هناك أعمال فنية نشاهدها بسعادة ولكننا ننساها بسرعة.. وهناك نتاجات تشكيلية نراها بنوع من التقدير دون الموافقة عليها أو ربما رفضها.. ولوحات أخرى تبقى معنا، لاننا أحببناها بعمق. وأعمال لا تحتاج حتى لمجرد التعليق عليها،، واللوحات التي ازدانت بها قاعات العروض بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون مؤخرا في اطار الملتقى الدولي للفن التشكيلي وعلى هامش المنتدى الاجتماعي العالمي الذي انتظم ببلادنا تحدثت بعض اللوحات الى مشاهديها. فكانت عملية ممتعة للعقل والجسد، فيها لذة التوحد مع الفن. وهناك أعمال رسمت في ظروفها وكانت بنت ساعتها وكأنها منشورات سرية أو صرخة مظلوم. ومن بين ابرز تلك اللوحات التي لفتت اليها الانتباه نجد اعمال الفنانة المغربية ربيعة الشاهد مدرسة الفنون التشكيلية ورئيسة مهرجان "بصمات" بالمغرب.. لوحات مزجت فيها الواقعية والتجريد فأفرزت وثيقة على معراج الفن العربي المعاصر. رسومات الفنانة ربيعة تلغي المسافة المبهمة بين الرائي وأعمالها الفنية.. أي عندما نوجز(عالم الفنانة) وعلاقتها باللون، واعتدادها بالقيم التشكيلية والفراغية والضوئية فقط بوصفها مجرد وظائف لخدمة اللون. وتوزيعها للمساحات اللونية المتجاورة على فراغ اللوحة، بحيث تمثل كل مساحة منها احد العناصر المحددة حتى يكتمل العمل الفني. وعندما تشاهد هذه الاعمال تؤخذ بجمال الألوان وحسن توظيفها ورقة الخطوط وتعدد الإيقاع والحركة والتماثل والتوازن والتناسق والتنافر، منفردة أو مرتبطة ببعضها البعض مثلما تسحر بغرائب الكون ومنظوماته وفضائه اللانهائي.. هي تجربة تدرك وأنت تطلع عليها ان هذه المبدعة العربية تسعى الى اضافة تجارب شخصية في سياق عموم الحركة الثقافية والفنية خارج حدود المعنى التقليدي المألوف... تجربة الفنانة ربيعة الشاهد تؤكد أن الفنان المفعم بالصدق مهما توغل بعيدا في ترجمة أفكاره ومهما حلق عالياً في سماء التجريد سعيا وراء كل جديد إلا وكان قريبا من المنحى الواقعي ذلك لأن مصادر الإلهام تبقى واقعية وقريبة من تخوم القواعد الأساسية التي تحكمها العلاقات اللونية السليمة وخصوصا الظل والضوء، فالألوان لا تختلف في وظيفتها كفن بصري عن وظيفة الأصوات في مجال الموسيقى كفن سمعي من حيث تأثيرها على المجتمع بالرغم من تباين المفردات واختلاف الأدوات، فعملية التبليغ وكذا التلقي موسيقيا أو تشكيليا وإن اعتمدت في جوهرها على التخيل والتجريد، فإنها تنطلق من ذات القنوات الحسّية، التي تصور وتعبر عن محتوى ولغة كل منهما.