أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي خطيبها ومفتيها المحقق المتفنن النظار، انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي بالديار الافريقية آخر عمره. كان مقرئا فقيها منطقيا، فرضيا، نحويا، اشتغل في بادئ أمره بالقراءات والنحو والأصلين والمنطق وغير ذلك، وأقبل في آخر عهده على التوسع في دراسة الفقه حتى صار فيها اماما مبرزا له فيه أنظار جيدة. نعته المجاري الأندلسي بقوله «الشيخ الفقيه المفتي المحدث الراوية إمام أهل زمانه في فتح إقفال المشكلات، وكشف نقاب شبه المعضلات». أخذ العلم عن كبار علماء عصره ومنهم والده، وقرأ كتاب سيبوية، وهو من رؤساء العلوم في القرن الثامن الهجري حج سنة 792 / 1398. فتلقاه العامة وأرباب المناصب بالاكرام التام. تسابق العلماء للأخذ عنه واستجازته منهم الحافظ ابن حجر. لم يتول من المناصب سوى الخطابة والإمامة بجامع الزيتونة وذلك بداية من سنة 772 / 1370. وبعد وفاة الشيخ إبراهيم البسيلي سنة 756 / 1355 تقدم عوضه لإمام الخمس، وولي خطيبا سنة 772. وفي هذا العام تولى الفتيا بجامع الزيتونة. وكان المفتي بعد صلاة الجمعة هو الشيخ احمد بن احمد الغبرينيي (وله صاحب عنوان الدراية) إلى أن توفي سنة 770 / 1368، فوليها عوضه الامام ابن عرفة. ولما تولى الامامة والخطابة بجامع الزيتونة لم يرض به أهل مدينة تونس لأنه ليس ابن بلدتهم فاشترطوا عليه شروطا فقبلها منها ألا يأكل التين لعسر الاتقاء منه، فقال «من فضل الله ما أكلته قط ومنها ألا يمشي على الأرض حافيا فقال «لا أتركها ةلا في المسجد.» وأول مرة رقى المنبر قال: أيها الناس: يرفع الدهر أنا سا بعد أن كاونوا سفال من له في الغيب شيء لم يمت حتى يناله توفي في الرابع والعشرين من جمادى الأولى، وقيل في 27 رجب / 6 أكتوبر، ودفن بالجلاز من مؤلفاته: تفسير، ختم تفسير الكتاب الكريم عدة ختمات وله تلاميذ يدونون له وتساعيات في الحديث، وشرح مختصر الحوفي في الفرائض، والمبسوط في الفقه، والمختصر في المنطق ومنظومة في قراءة يعقوب (انظر الفقه السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي وتراجم المؤلفين التونسيين لمحمد محفوظ الذي توسع في تقديمه).