سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كيف يمكن قراءة الفصل 27 الخاص بالمؤسسات العمومية في مجال التكفّل بالخدمات الصحية؟ منظومة التأمين على المرض:ماذا عن الأنظمة الخصوصية لبعض الأصناف من الأعوان العموميين؟
تونس الصباح خص المشرع الانظمة الخصوصية للتكفل بالخدمات الصحية في بعض المؤسسات العمومية بفصل على حدة، وهو الفصل 27 بقوله: "تبقى سارية المفعول الانظمة الخصوصية للتكفل بالخدمات الصحية المنصوص عليها بالنظام الاساسي لبعض الاصناف من الاعوان العموميين أو بمقتضى أحكام قانونية ترتيبية". وهكذا نرى أن المقصود بهذه الانظمة الخصوصية بالاساس أنظمة أعوان بعض الوزارات مثل الديوانة والجيش والامن نظرا لخصوصيات هذه الاسلاك. ولكن لا شيء في هذا الفصل يسمح باستثناء المصالح الطبية لبعض المنشآت العمومية والدواوين فالمطلق على إطلاقه ما لم يقيد كما سلف ذكره. ويبدو أن الفصل غيرمتناغم بما فيه الكفاية مع التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، حيث أنه إقتصر على الانظمة الخاصة بالاعوان العموميين، بينما بعض المنشآت والدواوين العمومية التي لها أنظمة خصوصية ومصالح طبية قد تخوصص قريبا فكان عليه تجنب قصر هذه الانظمة على هؤلاء الاعوان وذلك بعدم إستعمال عبارة " العموميين"، لانها لا تقتصر على أعوان الوظيفة العمومية والجماعات المحلية بل تشمل أعوان المنشآت والدواوين العمومية. ما الفرق بين هذه الأنظمة وتلك التي تديرها شركات التأمين والتعاونيات؟ والتمييز بين هذه الانظمة والانظمة التي تديرها شركات التأمين والتعاونيات بالتنصيص عليهما في فصلين مختلفين هل يعني به المشرع أن الاولى قاعدية والثانية تكميلية؟ فبالرغم من عدم استعمال صفة "التكميلية" صراحة في الفصلين فإن المشرع ميز بين الانظمة التي تديرها شركات التأمين والتعاونيات واعتبرها تكميلية بقوله في بداية الفصل: " تبقى سارية المفعول في حدود ما لا يشمله النظام القاعدي" بينما ورد الفصل 27 المتعلق بالانظمة الخصوصية في القطاع العمومي مطلقا ولم يربط تدخلها بالمجال الذي لا يشمله النظام القاعدي ونزع عليها بذلك صفة "التكميلية" وهكذا يكون هذا الفصل قد أبقى على هذه الانظمة على أنها قاعدية ولذلك لم ينص على مراجعتها لتتلاءم مع النظام القاعدي الذي يديره الصندوق الوطني للتأمين على المرض على عكس الانظمة التكميلية التي نص على مراجعتها بالفصل 26. كيف يمكن الربط بين هذا الفصل وبين الفصلين الثاني والثالث من نفس القانون؟ الربط بين هذه الفصول دون تعارض بينها يتم على اعتبار أن الفصل الثاني نص على نظام قاعدي أجباري يديره الصندوق الوطني للتأمين على المرض دون الاشارة الى أية إمكانية لاستثناء أي قطاع أو مؤسسة من مجال هذه الاجبارية المطلقة. كما أن الفصل الثالث لم يستثن بعض الاعوان العموميين من مجال تطبيق هذا النظام القاعدي، بينما الفصل 27 نص على استثناء جلي يتعلق ببعض الاعوان العموميين المتمتعين بأنظمة خصوصية للتكفل بالخدمات الصحية ولتجنب هذا التعارض بين الفصلين الثاني والثالث من جهة والفصل 27 من جهة أخرى يتعين قراءتهما على أن الفصل الثاني والثالث نصا على قاعدة عامة والفصل 27 على استثناء. وهذه القراءة للفصول الثلاثة بالرغم من أنها تجنب تعارضها، إلا انها تمثل خرقا لعدة مبادئ بني عليها الاصلاح مثل المساواة ازاء المرض دون تمييز بين الاعوان العموميين وأعوان القطاع الخاص وتوحيد نظام التأمين على المرض وخضوعه لنفس النصوص المنظمة وارساء أنظمة تعاقدية مع مسدي الخدمات الصحية لترشيد استهلاك الخدمات الصحية وتجنب الازدواجية. ونرى أنه يمكن المحافظة على هذه المبادئ بالرغم من هذا الاستثناء وذلك بالتنسيق بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض والانظمة التكملية الاختيارية والانظمة الخصوصيةالمنصوص عليها بالفصل 27 السالف الذكر ولهذا الغرض أبرم الصندوق أتفاقية مع اتحاد التعاونيات.