قيل الكثير عن مؤتمرات الحوار الوطني .. منذ المؤتمر الاول الذي دعا له اتحاد الشغل في اكتوبر الماضي وبعده ورغم مقاطعة حزبي المؤتمر والنهضة لمؤتمر اكتوبر حضرت قياداتهما مؤتمر امس .. مثلما شاركت في مؤتمر السبت الماضي الذي نظمته قيادة اتحاد الصناعة والتجارة وحضره الرؤساء الثلاثة وزعماء عن حزبي نداء تونس والجبهات الدستورية بزعامة السادة كمال مرجان ومحمد جغام وعمر صحابو وتوفيق بوخود .. مبادرة اتحاد الشغل تكتسي صبغة رمزية بحكم الوزن الاجتماعي والوطني لهذه المنظمة في التوازنات العامة بالبلاد منذ 1946 وخاصة منذ مؤتمر صفاقس 1955 للحزب الدستوري الذي كان موقف الاتحاد حاسما فيه في الخلاف البورقيبي اليوسفي.. ورغم كل الاختلافات في تقييم اداء اجيال من القيادات النقابية فان مشوار اتحاد الشغل منذ مواجهات 26جانفي 1978وجانفي 1984جعل منه " الرقم الصعب " في معركة خلافة بورقيبة والمحطات التاريخية التي مرت بها تونس خلال ربع القرن الاخير .. وصولا الى الاسابيع القليلة التي سبقت ثورة 14 جانفي 2011 والتي لعبت فيها قيادات نقابية دورا مؤثرا وحاسما .. مباشرة وغير مباشرة .. + مبادرة اتحاد الشغل تكتسي اليوم صبغة رمزية اكبر لانها جاءت لتكرس " تطبيعا رسميا " بين قيادته المركزية وزعامات الترويكا عامة وحزب النهضة خاصة .. بعد اشهر من الصدامات والتوترات التي استفحلت بعد مواجهات 4 ديسمبر في بطحاء محمد علي المدخل الرئيسي للمركزية النقابية .. واتهمت " رابطات حماية الثورة " القريبة من النهضة والمؤتمر بالوقوف وراءها.. ++ هذا " التطبيع " المسكوت عنه جاء بعد سلسلة من خطوات التقارب بين الاطراف الاجتماعية وخاصة بعد اللقاءات بين السادة علي العريض ووداد بوشماوي وحسين العباسي كما كرس مؤتمر امس " تطبيعا " بين قيادة الاتحاد من جهة وقيادات النهضة والمؤتمر من جهة ثانية ...تطبيع لم يكن واردا قبل جريمة اغتيال شكري بلعيد ومبادرة رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي عن " حكومة الكفاءات الوطنية غير الحزبية " .. كما لم يكن هذا التطبيع واردا قبل المحادثات الماراطونية التي اجراها رئيس الحكومة الجديد علي العريض ووزير الشؤون الاجتماعية خليل الزاوية .. والسيدان المنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر ..والمستشار الحبيب الكشو مع قيادات اتحاديةالشغل والصناعة والتجارة كل هذا ايجابي بل ايجابي جدا لكن السؤال الكبير يظل : هل ستمضي كل الاطراف السياسية والاجتماعية فورا في تكريس الكلام الجميل عن التوافق الذي تغني به الجميع ؟ وهل تنطلق عملية التحضير للانتخابات التي تخرج البلاد والعباد من دوامة الدوران في حلقة مفرغة ومن الازمات الاقتصادية الاجتماعية والامنية المتراكمة ؟ وهل تتحالف كل القوى لوقف مسلسلات الاضطرابات والاعتصامات العشوائية واعمال العنف اللفظي والمادي ؟ وهل يفهم المشاركون في كل المبادرات السياسية والنقابية ان في البلاد اكثر من 700 الف شاب عاطل عن العمل ومئات الالاف من الفقراء .. الذين يريدون حلولا عاجلة لمشاكلهم وليس مزيدا من " المبادرات " و المزايدات الخطابية " حول جنس الملائكة .. وطول ملابس المراة وفقهالحيض والنفاس..؟؟