أكثر من 15.000 باحث و طبيب مختصّ في الأمراض السّرطانيّة، قدموا من مختلف أنحاء العالم، من بينهم وفد هامّ من شمال افريقيا، كان لهم حضور مميّز طيلة خمسة أيّام في المؤتمر الأوروبيّ لطبّ السّرطان، الّذي انعقد في مدينة أمستردام (هولندا) من 27 سبتمبر إلى 01 أكتوبر 2013. وكانت أنظار الخبراء و الأخصّائييّن و مؤّسّسات البحث العلميّ و المخابر العالميّة متّجهة نحو مزيد من التّعارف و التّبادل والمعرفة، من أجل الإحاطة بأمراض العصر الخبيثة واكتشاف السّبل الكفيلة لمكافحة الأمراض السّرطانيّة و معالجتها بكافّة الوسائل المتاحة. وقدّمت خلال هذا المؤتمر الدّولي رفيع المستوى العديد من الدّراسات الحديثة والنّدوات العلميّة و المحاضرات، الّتي تبيّن التّقدم العلميّ الكبير في مجال علاج الأمراض السّرطانيّة. كما تركّز الاهتمام بصفة خاصّة على الدّور الفعّال للطبّ المشخّص في مجال الإحاطة بالأمراض السّرطانيّة المختلفة و فحص الأورام، حالة بحالة.
والهدف من الطّبّ المشخّص هو تحسين أداء الرّعاية، وتجنّب العلاجات غير الضّروريّة وتحسين نوعيّة حياة المرضى. وأصبح اليوم الأطبّاء الاخصّائيّون مقتنعون أكثر من أيّ وقت مضى بأهمّيّة دراسة كلّ حالة بمفردها، ذلك أنّ كلّ شخص هو فريد من نوعه وكلّ ورم لديه أعراضه وميزاته الخاصّة. وتمكّن العلاجات -حسب الحالة- من تحديد دقيق لخصائص كلّ ورم وبالتّالي تحسين الرّعاية ووسائل المعالجة. وتعتبر التّجارب في مجال معالجة سرطان القولون والمستقيم خير دليل على مدى تقدّم الطبّ المشخّص.
إنّ سرطان القولون والمستقيم هو رابع أكثر أنواع السّرطان شيوعا في العالم، حيث تقدّر الإحصائيّات المتاحة عدد الإصابات بأكثر من 1.2 مليون حالة. وتسجّل كلّ عام قرابة 608.000 حالة وفاة بسبب سرطان القولون والمستقيم، ممّا يمثّل قرابة 8٪ من مجموع وفيات السّرطان. وتشير منظّمة الصّحة العالميّة أنّه يتمّ سنويّا تشخيص قرابة 436.000 حالة في أوروبا، يموت منهم قرابة 212.000 مصاب، وأنّ ما يقارب نسبة 60 ٪ من الحالات تحدث في الدّول المتقدّمة. أمّا معدّلات الإصابة والوفيات فهي أعلى بكثير لدى الرّجال بالمقارنة مع النّساء. وفي شمال أفريقيا، يقع تسجيل قرابة 6.000 حالة جديدة كلّ عام.
دراسة ''فاير 3'' تبعث آمالا جديدة في العلاج
ومن بين الدّراسات العلميّة، أكثر انتظارا من قبل الأخصّائيين والّتي جذبت نتائجها الإهتمام الواسع خلال المؤتمر الأوروبي لطبّ السّرطان، نجد دراسة ''فاير 3'' (FIRE-3) الّتي أعدّتها بشكل مستقلّ جامعة ''لودفيغ ماكسيميليان'' في ميونيخ (ألمانيا) بدعم من مخابر ''مارك سورونو'' العالميّة. وهي أوّل دراسة مقارنة للعلاجات الطبيّة المستعملة في مجال سرطان القولون والمستقيم المتنقّل (ستوكسيماب cetuximabوبيفاسيزوماب bevacizumab) والّتي تكون مصاحبة بنظام العلاج الكيميائي FOLFIRI.
وتظهر نتائج هذه الدّراسة أنّ العلاج بواسطة اربيتوكس® (ستوكسيماب) مصحوبا بنظام العلاج الكيميائيFOLFIRI يمدّد في حياة المرضى بقرابة 7,5 أشهر مقارنة بعلاج بيفاسيزوماب مع نظام FOLFIRI .
ويشير الدّكتور فولكر هاينمان من جامعة ''لودفيغ ماكسيميليان'' بميونيخ، والباحث الرّئيسيّ في هذه الدّراسة : "إنّ هذا التّمديد بعدّة أشهر في حياة المرضى يمثّل تقدّما هامّا في مجال علاج سرطان القولون والمستقيم المتنقّل منذ إدخال الأجسام المضادّة وحيدة النّسيلة'' مضيفا "إنّ نتائج هذه الدّراسة العلميّة جاءت لتدعّم فرضيّات دراسات حديثة أخرى، وتؤكّد على أهميّة وفاعليّة العلاج بواسطة اربيتوكس® مصحوبا بنظام FOLFIRI''.
من جهة أخرى، قالت الدكتورة أناليزا جنكينز، رئيسة التّطوير الطبيّ والصّيدلة في العالم بمخابر مارك سورونو: ''هذه النّتائج تعزّز مكانة ''اربيتوكس'' كعلاج أوّل لسرطان القولون والمستقيم المتنقّل وتبيّن أنّ الوضعيّة الجينيّة المتحوّلة RAS للورم يساعد على تحديد المرضى الّذين هم في حاجّة ماسّة إلى هذا العلاج".
وتبعث هذه الدّراسة ونتائجها آمالا جديدا للمرضى الّذين يعانون من سرطان القولون والمستقيم المتنقّل.