تعج الساحة الثقافية ببلاد الجريد بمئات الشعراء والكتاب والأدباء وبتعاقب الأجيال تلو الأجيال لإثراء الفعل الثقافي بإبداعات جديدة فكان الشقراطسي وأبو الفضل النحوي وابن الكردبوس وابن الشباط والسني والخذر حسين ثم جاء الشابي صاحب إرادة الحياة ومصطفى حريف والميداني بن صالح والفعل الشعري بهذه الربوع يمكن أن يصدق عليه قول المعرّى كلما نفذ تجدد وها هو المشهد الشعري يواصل مسيرته مستمدا إبداعاته من الأجداد والأسلاف ليبقى الشعر سمة تميز هذه المنطقة وها هو واحد من "أحفاد" الشابي يسير على درب التألق والإبداع في هذا المجال. هو أحمد مباركي ولد ذات خريف من سنة 1968 بمدينة الشابي توزر ترعرع بين النخيل الشامخ والصحراء فتشرب حب العربية على يد معلميه وأستاذته وشيوخه وحفظ القرآن دون العشرين واكتوى بحب الوطن فتجرع معاناته ومراراته. اختطفه الجرح الفلسطيني وهتف بانتفاضة الأقصى في أواخر الثمينات وله خطوات شعرية أولى زمن المراهقة ودرس الفترة الجامعية في بلدة الأغالبة عرين عقبة بن نافع الفهري امتهن بعدها تدريس لغة الضاد وانتقل استاذا في المعاهد الثانوية بقبلي فعشق لغة بني يعرب حد النخاع وأسهم في ندوة الأساسي في ولايتي توزر وقبلي. معلقة الجريد ومن بدايات قصائده "معلقة الجريد" المناهزة المائة بيت وهي معارضة لنزارية يا تونس الخضراء جئتك عاشقا وفيها تفعيل لأمجاد الجريد التونسي ولرجالاته على غرار الشابي وآل الخريف والخضر الحسين وصمادح وبعلمائه ابن الشباط وأبو الفضل النحوي والشقراطسي وتختتم باستنهاض همم أهله لإعادة البريق والمجد إلى شريان الجريد وتأثر بالشاعر المتألق جمال الصليعي ولم يتجاوز القصيدة العمودية إلى غيرها نسج شاعرنا فلسطينيات أخاذة ولبى نداء الشابي فعاد إلى توزر لتعليم أبنائها وهاهو يشرف على عقدين من التدريس وكله طموح إصدارات اصدر الشاعر أحمد مباركي مجموعة شعرية سنة 2010 تحت عنوان"مشكاة الروح" وشفعها بمجموعة قصصية سنة2011 بعنوان حديث عجاب وله تحت الطبع ثلاث مجموعات شعرية وهي طائر النار ويا حامل الحرف والمجموعة الثالثة ستصدر تحت عنوان في رحاب المصطفى. هو موسوعة ثقافية متنوع الاختصاص في الشعر بأبعاده الثلاثة وكذلك في القصة والمقالة وله مخطوطات عديدة سترى النور قريبا بالإضافة إلى مجموعتين للأطفال ومجموعة قصصية ومذكرات معتوه ومقاربات نقدية ومجموعة شعرية خامسة كما أسهم الأستاذ والشاعر أحمد مباركي في إخراج كتب بالاشتراك مع غيره من الشعراء وطنيا ودوليا وله لقاءات إذاعية كثيفة مع إذاعة قفصة والمنستير وإذاعة تونس الثقافية وتونس أف.م وصوت الجريد مشاركات وجوائز وفي معرض لقائنا معه أشار شاعرنا إلى جملة الجوائز التي حاز عليها وخصوصا على المستوى الوطني ومنها الجائزة الثانية مناصفة سنة 2009 والجائزة الأولى مناصفة سنة 2010 والجائزة الثالثة مناصفة في الملتقى العربي للشعر العمودي بمعيرة الحجاج بالمنستير وكان ضيف خاص بقناة القدس الفضائية في 24 ديسمبر 2012 وهو رئيس جمعية ثقافية: منتدى الفنون بالجريد وهو كذلك كاتب عام مساعد للمهرجان الدولي للشعر بتوزر وعضو باتحاد الكتاب التونسيين واتحاد كتاب العرب وقد كتب شاعرنا في كل الأغراض وأبدع في وصف جمال الموطن (الجريد) والوطن (تونس) كما رسم معاناة المدرس وهموم المتعلمين ولعل من روائع قصائده ما يتعلق بالجرح المقدسي في قصيدته التي نالت المرتبة الثالثة مغربيا في غرة سبتمبر2013 يقول فيها: هذى فلسطين أرض عانقت شهبا نعليك فاخلع بواد أنعش العرب هذى فلسطين ملء الروح طاهرة لملمت في حشباها النور والكتب والقدس نجم زها ساريا بأضلعنا فالله ما غادر الشريان والعصبا وهذه القصيدة تحوى خمسين بيتا وتحمل عنوان: "جراحات القدس" ومازال شاعرنا ينحت طريقه في خطى متزنة نحو العالمية وهو يستحق كل التشجيع باعتباره صوتا ناشرا للبسمة والوطنية بيننا وهو واحد من الوجوه الثقافية البارزة بالجهة وله مشاركات في عديد المهرجانات والندوات بالجريد وخارجه