سأفيدكم اليوم يا أحفادي اسكندر وسليمة ومحمد يونس ومريم وأحفاد بني وطني وعقيدتي بمدلول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثلي ومثل الانبياء من قبلي كمثل قوم بنوا دارا، فأحسنوها وجمّلوها الا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلون اليها ويقولون: ما أعظمها وما أجملها لو أكملت هذه اللبنة، فكنت أنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين" منذ نزول آدم فوق الارض اثر خروجه من الجنة بسبب اتباع هواه وأغواء الشيطان ووسوسته، بدأ البناء الحضاري فوق الارض فبنى آدم لبنة التوبة فواصل نوح بناء لبنة الولاء للعقيدة ايمانا بوحدانية الله خالق الكون وما حوى، وأضاف هود بناء لبنة الشكر وزاد صالح بناء لبنة الاقتصاد وكان لابراهيم الفضل في بناء لبنة الطاعة وللوط الفضل في بناء لبنة العلاقة الجنسية السليمة، وحسّنها يوسف ببناء لبنة العفة والطهارة، ثم بنى شعيب لبنة العلاقات المادية المستقيمة ودعّمها موسى ببناء لبنة اللين في مجابهة الطغيان وحسّنها داود ببناء لبنة الحكم العادل ثم بنى سليمان الصناعة الحربية والمدنية وكان الفضل لعيسى في بناء لبنة التسامح والاحسان فاستفاد خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ممن سبقه من الانبياء والرسل من بنائهم جميعا ودرس تجاربهم مع أقوالهم واقتدى بكمالات أفعالهم وتعلم مدارسهم ما ينبغي لبناء الانسان، كما قال الله له "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" (الانعام 90) ووضع لبنة العقل والعلم والحكمة والتزكية فتكامل البناء وختمت النبوة، ولهذا يتساءل الله خالقنا باستفهام انكاري للمنحرفين "أفمن يهدي الى الحق أحق أن يُتّبع أمّن لا يهدي الا أن يُهدى" (يونس 35) فمعجزة القرآن "نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء" (النور 35) "ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا" (الكهف 17) فقد قال الله تعالى لخاتم رسله "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين" (النحل 89). ليس من السهل فهم كل هذه المراحل في بناء الحضارة الانسانية، فالقادرون على الفهم الصحيح هم الراسخون في العلم تبعا لقول الله تعالى عن مضمون القرآن "منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم" (آل عمران 7) فحذاري ان تنصتوا للذين في قلوبهم زيغ وإنما اسألوا الذين تثقون بهم من أهل الذكر كما قال تعالى "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" (النحل 43) فالقرآن قصّ علينا قصص السابقين وأبان ما هو من الرشد وما هو من الغي وطلب منا أن "نعقل" و"نتفكر" و"نعلم" و"نفقه" بعد أن "نتدبر" و"نتوأد" و"نتريث"، فكلما تقدم الزمن من اتسع العلم بالاجتهاد في البحث والاكتشاف فتحدث محدثات وتجد مستجدات لهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم "أنتم أعلم بأمر دنياكم" مخاطبا كل جيل حسب زمانه وعصره ان يبدع شيئا جديدا نافعا يساعد على تقدم الحضارة الانسانية.