"حكومة الشاهد "تترنح".."حكومة الشاهد "تتساقط".. حكومة الشاهد في "الكماشة".. حكومة الشاهد "انتهت".. حكومة الشاهد "محاصرة".. حكومة الشاهد بلا "غطاء".. حكومة الشاهد "تلفظ أنفاسها".. حكومة الشاهد "تعد آخر أيامها الأخيرة".. مجرد نماذج من عناوين صحفية تعكس تعمق أزمة حكومة الوحدة الوطنية التي وجدت نفسها في الأسابيع الاخيرة مع توسع رقعة الاحتجاجات الشعبية وازدياد الاعتصامات في مهب العاصفة تواجه مصيرها "وحيدة" بلا سند ولا "غطاء". حكومة الوحدة الوطنية نهشها "الأعداء" وخذلها "الأصدقاء" باعتبار ان احزاب الائتلاف الحكومي والمنظمات التي وقعت على وثيقة قرطاج تخلت عن رئيس الحكومة يوسف الشاهد وتركته يواجه "الحرائق" وحيدا بل انه كثيرا ما وجد نفسه في مرمى "النيران الصديقة" التي كان وقعها اكثر من سهام خصومه وأمر من "انتفاضة" الجهات التي تحاصره وكأن المسألة لا تعنيهم في شيء في وقت كان ينبغي على الحزبين الأولين على وجه الخصوص نداء تونس والنهضة تحمل مسؤوليتهما كاملة في هذا الظرف العصيب والدقيق من حيث التوعية والتأطير وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية لا التحرك وفق حساباتهما السياسية ومصالحهما الحزبية. من المنطقي ان نطرح نقطة استفهام وتعجب في نفس الآن حول علاقة يوسف الشاهد بحزبه "نداء تونس" بعد أن اتضح ان التيار لا يمر بينه وبين اغلب قياداته التي بات بعضهم "يهندس" لكيفية الإطاحة به، وفي هذه الحالة التي يتمنى فيها من يفترض أن يكونوا "أعضاده" ومسانديه خروجه من القصبة "مهزوما" "مكسورا" ذليلا" كيف يمكن الحديث عن "السند" و"الغطاء" السياسي؟، ثم هل من المنطقي طلب الدعم من حزب أنهكته الصراعات وفتتته الخلافات الى حد اصبح بمثابة "جسد بلا روح" ليصبح "منقذا" للبلاد وهو يبحث من أساسه عن "منقذ"؟ نفس التساؤلات تطرح اليوم بشدة حول مدى مساندة حركة النهضة لحكومة الشاهد باعتبار وزنها على الساحة السياسية في وقت يكاد يتفق الجميع أن الحركة تضع "ساقا" في حكومة الوحدة الوطنية و"ساقا" في المعارضة لتتحرك بكلتيهما وفق ما يتماشى مع مصالحها وهو ما أثبتته مجريات الأمور وانكشف اكثر في الاسابيع الاخيرة مع تأجج الاوضاع وتوسع رقعة الاحتجاجات لاسيما بعد قيادة بعض عناصرها لمسيرة شعبية في القيروان ومساندتها المطلقة لاعتصام الكامور والتحركات الشعبية في كامل جهات الجمهورية ولعل حديث نائب رئيس الحركة علي العريض عن أن "وجود عناصر نهضاوية في المسيرات غايته عقلنة وتأطير الاحتجاجات" هي عينة من ازدواجية الخطاب الذي انتقدته قيادات اتحاد الشغل بشدة واعتبرته تهربا من المسؤولية. والغريب ان اغلب الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج تحاصر اليوم يوسف الشاهد و"تعصره"، نقول هذا الكلام لان اتحاد الشغل وان أكد في عديد المناسبات انه ضد إسقاط الحكومة فانه يواجه اليوم الحكومة بشراسة لم يتوقعها "ساكن" القصبة، اما ما اثار استغرابي اكثر فهو خطاب رئيس الحزب الجمهوري عصام الشابي الذي تابعته مؤخرا على قناة "حنبعل" يتحدث بلهجة أشد من المعارضة وكأن حزبه لا ينتمي إلى الائتلاف الحكومي، بل نسي انه من الموقعين على وثيقة قرطاج ودخل في تحالف حزبي ضد قانون المصالحة في عينة من حالة "اللخبطة" والتناقض الذي نعيشه. اذا كنا نستغرب عدم مساندة احزاب الائتلاف للحكومة وهو ما يبدو واضحا ولا يحتاج إلى اجتهاد فإننا نتعجب فعلا من غياب اللحمة والانسجام بين التشكيلة الوزارية بما يعكس غياب الوحدة والتضامن بين وزراء الشاهد ، إذ كلما تعرض أحدهم لمحنة إلا ووجد نفسه وحيدا دون مساندة او حتى مجرد تعاطف من زملائه . سبق لوزير التنمية المحلية والبيئة رياض المؤخر ان واجه اتهامات بالفساد ولم يجد أي تعاطف من زملائه، تمت إقالة وزير الوظيفة العمومية عبيد البريكي وواجه مصيره وحيدا، أعفي ناجي جلول من مهامه منذ أيام معدودة ولم نلمس تعاطفا من زملائه بل "صدمنا" بما يشتم انه "تشفيا" من بعض الوزراء الذين اعتبروا ان اقالته منطقية ومشروعة ولم يقولوا فيه ولو "كلمة خير" وأولهم وزير التعليم العالي سليم الخلبوس. كيف تريدونها ان تكون حكومة وحدة وطنية وهي بكل المقاييس بلا وحدة؟.. كيف تبحثون عن التضامن داخل حكومة كل احزابها ومكوناتها ووزرائها تفتش عن مصالحها أولا؟.. هل يمكن الحديث في مثل هذه الأحوال عن السند السياسي و"الغطاء" والشاهد في "العراء"؟.. والأهم أي أمل في انتظار تغييرا ايجابيا للأوضاع في ظل الواقع الحالي؟. يجب الاعتراف انه من غير الممكن تواصل الاوضاع على ما هو عليه اليوم من تأجج واحتقان وهو ما يستدعي وفق تقديرنا اتخاذ جملة من الخطوات والإجراءات،أولها:إعادة النظر في وثيقة قرطاج التي لم نعد نسمع شيئا عن مبادئها وبنودها ولجانها، ثانيها:الإسراع بعملية تقييم شاملة ودقيقة لأداء الوزراء مع التعجيل بتحوير وزاري يشمل كل الفاشلين بعيدا عن الترضيات والولاءات،ثالثها:التأسيس لحوار جديد بصيغ جديدة مثلما دعا الى ذلك الامين العام السابق لاتحاد الشغل حسين العباسي.،رابعها:إن زيارات الشاهد يجب ان تكون مدروسة في توقيتها وقراراتها حتى تنجح في إطفاء "الحرائق" لا أن تشعل "الفتيل" أكثر وهو ما حدث مؤخرا في تطاوين. وبعيدا عن هذه الخطوات يتحتم على احزاب الائتلاف الحكومي وكل الاطراف الموقعة على وثيقة قرطاج تحمل مسؤوليتها التاريخية، وعلى المعارضة أن لا تكون عدمية غايتها الوحيدة "الإجهاز" على حكومة الشاهد لأننا في حاجة إلى معارضة ناضجة في هذا الظرف الدقيق والعصيب لا ان تبحث عن تسجيل النقاط و"الضرب تحت الحزام"، وعلى الجميع أن يعي اننا في حاجة اكيدة الى وحدة وطنية حقيقية بعيدا عن الخطابات المزدوجة والشعارات الجوفاء . بقلم: محمد صالح الربعاوي جريدة الصباح بتاريخ 4 ماي 2017