اعترض العديد من القصابين على قرار وزارة التجارة القاضي بتحديد سعر اللحوم الحمراء في شهر رمضان واعتبروه قرارا غير منصف. يؤكد محمد احد القصابين المنتصبين بسوق اريانة أنه لا مجال للالتزام بالتسعيرة التي فرضتها وزارة التجارة مؤكدا انه كان من الأجدر ان تقوم الوزارة بتحديد السعر على الفلاح او على المحتكرين. مشيرا الى ضرورة فرض هذه التسعيرة على اللحوم الموردة لا المحلية. وحمل المسؤولية الى وزارة الفلاحة والى الدولة مشددا على ضرورة التدخل لتخفيض الأسعار خاصة أن الجزار أصبح في مواجهة مباشرة مع المواطن الذي لا ذنب له. كما تذمر زميله (م) من هذا القرار مؤكدا أن قرار وزارة التجارة حول تسعيرة اللحوم الحمراء هو قرار أحادي الجانب حيث وقع اتخاذه دون استشارة أهل القطاع. وكان على السلط المعنية -حسب قوله- الاخذ بعين الاعتبار غلاء تسعيرة اللحوم ودراسة من المتسبب في ذلك. منددا بكل الضغوطات التي تمارس ضد الجزارين ومؤكدا أن الجزار لا دخل له في غلاء الأسعار. واقترح ان تقوم الدولة بشراء اللحوم وبيعها للجزارين. واعتبر ان الحل الوحيد لكي يطبق "الجزار" قرار وزارة التجارة الصادر بتاريخ 20 جوان الجاري هو تدخل الدولة وشراء اللحوم وبيعها للقصابين بأسعار معقولة. تدخل الدولة ضروري في تصريح ل"الصباح" اعتبر محمد زروق نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك ان وزارة التجارة تجاهلت المنظمة وانفردت بأخذ القرار القاضي بتحديد الأسعار للحوم الحمراء وكان من المفترض ان تشرك المنظمة لنتمكن - حسب قوله- من تدارك الأمر لان الغاية هي الحصول على نتيجة لصالح القصابة والمستهلك معا. لكن يبقى هذا القرار - حسب قوله - قانونيا لان الفصل 2 من قانون عدد 40 لسنة 1998 للأسعار يخول للوزارة أن تجمد أو تحدد الأسعار لمدة 6 أشهر ولا مجال للأطراف المعنية (القصابة) بالامتناع عن تنفيذه أو تجاهله. وأضاف زروق انه كان من المفترض أن تقوم الوزارة وإضافة إلى تحديد الأسعار اقتراح عمليات موازية وتحديد المشاكل التي تتمثل أساسا في السيطرة على آليات السوق و"تنظيف الرحبة" من المضاربين والمحتكرين ومنعهم من الدخول وإجبار المتدخلين أصحاب البطاقات المهنية على احترام وتطبيق القوانين. واشار ان الدولة تملك دواوين واليات لتوفير المنتوج الذي يباع في السوق وتستطيع تنظيم احكام مسالك التوزيع للمنتجات واضفاء المزيد من الشفافية على المعاملات التجارية بين المتدخلين لحماية المستهلك بفرض القانون واجبار المنتجين على الالتزام بالقوانين. كما شدد زروق على ضرورة مراقبة اسعار اللحوم والتي تخضع لثلاثة اصناف حيث اشار ان الصنف الاول يتمثل في ضوروة التمييز عند البيع بين اللحوم الموردة والمحلية خاصة وان اللحوم الموردة تكون تكلفتها اقل بكثير من اللحوم الموردة. ورغم ذلك فان اغلب الجزارين يبيعون المستورد بنفس كلفة المحلي لغياب المراقبة واستغلالهم لجهل المستهلك لمختلف انواع اللحوم. ولاحظ جهل المستهلك بالتصنيفات وعدم قدرته على التفرقة بين ماهو لحم الاغنام والماعز او لحم العجول و"البقري" او التمييز بين الدواب المتقدمة في السن المريضة والتي تذبح كي لا يخسرها الفلاح اضافة الى غياب المراقبة من شانها ان تشجع اغلب القصابين على عمليات الغش وبيع جميع الأصناف بسعر واحد. ولاحظ ان المواطنين ممن يعيشون في المناطق الداخلية لا يمكن غشهم بسهولة. وفيما يخص التصنيف الثالث اشار ان اسعار اللحوم المذبوحة في حد ذاتها تختلف من الهبرة الى الفيلي وفي الختام اشار الى وجوب مراجعة القصابين لتهديداتهم خاصة ان المواطن التونسي نسي اللحوم الحمراء لأنها أصبحت حكرا على الطبقات الغنية وتعود على اللحوم البيضاء. وقال ان تدخل الدولة في هذه الفترة امر ضروري من شانه ان يحل المشكل لانها بإمكانها توفير العرض للمستهلك بأسعار معقولة خاصة اذا تمكنت من تنظيف الرحبة من المضاربين والمحتكرين. حلول سهلة في نفس الاطار اصدر رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار بلاغا شدد من خلاله على ان حماية القدرة الشرائية للمستهلك لا تمر بالضرورة عبر انتهاج اخف الحلول واسهلها وهي الضغط على الاسعار انما اعتبرها من خلال معالجة جدية للمشاكل الهيكلية الحقيقية التي يعانيها القطاع بصفة مزمنة وفي مقدمتها ضبابية مسالك التوزيع والترويج بما تؤمنه من فرص قصوى لانتفاع سائر المتدخلين ماعدى الفلاحين والمستهلكين. واعتبر الزار ان وضع سقف للاسعار في هذا المستوى يعد مخلا بالقواعد الاقتصادية الضامنة لاستدامة جهاز الانتاج ومصالح المربين والمستهلك على حد السواء. واعتبر ان قرار وزارة التجارة حول تحديد الأسعار القصوى للحم الضان ولحوم الأبقار عند بيعها للعموم هو ضغط على الأسعار وقد أثبتت التجربة انه يمكن ان يؤدي الى انهيار أسعار الإنتاج من دون ان يكون لذلك ادنى اثر على اسعار الاستهلاك التي تبقى مرتفعة لارتباطها الوثيق بضبابية التوزيع والترويج. واعتبر ان الفهم الموضوعي لقضايا الاستهلاك والقدرة الشرائية للمواطن لا يمكن حمايتها بمعزل عن حماية جهاز الانتاج من الهزات الناتجة على الارتداد العكسي لخيار الضغط على الأسعار وعدم احترام قاعدة العرض والطلب المكفول قانونا.