الأزمة السياسية الخانقة التي ترزح تحت وطأتها البلاد منذ أكثر من شهر ونصف بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي ما يزال في عمرها الكثير رغم أن الأوضاع سواء الأمنية أو الاجتماعية أو الاقتصادية تدهورت بالشكل الذي فاق جميع الحدود والتوقعات. وبات يتضح جليا أن الحلقة الأخيرة لسلسلة المفاوضات والمشاورات لا تزال بعيدة المنال ولو نسبيا وان الأزمة السياسية الحادة التي تصر حركة النهضة على اختزالها في مجرد صعوبات وعراقيل تمر بها البلاد مستمرة على ان الجديد هو ان صبر الاتحاد بدأ ينفد.. فبعد أن خير رباعي الحوار في مرحلة أولى إعلانهم "نصف الفشل" على الاقرار به كليا والمضي قدما في سلسلة من المفاوضات الماراطونية بما سيخدم مصلحة البلاد والعباد على اعتبار أن خارطة الطريق التي أعلن عنها مؤخرا الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي قد علق عليها الجميع آمالا كبيرة الا ان الرياح جرت بما لا تشتهي السفن.. إذ اقر الرجل الأول في المنظمة الشغيلة حسين العباسي لدى افتتاحه للهيئة الإدارية الوطنية أول أمس أن المبادرة التي قدمتها المنظمات الراعية للحوار لم تحقق إلى حد الآن أهدافها التي انبنت عليها والتي تتمثل في الوصول إلى استقالة الحكومة والإبقاء على المجلس الوطني التأسيسي مبينا أن المنظمات الراعية حريصة على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين. وبين أن مبادرة المنظمات الوطنية واجهت عدة عراقيل ومحاولات إجهاض للمبادرة موضحا أن المنظمات الراعية ستواصل مشاوراتها من أجل إيجاد الحلول الضرورية للوضع السياسي الحالي الذي أثر على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي وأصبحت الوضعية خطيرة للغاية. وبالعودة إلى مآل المفاوضات يبدو أن صبر الاتحاد بدأ ينفذ رغم إصراره على مواصلة سلسلة حواراته الماراطونية... أين جبهة الإنقاذ من هذا؟ لعل تصاعد وتيرة الأحداث على مختلف الأصعدة يخدمها كثيرا وخاصة يدعم من قدرتها على التعبئة الشعبية اذ أعلنت الهيئة السياسية لجبهة الإنقاذ في بيان لها صادر أول أمس أنها ستتولى بداية من الأسبوع القادم الإعلان عن خارطة طريق بهدف تجسيد المبادرة الرباعية وتحديد آليات تنفيذها. وستنفذ الثلاثاء القادم وقفة احتجاجية في القصبة احتجاجا على الوثيقة التي تم تسريبها والتي تكشف أن الداخلية على علم مسبق باغتيال الشهيد البراهمي. من جهة أخرى ووفقا لما أكّدته مصادر مطلعة ل"الصباح" فان النواب المنسحبين من المجلس بصدد تدارس الخطوات المزمع القيام بها يوم انعقاد الجلسة العامة التي حددت بتاريخ 17 سبتمبر الجاري. إذن ان الحراك على أشده وستنقلب الأوضاع حتما لحظة إعلان الاتحاد عن نهاية مشاوراته فإما الخلاص أو الدخول في متاهات..