◄ المسكوت عنه في اجندات «النهضة» و«الجبهة» و«النداء» وراء المأزق رغم الأنباء عن تواصل "المشاورات والحوارات في الكواليس "تمهيدا للتوافق على شخصية" جديدة "توافق عليها المعارضة لرئاسة الحكومة القادمة، تتعاقب المؤشرات عن تمسك "الترويكا" ومجموعة من احزاب المعارضة بينها الحزب الجمهوري بزعامة السيد احمد نجيب الشابي بترشيح السيد احمد المستيري الذي اعلن أمس أنه يوافق على أن يكون السيد محمد الناصر نائبا له مع امكانية قبول بقية المرشحين البارزين مثل السيدين جلول عياد ومنصور معلى في الحكومة.. في ظل هذه الاختلافات الحادة تترواح المواقف داخل الراي العام الشعبي وزعامات المعارضة بين التفاؤل والتشاؤم.. بين حديث عن "تعليق الحوارالذي رعته الرباعية" و"فشله نهائيا"..والدعوة الى "مبادرة جديدة" ترعاها شخصيات مستقلة "لا تكون طرفا في الصراعات على غرار اثنين من اعضاء الرباعية" يتهمهما البعض بالولاء الى حزبين في "جبهة الانقاذ".. فالى اين تسير تونس بعد شهركامل عن حفل التوقيع على وثيقة خارطة الطريق اي بعد حلول الموعد الذي كان يفترض ان تكون اكتملت فيه عملية انجازكل فقرات "الروزنامة" بمساريها الحكومي والتأسيسي؟ وهل فشل الحوار نهائيا؟ ثم ماذا بعد قرار "التعليق" وبوادر "الفشل" والقطيعة؟ من خلال سلسلة البيانات والمواقف التي صدرت أمس يتضح وجود تباينات كبيرة في ردود الفعل الشعبية وداخل "النخب" السياسية والثقافية على إعلان أمين عام اتحاد الشغل في ساعة متأخرة عن "فشل الرباعية" في اقناع الزعامات الحزبية المشاركة في الحوار الوطني بالتوافق على اسم شخصية تتولى رئاسة الحكومة خلال المرحلة الانتقالية القادمة.. بحكم تمسك "الاغلبية" الحالية في التاسيسي بترشيح السيد احمد المستيري وتلويحها باسقاط منافسيه البارزين السادة محمد الناصر وكذلك جلول عياد وكمال النابلي بدعوى "توليهما مسوؤليات سياسية في عهد بن علي".. "تعليق للحوار" أم فشل " الرباعية " والاحزاب؟ وبالرغم من استخدام السيد حسين العباسي وكثير من الساسة لمصطلح "تعليق الحوار" وليس لعبارة "فشل" فقد طغت على مختلف التقييمات والتعليقات في وسائل الاعلام التقليدية والاجتماعية وجهة النظر التي تعتبرأن الامر يتعلق فعلا ب"فشل ذريع لاعضاء "الرباعية" ولقيادات الاحزاب "الكبرى" في انجاز المهمات التي تعهدوا بانجازها في ظرف اسبوع وعلى راسها اختيار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ورئيس الحكومة الجديد.. القيادي في حزب المؤتمر السيد سمير بن عمر لاحظ في حديث ل"الصباح" أن "اعلان الرباعية عن "التعليق" والفشل جاء بعد شهر كامل يوما بيوم عن حفل التوقيع على "وثيقة خارطة الطريق" في قصر المؤتمرات بالعاصمة يوم السبت 5 أكتوبر الماضي..في مناخ مشحون..وبعد تاجيل دام 3 ساعات وفي ظرف تمسكت فيه 3 أحزاب " برلمانية" من بينها حزب المؤتمر بزعامة رئيس الجمهورية د.المنصف المرزوقي بموقفها الرافض للتوقيع على الوثيقة..واعتبرت أن "الايام ستؤكد أنها غيرواقعية وغير قابلة للتطبيق".. لذلك فان ردود الفعل الاولية في صفوف قيادات من احزاب المؤتمر والاصلاح والتنمية و"تيار المحبة" ومن جبهة الاحزاب ال11 التي شكلت جبهة " الدفاع عن الشرعية الانتخابية " بزعامة السيد محمد القوماني كانت التذكير بمواقفها المبدئية الرافضة لما وصفته ب" المحاولات الانقلابية على الشرعية الانتخابية في صالونات مغلقة بعيدا عن ملايين الناخبين"؟؟ فشل "الانقلاب الابيض"؟ كما عاد السادة محمد القوماني وبلقاسم حسن وعماد الدايمي وانصار السيد محمد الهاشمي حمدي الى "التنديد " بما اعتبروه " مؤامرات في الكواليس بين بعض الاحزاب " الكبرى " وقيادة "الرباعية" عساها تنجح في تمرير" انقلاب ابيض" عجزت بعض الاطراف عن فرضة عبر" تهييج الشارع والاضرابات والاعتصامات والعمليات الارهابية "..أو عبر " محاولة فاشلة لاستدراج المؤسستين الامنية والعسكرية للسيناريو المصري الذي رفضته غالبية احزاب اليسار والوسط واليمين في تونس "..؟؟ وسارت في نفس المنحى وبلهجة أكثر حدة "جبهة الرفض" في المجلس التاسيسي التي تضم حوالي 40 عضوا بزعامة المحامي الحقوقي عبد الرؤوف العيادي رئيس حزب "وفاء" الذي سبق ان انشق مع مجموعة من المقربين منه من حزب السيدين المنصف المرزوقي وعماد الدايمي بسبب احتجاجا على ما اعتبروه " تنازلات قيادات الترويكا لرموز الفساد والاستبداد في العهد السابق"..ومصالحتهم مع بعض المسؤولين السابقين في الدولة (وخاصة في مؤسسات الامن والقضاء) في عهد بن علي .. ومن بين نقاط القوة في هذه "الجبهة " ان عشرات من أبرز رموز احزاب الترويكا (بما في ذلك النهضة) اصبحوا يوجهون انتقادات علنية لاذعة لزعاماتهم (بما فيها الى السادة راشد الغنوشي وعلي العريض ومصطفى بن جعفر..) ويتهمونهم بالانخراط عن قصد او عن غر قصد في استراتيجية " الانقلاب الابيض على الشرعية "من خلال توقيعهم على" وثيقة خارطة الطريق"..؟ ويستدل هؤلاء بتصريحات مسؤولين بارزين في "جبهة الانقاذ" المعارضة مثل السادة الباجي قائد السبسي ومحسن مرزوق والطيب البكوش التي اقرت بمحدودية ورقة "تهييج الشارع والشباب حول مطالب سياسية وحزبية"..واعتبروا ان "موافقة قيادات في الترويكا" على خطة "تنازل الاغلبية التي فازت في الانتخابات بثلثي المقاعد لاطراف لم تشارك فيها أو فازت فيها ب"صفر فاصل" انخراطا في مؤامرة الانقلاب الابيض".. بين احمد المستيري وقائد السبسي؟ في الأثناء أكد بعض رموز المعارضة مثل السيدين حمة الهمامي عن "الجبهة الشعبية وحزب العمال"ومحسن مرزوق القيادي في حزب "نداء تونس" و"جبهة الإنقاذ" على تقييمات تصف ما حصل ب"فشل الحوار الوطني".. كما نفى كثير من رموز المعارضة ان يكونوا تقدموا بمرشحين قريبين منهم لرئاسة الحكومة القادمة.. ولم يشكك أي منهم في نزاهة السيد أحمد المستيري ومصداقيته وتاريخه في النضال الديمقراطي منذ مؤتمر المنستير قبل أكثر من 42 عاما.. لكن الاشكال بالنسبة لكثير من المعارضين أنهم فهموا ان السيد احمد المستيري "جيء به" ضمن اجندا مسكوت عنها هدفها "ضرب زعيم المعارضة الحالية السيد الباجي قائد السبسي .." والمعروف ان المستيري كان "رئيس السيد الباجي قائد السبسي في الحكومة وفي وزارة الداخلية في الستينات ثم في تيار"المعارضة الدستورية" ما بين 1971 و1977 وفي مجموعة الديمقراطيين الاشتراكيين (بعد تاسيس الحركة في جوان 1977) ..وقد اختلف المستيري والسبسي في انتخابات 1981 و1989عندما تمسك المستيري بالمعارضة واختار قائد السبسي "سيناريو المشاركة"..مما مكنه من دخول البرلمان ("رغم تزييف الانتخابات") وتولي حقيبة الخارجية ما بين 1980 و1986 ثم رئاسة مجلس النواب بعد انتخابات 1989..قبل ان يعوض بالسيد الحبيب بولعراس .. ويخشى بعض المعارضين من "احياء خلافات قديمة بين المستيري وقائد السبسي" تعود الى انتخابات 1981 التي اكد قائد السبسي انها كانت مزيفة ..لانها اسندت اليه بامر من بورقييبة 150 الف صوت والى المستيري 1500 صوت رغم تاكيدات بكون قائمته كانت الفائزة في الانتخابات وليست قائمة الحزب الدستوري التي تراسها قائد السبسي.. شرط جديد للحوار..كيف الخروج من النفق؟ السيد محسن مرزوق المقرب جدا من السيد الباجي قائد السبسي ومن اطراف نقابية ويسارية وقومية عديدة ومتزعم تيار الشباب في الحزب اعلن امس بوضوح عن شرط جديد لاستئناف الحواريتمثل في اقرار كل الاطراف مسبقا ب"انتهاء شرعية المجلس الوطني التاسيسي والسلطات المنبثقة عنه"؟..وهو بذلك اعاد الى السطح موقفا سبق ان عبر عنه السيد الباجي قائد السبسي ومقربون بارزون منه مثل السادة نصر الدين بن نتيشة ورضا بالحاج وخميس قسيلة والازهر العكرمي اي ان يشمل التغيير كل مؤسسات الدولة من رئاسة الى الحكومة الى رئاسة الجمهورية وحل المجلس التاسيسي..وعلى غرار تجربة "المجلس التاسيسي الموازي" دعا محسن مرزوق الى "تأسيس حكومة ظل من الكفاءات الوطنية تعمل على الإعداد لبرنامج إنقاذ للبلاد تنفذه عندما تكون في السلطة بالطرق الشرعية.."؟ هذا الاقرار شبه الجماعي ب"فشل" الحوار الذي نظمته "الرباعية" يعيد تونس الى "المربع الاول"..ويفتح الباب مجددا أمام كل السيناريوهات..وسيكون الخاسر في النهاية جل قادة الاحزاب "الكبرى"..فيما ستندثر حظوظ "الاحزاب الصغرى" التي ساهم بعضها في تعقيد الازمة الحالية ب"المال السياسي" و"التهريج الاعلامي".. لكن المتفائلين سيراهنون على نتائج "مفاجآت" قد تصدر من صالونات لقاءات الزعامات النقابية والحزبية..