ونحن على أبواب فصل صيف حار؛ هناك أولويات لا بدّ من الاهتمام بها لدرء جملة المخاطرالتي يمكن أن تنجرعنها، وفي مقدمة هذه المخاطرتأتي حاجة عديد الجهات الداخلية للماء الصالح للشراب الذي مازال غيرمتوفر فيها. هذه الجهات عديدة، وموزعة على أنحاء عديدة من الجنوب والوسط، وتتوزع بين مناطق ريفية نائية وأخرى بمثابة تجمعات سكنية في أشكال "دوار"، وهي تعاني من نقص في المياه منذ سنوات، وتعيش في كل صيف صعوبات ومشاق من أجل الفوز بما يلزمها من هذه المادة الحيوية التي لا يمكن من دونها العيش. وكانت قد طالبت في عديد المناسبات بضرورة تدخل السلط لفضّ هذا الإشكال العويص الذي عانت منه منذ سنين طويلة لكنها بقيت تنتظردون جدوى رغم أنه وقعت طمأنتها من خلال ما تمّت برمجته من مشاريع في هذا الجانب. اليوم مازال وضع هذه الجهات وسكانها على حاله، تترقب حفرالآبارالعميقة بجهاتها أو وصول قنوات مياه الصوناد إليها، لكن والحال تلك فإن سكانها باتوا يتبرّمون ويتوجّسون خوفا على أنفسهم وعلى ممتلكاتهم وحيواناتهم من العطش الداهم الذي سيحل بهم خلال هذا الصيف، خاصة أن الحكومة لم تبد أي حراك لنزع هذا الخوف الذي يحيط بهم. في هذه الجهات مازال المواطن يقطع المسافات الطويلة للحصول على الماء، ومازالت النسوة تعاني الأمرين من أجل جلبه على ظهورهنّ أو على الأحمرة، ومازالت بعض الآبارغير المهيئة، أوبعض المواجل أوغيرها من موارد الماء تمثل موردهم غير الكافي في الحصول على الماء. وقد تنقطع كل هذه الإمكانيات دون حصولهم على هذه المادة لأسباب أو لأخرى، ويبقون في حالة عطش لأيام، وتتقطع بهم السبل لأيام على غرارما حصل خلال الصيف الماضي الذي عرفت فيه عديد الجهات عطشا مرّا بسبب انقطاع المياه. وزارة الفلاحة والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه تدركان جملة منذ سنوات طويلة جملة الصعوبات التي تعاني منها هذه الجهات نتيجة حاجتها إلى الماء، وتعلم جيدا أن حاجة سكان هذه الجهات إلى الماء تزداد في فصل الصيف، خاصة مع اشتداد الحرارة، لكنها مازالت لم تحرك ساكنا، ولم تفعل برامجها باتجاه فك كرب سكان هذه الجهات. الخوف كل الخوف من عودة شبح العطش خلال هذا الصيف لهذه الجهات وغيرها، فهل تتضافر الجهود خلال هذه الأسابيع من أجل تأمين حاجة تلك الجهات من الماء؟ ذلك هوالمطلوب قبل فوات الأوان، وقبل أن يداهمنا الصيف بحره.