◄مصرون على دعم المسار الانتقالي والانفتاح على المجتمع المدني – بروكسيل- "الصباح من آسيا العتروس- "الربيع العربي" لأول مرة على أجندة القمة الاوروبية التي تفتتح اليوم أشغالها في العاصمة البلجيكية بروكسيل، فهل يمكن أن يحمل هذا الحدث في طياته سببا للتفاؤل بشأن مسار العملية الانتقالية في الدول المعنية، أم على العكس سوف لن يكون الأمر أكثر من حدث للاستهلاك الاعلامي في مرحلة لا تخلو من الحساسية بالنسبة لأوروبا التي تعاني من تداعيات أزمة اقتصادية حادة ولكنها لا تمنع عيون المسؤولين وصناع القرار لديها من متابعة ما يحدث في الضفة الأخرى للمتوسط؟. سؤال طرحناه أمس على باتريس برغاميني (Patrice Bergamini) رئيس لجنة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودول شمال افريقيا والشرق الأوسط في لقاء قبل ساعات على افتتاح أشغال قمة الاتحاد الاوروبي، وأبعاد هذا الاهتمام وحول موقف الاتحاد الاوروبي صاحب جائزة نوبل للسلام مما يحدث في المنطقة العربية من تطورات متسارعة بعد سنتين على الربيع العربي . طبعا، لم يكن من مجال لتجاهل جريمة اغتيال الفقيد شكري بلعيد أمس وما يحدث من محاولات لدفع البلاد الى حمام من الدم. محدثنا الذي أفادنا بأنه سيكون اليوم في تونس لإجراء محادثات مع المسؤولين، أشار إلى أن الأوروبيين يتابعون ما يحدث في تونس بكثير من الانشغال قبل أن يستطرد بأنه بدأ مسيرته الديبلوماسية في تونس قبل عشرين عاما وهو لا يزال يذكر كيف كان يمر حينما كان يتوجه كل يوم من مقر سكناه بسيدي بوسعيد إلى مقر السفارة، برسوم الغرافيتي لشباب ثائر على جدران قصر المخلوع بسيدي الظريف وعليها عبارات ناقدة بأن صندوق 26 -26 لم يكن للفقراء ولكن لإقامة القصور الفاخرة للحكام، وأنه كان يتابع عمليات إزالة تلك الرسوم يوميا طوال سنوات إلى أن أقدم شاب اسمه البوعزيزي على حرق نفسه، وبقية الحكاية معروفة... ويضيف باتريس برغاميني مسؤول الاتحاد الاوروبي أنه اختار هذه المقدمة ليؤكد أن الاتحاد الاوربي يتابع ما يحدث في دول الربيع العربي وتحديدا في تونس وأن دعم المسار الانتقالي في هذا البلد لن يتوقف، وقال "نحن مصممون على دعم التغييرات في دول الربيع العربي". وشدد برغاميني على خطورة الأسلحة المنتشرة في المنطقة وقال أنه عمل مع سولانا وتنقل بين أفغانستان والعراق وغزة ولم ير ما رآه من أسلحة في ليبيا، وأكد أنه شاهد مراهقين في سن الثالثة والرابعة عشرة في الشوراع الليبية يحملون أكثر من سلاح بين «كلاشنكوف» و"أر بي جي" وغيرها... وخلص إلى أنه لن يكون بإمكان الدول المعنية ولا أوروبا وحدها مواجهة هذه المشكلة. ولم يخف المسؤول الأوروبي انشغال أوروبا بما وصفه ب"حالة الدومينو" التي امتدت مع الثورات العربية، وتساءل إن كانت موريتانيا والسودان على القائمة قريبا ... "نعرف الاخوان والاخوان يعرفوننا" وقال "نعرف الاخوان المسلمين والاخوان يعرفوننا والعلاقة بيننا لم تبدأ مع التحولات في دول الثورات العربية فقد عرفناهم من قبل في غزة ونحن لا نعتقد أن الاسلام السياسي خطر ولكننا نميز بين الاسلام الراديكالي والاسلام المعتدل"... الثورات العربية لن تكون الموضوع الوحيد المطروح على أجندة القمة الاوروبية اليوم بل ان الازمة في سوريا وتطورات الاحداث في الصومال سيكون لهما نصيب، وقد أشار محدثنا الى أنه آن الأوان للتحرك في سوريا وأنه لا يمكن تكرار ما حدث في البوسنة حيث انتظرت أوروبا طويلا الى أن تجاوزت حصيلة الضحايا هناك 200 ألف قتيل، وقال «علينا ألا ننتظر حتى يبلغ عدد الضحايا في سوريا كما بلغ في البوسنة... كلما تأخرنا كلما تعقد الوضع وازداد صعوبة». وقال محدثنا أن القمة الاوروبية التي تستمر يومين ستكون على أجندتها ولأول مرة دول الربيع العربي وأنه من جانبه أكثر ميلا لاستعمال عنوان الثورات العربية بدل الربيع العربي، وشدد على الاتحاد الأوروبي حرص على تعزيز العلاقات مع الجامعة العربية وأنه سبق لدول الاتحاد الاوروبي أن جمعت بين وزراء خارجية الدول العربية ونظرائهم في أوروبا وأن هناك التزاما من دول الاتحاد ال27 لتطوير العلاقات بين مؤسسات الاتحاد الاوروبي وقوى المجتمع المدني وأن الاهتمام بحقوق الانسان والحريات سيظل قائما. "أجواء ساخنة"... مقابل تفاؤل الديبلوماسي فإن الامر مختلف الى درجة التضارب بالنسبة لعديد الصحفيين البلجيكيين وغيرهم في مقر الاتحاد الاوروبي، وهم يرون أن ادراج موضوع الربيع العربي على أجندة القمة لن يستغرق الا بعض الوقت وأن اهتمام الرئيس الفرنسي هولاند مرتكز في الوقت الراهن على ما يحدث في مالي فيما بقية القادة الاوروبيين منشغلين بالخلافات حول ميزانية الاتحاد وقضايا البطالة والركود والانهيار الاقتصادي في اليونان والأزمة المستمرة في اسبانيا... عموما فإن أغلب التوقعات تذهب إلى أن الأجواء خلال القمة الأوروبية ستكون ساخنة على عكس أجواء الشتاء السائدة في البلاد وذلك في ظل غياب التوافق بشأن ميزانية الاتحاد خلال السنوات السبع القادمة (بين 2014 و2020)... وقد فشلت قمة نوفمبر الماضي في التوصل لاتفاق بهذا الشأن. وهناك رؤى مختلفة للغاية بشأن وجهات إنفاق أموال الاتحاد الأوروبي التي تقدر إجماليا بنحو تريليون يورو. وقد أكدت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل أن تمويل الاتحاد الأوروبي «مهم للغاية» للعديد من الدول الأعضاء التي تواجه ارتفاعا في معدلات البطالة وضعف النمو. وتوقعت أن تكون المحادثات صعبة. واتفقت الدول في نهاية المطاف بالفعل على ميزانية 2013 في ديسمبر، لكن الميزانية التي تغطي سنوات عديدة هي أمر أكثر تعقيدا وتشمل أولويات طويلة المدى والتزامات مالية على مدى السنوات السبه القادمة . ويصر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على خفض الميزانية التي تغطي هذه الفترة. ويدعم موقف بريطانيا كل من هولندا والدنمارك والسويد في المطالبة بخفض الميزانية المخصصة للزراعة، لكن فرنسا -التي تستفيد بشدة مما يعرف بالسياسة الزراعية المشتركة - تريد الإبقاء على الانفاق بمستوياته الحالية... ومن المنتظر أن تشمل قمة اليوم بالإضافة الى ما سبق، أزمة اللاجئين السوريين الى جانب قضية «حزب الله» اللبناني والتي يبدو أنها احتلت حيزا من الاهتمام بعد اتهام بلغاريا لهذا الحزب بتفجير حافلة في بوغارس..