة تفهمهم وكانت الجلسة إيجابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.