* القيادة الحالية لاتحاد الشغل لها تصورات جديدة * الاستقرار الاجتماعي يمر عبر تحسين ظروف الأجراء * علاقتنا بالأعراف جيدة وسنعمل على تمتينها هو العضو الأصغر سناّ من بين أعضاء المكتب التنفيذي الوطني الجديد للاتحاد العام التونسي للشغل، والذي يرى الملاحظون أن تواجده في القيادة مؤشر على بداية مرحلة جديدة في تاريخ الاتحاد بعد فسح المجال أمام النقابيين الشباب والمرأة، ليكونوا ضمن الصفوف الأمامية للمنظمة الشغيلة، "الصباح" التقت الأمين العام المساعد المكلف بالقطاع الخاص محمد علي البوغديري الذي خلف بلقاسم العياري في هذا الموقع، وكان الحوار التالي: *من يكون الأمين العام المساعد المكلف بالقطاع الخاص الجديد؟ -محمد علي البوغديري الكاتب العام السابق للاتحاد الجهوي ببن عروس منذ 2012 إلى غاية جانفي 2017، بدأت العمل النقابي منذ 1997 بالاتحاد المحلي للشغل برادس وضمن النقابة الأساسية للتعليم الثانوي، أستاذ مبرز متحصل على الدكتوراه اختصاص كيمياء، وأنا من عائلة نقابية مناضلة تؤمن بالقضايا العادلة على رأسها القضية الفلسطينية ومسألة حق الشعوب في تقرير مصيرها بعيدا عن الهيمنة والاستعمار بجميع أشكاله، وهو ما مكنني من الالتحاق مبكرا بهياكل الاتحاد العام التونسي والاضطلاع بمسؤوليات جسيمة داخل هذه المنظمة أكسبتني تجربة ومعرفة بخفايا العمل النقابي. *بدايتك وتجربتك النقابية كانت صلب نقابة التعليم الثانوي والآن تجد نفسك مسؤولا على القطاع الخاص الذي يضم أكبر عدد من الأجراء في تونس، هل لديك الخبرة اللازمة لتحمل مسؤولية بهذا الحجم؟ -أنا ابن نقابة التعليم الثانوي بالأساس حيث تعلمت المبادئ النقابية النضالية التقدمية وهو ما أهلني لاضطلع بالعديد من المهام محليا وجهويا في ولاية بن عروس التي تعتبر منطقة صناعية بامتياز وذات ثقل نقابي كبير في القطاع الخاص الذي يضم 400 نقابة أساسية من أصل 600 في كل الجهة، وبحكم مسؤولياتي على رأس الاتحاد الجهوي لمدة 5 سنوات استطعت الاطلاع على خفايا القطاع الخاص والتعامل مع مختلف المشاكل القطاعية، كما أن اقترابي من قيادات نقابية بارزة على غرار بوعلي المباركي وبلقاسم العياري ومحمد المسلمي مكنني من اكتساب الخبرة اللازمة للتعاطي مع ملفات القطاع الخاص. *وأنتم في بداية العهدة النيابية على رأس قطاع كبير ومهم، ما هي الأولويات التي وضعتموها على جدول أعمالكم؟ -يعلم الجميع أن القطاع الخاص يشغل أكثر من مليون ونصف مليون عامل في كامل تراب الجمهورية بما يعني أنه يمس تقريبا كل شرائح الشعب التونسي، كما أن القطاع الخاص في بلادنا هو قطاع واعد وله قدرة تشغيلية كبيرة بإمكاننا أن نطورها ونحسن مردوديتها، في ظل تقلص الآفاق في القطاع العام والوظيفة العمومية، وحسب تقديري فان القطاع الخاص هو القاطرة التي تجر الاقتصاد الوطني، ونحن في اتحاد الشغل على وعي تام بحساسية هذا القطاع، وأولويتنا الأولى اليوم هي البحث على سبل لخلق مزيد من فرص العمل في إطار دعم مجهودات كافة الأطراف للقضاء على ظاهرة البطالة. *تتحدثون عن خلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص، والبعض يرى أن الإضرابات والاحتجاجات النقابية تحول دون ذلك، ما تعليقكم؟ -نحن في الاتحاد العام التونسي للشغل لسنا دعاة إضرابات واحتجاجات، على العكس نحن ندعو إلى الاستقرار الاجتماعي، وهناك العديد من التحركات التي لسنا مسؤولين عليها ولم نتبناها، لكن الاستقرار يمرّ ضرورة عبر توفير الظروف الملائمة للأجراء والعمال وتشجيعهم على مزيد الإنتاج ونحن نسعى بكل الوسائل إلى تحقيق الاستقرار الكفيل بضمان استمرار وزيادة مواطن الشغل في القطاع الخاص، كما أن المسؤولية مشتركة بين مختلف الأطراف بما في ذلك الحكومة من أجل خلق أجواء عادية للعمل من خلال توفير ظروف عمل مناسبة لكل الأجراء والعمال. *كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقة بينكم وبين منظمة الأعراف، خاصة أن الفترة النيابية المنقضية تميزت بتوتر كبير بين الطرفين؟ -صحيح أن العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف شهدت خلال السنوات الخمس الأخيرة نوعا من التوتر على خلفية ملفات قطاعية ونقابية صرفة، وهذا حسب تقديري أمر عادي وطبيعي، خاصة وأن كل طرف يدافع على مصالح منظوريه، والهدف الأساسي من وراء كل هذا هو المصلحة العليا للبلاد، وكما في اتحاد الشغل هناك في منظمة الأعراف شخصيات وطنية تعمل من أجل مصلحة تونس ونحن على اتصال دائم مع شركائنا الاجتماعيين من أجل النهوض بالقطاع الخاص وتحسين مردوديته التي ستعود بالمنفعة على الجميع في آخر المطاف خاصة وأن جميع الظروف ملائمة اليوم لخلق مناخ مناسب للاستثمار، وعلاقتنا باتحاد الصناعة والتجارة ستكون على أساس الاحترام المتبادل لأنه في نهاية المطاف المنظمتان شريكتان ولا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاء أي منهما، ومن جهتنا سنحاول قدر المستطاع الاقتراب والعمل مع الأعراف في إطار الحوار وإعطاء الحلول الحقيقية التي تراعي مصلحة البلاد بدرجة أولى ومصلحة الأجراء وأرباب العمل. ما هي آخر تطورات المفاوضات في القطاع الخاص؟ كان من المنتظر أن يقع إمضاء محضر الاتفاق بيننا وبين الأعراف يوم 14 جانفي المنقضي، لكن وقع تأجيل ذلك إلى ما بعد المؤتمر 23 للاتحاد العام التونسي للشغل، وخلال الأيام القليلة القادمة سنجتمع مع شركائنا الاجتماعيين لحسم هذا الملف، وعلى أقصى تقدير سيتم الاتفاق قبل نهاية شهر فيفري الجاري. *بعد الزيادات في القطاع الخاص خلال الفترة الماضية، وزيادة مرتقبة خلال الأيام القادمة، هناك من يرى أن الوضع في حاجة إلى هدنة اجتماعية حتى تستعيد البلاد أنفاسها، ما رأيكم في هذا الموقف؟ -لا يمكن إنكار ما تحقق للعمال والأجراء في القطاع الخاص خلال السنوات الفارطة وهي حقوق أعطيت لمستحقيها وليست منّة، لكن وبالنظر إلى الوضع العام اليوم نلاحظ أن هناك معاناة حقيقية للعمال، الأجور لا ترتقي ولا تكفي أن يعيش الأجير حياة كريمة حيث مازال معدل الأجر الأدنى الصناعي لم يتجاوز 417 دينارا، إضافة إلى الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية وارتفاع تكاليف المعيشة، كلها معطيات تجعل مسألة الحديث على هدنة اجتماعية غير منطقية وغير واقعية، إضافة إلى أننا في اتحاد الشغل لسنا في علاقة عدائية مع الأعراف أو مع الحكومة كما يعتقد البعض، على العكس هناك تكامل في الأدوار، ونحن في المنظمة الشغيلة مستعدون دائما للتضحية في إطار التزام جماعي من بقية الأطراف بما يضمن حقوق العمال والأجراء في مختلف القطاعات وسبق أن قدمنا رؤيتنا لهذه المسألة وعلى الأطراف الأخرى أن تأخذ بعين الاعتبار مقترحات الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص منوال التنمية ومسألة التشغيل والتصدي للتهرب الجبائي وغيرها من الملفات التي نعتقد أن حلحلتها ستعود بالنفع على الجميع. *حسب رأيكم ما هو المشكل الكبير الذي يعيق الدورة الاقتصادية في بلادنا؟ -سبق وأن طرح الاتحاد العام التونسي للشغل رؤية متكاملة للمشكل الاقتصادي، وحسب تقديري فان تونس بإمكانها أن تكون قطبا اقتصاديا إقليميا، لكن لابد أولا أن تضطلع الدولة بدورها في التصدي لجملة من المظاهر التي ساهمت في تخريب الاقتصاد على غرار التهريب والاحتكار والتهرب الضريبي والتي تتزايد يوما بعد يوم، وآخرها الارتفاع الكبير في أسعار الخضروات والذي يرجع بالأساس إلى سيطرة المحتكرين على السوق والتحكم في الأسعار مما أدى إلى ما وصلنا إليه من ارتفاع حاد لأسعار المواد الغذائية الفلاحية، وما على الحكومة إلا أن تتصدى بقوة القانون لهذه المظاهر وغيرها حتى نتمكن من تحقيق الاستقرار الاجتماعي. *بماذا ستتميز القيادة الجديدة للاتحاد العام التونسي للشغل عن سابقتها؟ -رغم أنها تتكون من أغلبية أعضاء المكتب التنفيذي المتخلي، فان القيادة الجديدة ستكون لها طريقتها في التعامل مع مختلف الملفات، وما يحسب للقيادة الجديدة هو تشريك المرأة في القرار النقابي والذي يعتبر انجازا، إضافة إلى تنقيح القانون الأساسي، وطبيعي أن تتغير التكتيكات والتصورات ورسالتنا اليوم إلى مختلف الأطراف هي الالتقاء والتفاهم من أجل مصلحة البلاد وسنعمل في هذا الاتجاه مع شركائنا لإيجاد أرضية صلبة تجنبنا الانزلاقات والاحتقان، والقيادة الجديدة ستكون لها رؤية جديدة تتماشى مع الوضع الراهن وتراعي المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى. وجيه الوافي جريدة الصباح بتاريخ 03 جانفي 2017