فجرت اليوم ارهابية نفسها وسط شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة وقد اسفرت العملية عن اصابة ثمانية أعوان ومواطن اصابات مختلفة. اعتبر علية العلاّني الخبير في الجماعات الإسلامية والمحلل السياسي في تصريح ل"الصباح نيوز" أن الدلالة الأولى لهذه العملية تؤكد التحذيرات التي اطلقتها الصحف الأمريكية منذ شهرين من ان الإرهاب انتقل بقوة الى شمال افريقيا. أما الدّلالة الثانية فهي أنه يمكن ان تكون العمليّة ردّة فعل على قتل الإرهابي مراد الغزلاني مؤّخرا وهذا ربما يرجح أن بصمات العمليات يمكن ان تكون من ورائها "داعش" أو"جند الخلافة" أو تيارات اخرى ولكن ويبدو انها بصمات اقرب الى "داعش" منها الى القاعد. وتابع محدثنا بأن الدلالة الثالثة وهي أنها أول مرة تنفذ إمراة محجبة عملية تفجير لأن الإرهابيين يعرفون جيدا ان المراة ليست معرضة كثيرا للتفتيش الأمني في الطريق العام عكس الرجل، معتبرا أنها عملية تندرج ضمن الذئاب المنفردة وهذا النوع من العمليات سيكون العنوان الأبرز في المرحلة القادمة حيث أن التيارات الإرهابية الآن تجد نفسها محاصرة بالإستخبارات والمراقبة الأمنية اللّصيقة للعناصر المشبوهة وعمليات الذئاب المنفردة تنفّذ الآن في كل المناطق التي توجد بها التيارات الإرهابية. ورجّح عليه العلاّني أنها عمليّة تجريبيّة يجب على المؤسسات الأمنية ان تأخذ الإحتياطات اللازمة لهذا النوع من العمليات خاصة وأن غاية الإرهابيين من تنفيذها سقوط أكثر عدد ممكن من الضحايا مضيفا أن عملية التفجير هذه ربما استعملت على ما يبدو بقنبلة تفجيرية وليس بحزام ناسف لأنه لو كانت بحزام ناسف لكان عدد الضحايا اكبر. وقال العلاّني أنه وفق معلومات من مصادر امنية يسوقها الينا باحتراز أنه يبدو ان هذه المرأة التي نفذت العملية الإرهابية اليوم بشارع الحبيب بورقيبة كانت مسنودة بامراتين ورجل ملتحي لاذوا بالفرار اثر العملية وتم القبض على مشتبه به ولم يتم التأكد ان كان يتبع تلك المجموعة ام لا. أما الدلالة الرابعة وهي ان هذه العملية ستدفع السلط الأمنية الى تعديل جذري في الأساليب الإستخباراتية باعتبار ان الإرهاب في المدن عاد من جديد وفي اماكن حساسة بعدما ظن التونسيون انه انتهى مع حادث الحافلة الرئاسية. مشددا على ضرورة إعادة النظر في المنظومة الإستخباراتية مع التاكيد ان العمليات الإرهابية داخل المدن تحصل في اكبر العواصم الغربية وحدث ذلك في فرنسا وبريطانيا واسبانيا وبروكسال. واعتبر أن هذا التحول في تنفيذ العمليات الإرهابية هو في الحقيقة جديد بالنسبة الى تونس لكنه استعمل في سوريا والعر اق وبشكل اكبر في الساحل الإفريقي عن طريق بوكو حرام الذي كان يجند البنات الصغيرات لتفجير قنابل في اسواق اسبوعية. واضاف أن الدلالة الخامسة وهي ان التنظيم الإرهابي يريد ان يبلّغ رسالة الى السلط السياسية والامنية بان التنظيم مازال فاعلا ويصعب القضاء عليه. واعتبر محدثنا أنها رسالة ايضا للتخويف مضيفا أن أولائك الإرهابيين يلجؤون الى ما يسمى بعمليات "الذئاب المنفردة" لأن هذا النوع من العمليات يصعب ملاحقته في كل لحظة ولكن رغم ذلك يجب على السّلط الأمنية أن تعيد النظر في تصنيف الإرهابيين خاصة وان هناك تحول في كيفية التنفيذ اذ لم يعد الإرهابيون الذكور هم الذين ينفذون عمليات ارهابية انما اصبحت النساء الإرهابيات يشاركن أيضا في عمليات التنفيذ وربما في يوم اخر يتم استعمال الأطفال لتنفيذ عمليات ارهابية مشددا على ضرورة أن تكثف السلط من نشاطاتها الإستخباراتية حتى تكون مستعدة لهذا النوع من العمليات. وأردف عليه العلاني أن الدلالة السادسة وهي أن هذه العملية ستفتح جدلا كبيرا وواسعا في الساحة السياسية وسيكون هناك اتهامات متبادلة بين من قصّر سواء في السابق أو بعد 2011 وبين من لم يقصّر. وسألنا عليه العلاني عما اذا كانت هذه العملية لها ارتباط بما كشفته هيئة الدفاع في قضية اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي عن وجود جهاز سري للنهضة؟ فاوضح أن عملية التفجير التي جدت اليوم بشارع الحبيب بورقيبة ربما ستغذي الجدل الذي حصل حول الجهاز السري للنهضة وربما ستدفع الباحث الأمني والمحقق القضائي للتعمق في وجود او عدم وجود اشخاص كانت لهم علاقة بالجهاز ام ان العملية هي مجرد تداعيات نتيجة ضرب تنظيم "داعش" الإرهابي في الشرق الأوسط وضرب قياداته في تونس مثلما حصل مع الإرهابي مراد الغزلاني. أما الدلالة السادسة والأخيرة حسب رأي العلاني وهي أن هذه العملية ستدفع اجهزة الامن الى اعادة النظر في قاعدة البيانات التي تمتلكها حول الإرهابيين وتحليلها واضافة عناصر جديدة فيها وسد النقص الذي يمكن ان يكون قد حصل بين 2011و2014 وتداركه مستقبلا. وختم بأنه في كل الحالات على التونسيين ان لا ينزعجوا كثيرا من طبيعة هذا النوع من العمليات لأنها ممكنة الحدوث كما أن القوات الأمنية والعسكرية لديهما جاهزية كبيرة جدا ولا ننسى أن القوتين الامنية والعسكرية استبقوا عشرات العمليات الإرهابية.