تقنين الأمن الشامل أكبر ضمانة لتحييد دواليب الدولة عن التجاذبات السياسية انتشار للأسلحة ومظاهر العنف مؤشرات لمشروع مجتمعي جديد يراد فرضه على المجتمع التونسي المشكل ليس في من قتل شكري بلعيد وإنما في الكشف عن الأطراف المدبّرة لعملية الاغتيال ◗ أجرت الحوار : منال حرزي - أكد الدكتور نصر بن سلطانة الديبلوماسي والباحث الجامعي في سياسات الدفاع والأمن الشامل ورئيس الجمعية التونسية للدراسات الاستراتيجية وسياسات الأمن الشامل عدم وجود قرار سياسي لإصلاح المنظومة الامنية مشيرا إلى أن ما نراه اليوم من انتشار للأسلحة ومظاهر العنف هي جميعها مؤشرات لمشروع مجتمعي جديد يراد فرضه على المجتمع التونسي. وعبر بن سلطانة في لقاء خص به "الصباح" عن اعتقاده انه لن يتم الحسم في حادثة اغتيال الشهيد شكري بلعيد وذلك لاعتبارات وطنية وداخلية وخارجية. وفيما يتعلق بتبني سياسة الأمن الشامل ذكر سلطانة انه على مستوى الخطاب السياسي يكون الحديث دائما عن امن شامل ولكن في حقيقة الامر لا سياسة لنا في هذا المجال داعيا في هذا السياق إلى ضرورة تقنين منظومة الأمن الشامل. وفي ما يلي نص الحوار : كنت قد صرحت سابقا أن البلاد اليوم أكثر ما تحتاجه هو أن تتبنى سياسة الأمن الشامل، هلا فسرت ذلك؟ - الأمن الشامل يعتبر مفهوما حديثا للأمن القومي وعدم استعمال مصطلح الأمن القومي حاليا الهدف منه الابتعاد عمّا يمكن أن يثيره من سوء فهم أو إشكالات مختلفة. ويعتبر اعتماد هذا المفهوم الأمني الحديث إشارة إلى بداية الاهتمام بصفة أولية بمختلف مشاغل حقوق الإنسان وإحلالها مرتبة ومكانة متطلبات امن الدولة . حسب رايك، لما لم تتبنّ تونس سياسة الأمن الشامل؟ - بالنظر الى وضع تونس فيما يخص مسالة الأمن الشامل ولأنه كمفهوم امني هو بالضرورة مفهوم لسياسة أمنية شاملة يراد منها تسيير دواليب الدولة والتعامل مع كل القطاعات المعنية بمسالة امن البلاد الداخلي والخارجي ومختلف تفرعاته أي الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي .. وكل دولة تتبنى سياسة في هذا الاتجاه بمعنى سياسة دفاعية أو امنية لحماية أمنها الداخلي والخارجي في مختلف أبعاده. تونس منذ الاستقلال لم تخرج عن هذا السياق وتبنت عدد من السياسات الامنية الى ان اصبح الحديث منذ بداية التسعينات اعن الامن الشامل في تونس. ولكن هذا الموضوع بقي على مستوى الخطاب السياسي فقط. الإشكال بالنسبة لتونس اصبحنا نتحدث عن الامن لكن بقي في اطار سياسة دفاعية. سياسة الدفاع الشامل لم تخرج في هذا الإطار من السياق الدفاعي باتجاه سياسة أمنية أكثر تفتحا وتعاملا مع مسائل الأمن الداخلي والخارجي. للأسف ليس لنا في تونس بالمعنى العلمي والأكاديمي سياسة في مجال الأمن الشامل ولا حتى في مجال الدفاع الشامل. يعني أن أي دولة عندما تحاول أو تقوم بتبني سياسة أمنية أوسياسة دفاعية هنالك متطلبات لهذا الوضع. لكن بعض أعضاء الحكومة أشاروا إلى وجود سياسة أمن شامل؟ - في تونس نتحدث عل مستوى الخطاب السياسي عن امن شامل وعن سياسة دفاع شامل ولكن في حقيقة الأمر ليست لنا سياسة في هذا المجال باعتبار انه لا وجود لإطار قانوني لهذه السياسة لا على مستوى القانون العادي ولا حتى على مستوى الدستور. المشكل هو انه منذ الاستقلال إلى حد الآن وحتى بعد قيام ثورة ليس لنا قرار سياسي واضح بتبني سياسة بالمفهوم العلمي والأكاديمي المتعارف عليه.، والتي تستوجب تقنينا وإيجاد قوانين تضبط هذه السياسة و تضبط مهام السلط السياسية سواء السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية في هاته السياسة والإشكال حسب رأيي أن القيادات السياسية وأصحاب السلطة لا رغبة لهم في تقنين هذا الموضوع حتى لا تكون عائقا أمامهم في بث سيطرتهم والإمساك بمختلف دواليب الدولة. فالماسكين بزمام السلطة سواء قبل حكومة الترويكا أو حاليا لا رغبة لهم في تقنين مثل هاته المسائل. من موقعكم كجمعية، ألم تعملوا على الضغط على المجلس الوطني التأسيسي لدسترة مفهوم الأمن الشامل؟ - ليس ضغطا بقدر ما هو عملية تحسيس كجمعية قمنا بعدة ملتقيات تهدف إلى التعريف بالأمن الشامل وقد أكد الجميع على ضرورة دسترة هذه المنظومة . أي علاقة بين واقع البلاد اليوم و ضرورة تبني سياسة الامن الشامل؟ - باعتبار الأمن الشامل يعنى بمختلف القطاعات والسياسيات الخاصة لإدارة واقع البلاد الداخلي والخارجي فان تبني هذه المنظومة تمكننا من التعامل مع مختلف هاته المشاكل المطروحة والتحديات أيضا المطروحة أمام البلاد في إطار سياسة موحدة ليست سياسات قطاعية باعتبار أن غياب سياسة الامن الشامل يجعلنا نتعامل مع كل قطاع على حدة دون ان تكون هنالك سياسة موحدة ونظرة شاملة لمعالجة مختلف هذه المسائل. التعامل مع الأمن الاجتماعي أو الاقتصادي او السياسي أو العام هو تعامل مترابط بين بعضه البعض وتكون نتائجه أفضل في إطار سياسة تجمع بين مختلف هذه القطاعات لتحقيق هدف معين . نأتي الآن إلى المنظومة الأمنية التي تعالت الأصوات مطالبة بإصلاحها..بعيون الخبير الامني كيف ترى هذه المنظومة وماهي نقائصها؟ - الوضع الأمني حاليا مرتبط بالمؤسسة الأمنية والعسكرية التي لها دور في حماية الأمن العام والحدود والتعامل مع بعض الجرائم كجرائم التهريب خارج حدود البلاد. هاتين المؤسستين لعبتا دورا هاما بعد الثورة في دعم الاستقرار والتعامل مع مختلف التهديدات التي تشهدها البلاد على غرارالتهديدات الداخلية وبعض التهديدات الخارجية المرتبطة سواء بتهريب الأسلحة والمخدرات أو بالجريمة المنظمة فضلا عن بروز السلفية الجهادية خاصة تلك المرتبطة بتنظيم "القاعدة ". المطلوب من الدولة أن تقوم بدعمهما وبتوفير الضمانات القانونية لنشاطهما بكل حيادية توفير الإطار القانوني التي يجعلها تعمل بكل أريحية وفي إطار القانون. ولكن ما الذي يعوق عملية الإصلاح ؟ - أكثر من هم دراية بهذا الموضوع هم أبناء المؤسسة الأمنية وإذا توفرت لهم إمكانيات إصلاح هذه المنظومة سيتم ذلك في اقرب الآجال. وتبقى عملية الإصلاح مرتبطة بمسألة معينة إذا حلت حل هذا المشكل اي أهمية وجود قرار سياسي. ان غياب القرار السياسي لإصلاح المنظومة الأمنية هو الذي يعيق اي شيء بمعنى لو وجد قرار سياسي لإصلاح هذه المنظومة لأصلحت خاصة بعد مرور سنتين عن قيام ثورة. هذا التأخير مرده هو رغبة السلطة الحاكمة سواء الحالية أو التي سبقتها في مواصلة استغلال هذا الجهاز والعمل على تطويعه خدمة لسياستها الداخلية. هل تعتقد أن المنظومة الأمنية الوطنية قد اخترقت؟؟ - مطالبة أبناء المؤسسة الامنية بتحييدها عن التجاذبات السياسية يدخل في هذا الإطار والحديث عن عدم رغبة في تحييد المؤسسة الأمنية باعتبار أن هنالك توجه للسيطرة على هذه المؤسسة وحتى مؤسسات أخرى . وهذا توجه منذ الثورة، فالحكومات التي تعاقبت بعد الثورة كان لها نفس الهاجس وكيفية استعمال المؤسسة الأمنية لتحقيق برامج سياسية أو لتحييدها في بعض الملفات التي تعاملت معها يحيادية قد لا ترضي هذا الطرف أو ذاك. ألا ترى أن الخطوات لا زالت بعيدة لإرساء أمن جمهوري خاصة مع تغلغل بعض الأطراف من النهضة داخل المؤسسة الامنية؟ - بعيدا عن الأمن الجمهوري وحركة النهضة وباقي الاطراف الاخرى بصفة عامة، الحديث عن تقنين الأمن الشامل بما فيه طبعا المؤسسة العسكرية والأمنية والمؤسسة الديبلوماسية والاقتصادية وغيرها هذه اكبر ضمانة لتحييد دواليب الدولة عن التجاذبات السياسية. العبرة ليست في الكلمات أو الوصف (امن جمهوري أو غيره) وإنما في التقنين وما يعطي في إطار هذا القانون من مهام وما يوضع من اطر لحماية نشاط المؤسسة الأمنية وكما قلت بالنسبة لإرساء امن جمهوري ومؤسسة أمنية محايدة فإن المسالة مرتبطة بقرار سياسي. لنتحدث عن السياسة الدفاعية لتونس اليوم الا ترى انها باتت مهددة مع تفشي الجريمة المنظمة، وتهريب السلاح وخاصة الخطر الذي باتت تمثله بعض التيارات السلفية الجهادية المسلحة ؟ - في البداية يجب الإشادة بجهود المؤسسة العسكرية وتثمين دورها في تأمين عملية الانتقال الديمقراطي باعتبارها مؤسسة وطنية. واقع المؤسسة العسكرية فيه ايضا بعض الجوانب التي تتطلب الاهتمام من حيث التجهيزات العسكرية التي تشهد نقصا. ولكن مع هذا يجب الإشارة إلى أن المؤسسة العسكرية في حاجة ايضا الى تقنين حياد المؤسسة ودسترة مبدإ حياد المؤسسة العسكرية باعتبار أن ذلك ضامن لأي إمكانية استغلال هذه المؤسسة من قبل السلطة السياسية الحاكمة. ولكن ألا ترى انه بقدر جهود أجهزة الأمن بقدر انتشار السلاح ؟ - هذه مشكلة أخرى في حيادية المؤسسة الأمنية والتي يراد ابعادها عن هذه الحيادية والسيطرة عليها بالطبع عندما نسمع تورط عدد من الساسة ومن الجهات الداخلية في هذه المسألة خاصة السلفية الجهادية بالطبع مع ارتباطات أخرى مع جهات أخرى قد تكون بعلم قياداتها السياسية أو بدون علمها هذا ياتي ايضا في إطار مشروع مستقبلي لبعض الأطراف المتطرفة في فرض نموذج معين أو في فرض أفكار معينة بقوة السلاح بالطبع هذا في علاقة أيضا بمخططات أجنبية اذ لا يمكن أن تتم هذه العمليات دون وجود ارتباطات خارجية وكلنا يعلم بعض المصالح الخارجية في تونس في إطار مشروع جيواستراتيجي للمنطقة ككل. ما نلاحظه اليوم من انتشار السلاح ومظاهر العنف وكل هذه المظاهر التي لم يعتد عليها التونسي هي جميعها مؤشرات لمشروع مجتمعي جديد يراد فرضه على المجتمع التونسي في إطار أجندا داخلية وخارجية ليست مرتبطة بتونس بالأساس وإنما بمشروع لمنطقة كاملة. كديبلوماسي تعمل صلب وزارة الخارجية لمدة 17 سنة الا ترى ان صورة تونس في الخارج اهتزت؟ - مسالة التحفظ المهني والديبلوماسي يفرضان علي عدم الاجابة. طيب على الأقل لو تحدثنا عن واقع الوزارة اليوم؟ - هذه المؤسسة أولا تزخر بالكفاءات من الجنسين للأسف هي مغيبة عن موقع القرار، ولكن ما يمكن التأكيد عليه ان الوزارة متى تم استغلالها بالوجه الأمثل والكيفية المطلوبة قادرة أن تجعل من الديبلوماسية ومن سياستنا الخارجية سياسة متألقة وقادرة على الدفاع عن مصالح البلاد وتوفير أيضا متطلبات على غرار التنمية الداخلية. هل سوقنا للثورة التونسية كما يجب ؟ - (يضحك) على كل هذا يبقى مرتبطا بمعنى الثورة الذي نريد أن نسوّق لها ومكانة الديبلوماسية في هذا العمل. للأسف الديبلوماسية لم تعط حظها للقيام بمهامها على الوجه المطلوب بل أكثر من ذلك أغرقت في عديد المشاكل المهنية والقطاعية وتم التعامل مع كفاءاتها بطريقة لا تساعد على العمل الجيد. قرأت لك تصريحا في ما يخص اغتيال الشهيد شكري بلعيد وكنت قد اعلنت فيه ان حادثة الاغتيال اما قد تمت بتحريض أو تخطيط من اجهزة استخباراتية اجنبية او تقف وراءها اطراف داخلية. كيف تفسر التاخير الحاصل في الكشف عن القاتل؟ - هذا يذكرنا بعملية اغتيال كيندي، الكشف عن الحقيقة يبقى طويلا لا لشيء إلا لان الوصول إلى الحقيقة قد يؤجج مشاكل أو قد يؤجج صراعات المشكل ليس في من قتل شكري بلعيد وإنما في الكشف عن الأطراف المدبرة لعملية الاغتيال، هذا هو الإشكال الكبير الذي اعتقد انه لن يتم الحسم فيه لاعتبارات وطنية وداخلية وخارجية. nt-famv� "���sans-serif"'ولكن ألا ترى انه بقدر جهود أجهزة الأمن بقدر انتشار السلاح ؟
- هذه مشكلة أخرى في حيادية المؤسسة الأمنية والتي يراد ابعادها عن هذه الحيادية والسيطرة عليها بالطبع عندما نسمع تورط عدد من الساسة ومن الجهات الداخلية في هذه المسألة خاصة السلفية الجهادية بالطبع مع ارتباطات أخرى مع جهات أخرى قد تكون بعلم قياداتها السياسية أو بدون علمها هذا ياتي ايضا في إطار مشروع مستقبلي لبعض الأطراف المتطرفة في فرض نموذج معين أو في فرض أفكار معينة بقوة السلاح بالطبع هذا في علاقة أيضا بمخططات أجنبية اذ لا يمكن أن تتم هذه العمليات دون وجود ارتباطات خارجية وكلنا يعلم بعض المصالح الخارجية في تونس في إطار مشروع جيواستراتيجي للمنطقة ككل. ما نلاحظه اليوم من انتشار السلاح ومظاهر العنف وكل هذه المظاهر التي لم يعتد عليها التونسي هي جميعها مؤشرات لمشروع مجتمعي جديد يراد فرضه على المجتمع التونسي في إطار أجندا داخلية وخارجية ليست مرتبطة بتونس بالأساس وإنما بمشروع لمنطقة كاملة. كديبلوماسي تعمل صلب وزارة الخارجية لمدة 17 سنة الا ترى ان صورة تونس في الخارج اهتزت؟ - مسالة التحفظ المهني والديبلوماسي يفرضان علي عدم الاجابة. طيب على الأقل لو تحدثنا عن واقع الوزارة اليوم؟ - هذه المؤسسة أولا تزخر بالكفاءات من الجنسين للأسف هي مغيبة عن موقع القرار، ولكن ما يمكن التأكيد عليه ان الوزارة متى تم استغلالها بالوجه الأمثل والكيفية المطلوبة قادرة أن تجعل من الديبلوماسية ومن سياستنا الخارجية سياسة متألقة وقادرة على الدفاع عن مصالح البلاد وتوفير أيضا متطلبات على غرار التنمية الداخلية. هل سوقنا للثورة التونسية كما يجب ؟ - (يضحك) على كل هذا يبقى مرتبطا بمعنى الثورة الذي نريد أن نسوّق لها ومكانة الديبلوماسية في هذا العمل. للأسف الديبلوماسية لم تعط حظها للقيام بمهامها على الوجه المطلوب بل أكثر من ذلك أغرقت في عديد المشاكل المهنية والقطاعية وتم التعامل مع كفاءاتها بطريقة لا تساعد على العمل الجيد. قرأت لك تصريحا في ما يخص اغتيال الشهيد شكري بلعيد وكنت قد اعلنت فيه ان حادثة الاغتيال اما قد تمت بتحريض أو تخطيط من اجهزة استخباراتية اجنبية او تقف وراءها اطراف داخلية. كيف تفسر التاخير الحاصل في الكشف عن القاتل؟ - هذا يذكرنا بعملية اغتيال كيندي، الكشف عن الحقيقة يبقى طويلا لا لشيء إلا لان الوصول إلى الحقيقة قد يؤجج مشاكل أو قد يؤجج صراعات المشكل ليس في من قتل شكري بلعيد وإنما في الكشف عن الأطراف المدبرة لعملية الاغتيال، هذا هو الإشكال الكبير الذي اعتقد انه لن يتم الحسم فيه لاعتبارات وطنية وداخلية وخارجية.