يمر غدا الاربعاء عامان اثنان على انتخابات المجلس الوطني التاسيسي التي انبثقت عنها حكومة الترويكا بعد تحالف حزب حركة النهضة الذي حصد أكبر عدد من المقاعد بالمجلس 89 مقعدا مع حزبي المؤتمر من اجل الجمهورية 29 مقعدا والتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات 26 مقعدا . ولئن اختلفت تقييمات السياسيين للاداء الحكومي طيلة هذه الفترة فان فترتي حكومة الترويكا الاولى برئاسة حمادي الجبالي والثانية برئاسة علي لعريض عرفت أزمات سياسية سيما بسبب الاغتيالات السياسية التي استهدفت قياديين سياسيين معارضين الى جانب تصاعد موجة الارهاب واجماع عديد الخبراء الاقتصاديين على احتداد الصعوبات الاقتصادية بالبلاد. كما تغير المشهد السياسي طيلة السنتين الماضيتين بولادة أحزاب سياسية جديدة على غرار حزب نداء تونس بالخصوص وتشكل تحالفات وتكتلات سياسية جديدة معارضة للحكومة ك الجبهة الشعبية و الاتحاد من أجل تونس والتي دخلت بدورها في ائتلاف معارض كبير سمي ب جبهة الانقاذ الوطني .
وقد شكلت هذه الجبهة عمليا سلطة مضادة للترويكا قادت عديد المظاهر الاحتجاجية المطالبة بحل الحكومة والمجلس الوطني التاسيسي طيلة الصائفة المنقضية اثر اغتيال النائب بالمجلس الوطني التاسيسي محمد البراهمي في 25 جويلية الفارط. وتتواصل الازمة السياسية منذ ذلك التاريخ بانسحاب نواب المعارضة من المجلس وتقديم أربع منظمات الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والهيئة الوطنية للمحامين لخارطة طريق لحلحلة الوضع المتأزم بالبلاد. وتتمحور خارطة الطريق أساسا حول اطلاق حوار وطني بين الفرقاء السياسيين يتم خلاله تقديم الحكومة لاستقالتها وتعويضها بحكومة كفاءات وطنية لا تترشح للانتخابات القادمة الى جانب ضبط اجال اتمام الدستور والمهام التاسيسية المتصلة بالانتخابات المقبلة.
وكان رئيس الحكومة المؤقتة والقيادي في حركة النهضة على لعريض أشار في حديث لوكالة رويترز الى أن الذين يقودون السلطة في تونس ليسوا الاسلاميين وحدهم ولكن هناك ائتلاف وطني والنجاحات والاخفاقات لا يمكن ان تنسب للاسلاميين وحدهم ولكن تتشارك فيها جميع الاطراف الموجودة في الحكم . اما على المستوى الاقتصادي فقد اوضح لعريض انه تم تسجيل نسبة نمو تقدر ب3 فاصل 6 بالمائة سنة 2013 مقابل نسبة نمو سلبية ب 2 في المائة خلال العام 2011 الى جانب تراجع مستوى البطالة بنسبة 3 في المائة في الفترة الممتدة بين شهري ديسمبر 2011 وسبتمبر 2013 . وذكر بأن الحكومة اليوم بصدد اجراء اصلاحات وتغييرات على الجباية والدعم ملاحظا أنه سيتم التحكم في العجز وفي التداين الخارجي والتسريع في تحسن عمليات تدخل القطاع الخاص . وفي تقييمه لاداء حكومة الترويكا الثانية عبر عماد الدايمي الامين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية في تصريح اليوم الثلاثاء ل وات أن هذا الاداء كان ناجحا عموما رغم صعوبة المرحلة وان الاخفاقات الذي شابته تتعلق بتعطل مسار العدالة الانتقالية الذي تسبب في عودة الكثير من رموز النظام القديم وتعطيل عدد من استحقاقات الثورة وخاصة المحاسبة وفتح الارشيف وتطهير الاعلام والقضاء والمحاماة على حد تعبيره. وأفاد الدايمي بأن حزبه كان الاكثر دقة في تشخيص طبيعة المرحلة الانتقالية ومدتها منذ انتخابات أكتوبر 2011 برفضه الالتزام بتحديد مدة هذه المرحلة بسنة واحدة لعدم معقولية هذا الشرط . وفي حديثه عن الملفات الاقتصادية قال الدايمي انه لا يعتقد انه كان بامكان الاداء الحكومي ان يكون افضل اعتبارا لطبيعة المرحلة الانتقالية والامكانيات الضعيفة المتوفرة و حجم المظالم والاختلالات التنموية التي تكرست على مدى عقود لافتا الى أن تونس لم تحظ بدعم دولي واسع وفق تقديره.
من ناحيته أكد الناطق الرسمي باسم حزب حركة النهضة العجمي الوريمي أن المسار الانتقالي في تونس تقدم في تقديره أشواطا كبيرة ولم يبق الا القليل وسيكتمل بالانتهاء من صياغة الدستور وتركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمصادقة على قانون الانتخابات مبينا ان حكومة الترويكا توفقت في ضمان استمرار الدولة وافشال محاولات اجهاض عملية الانتقال الديمقراطي والالتفاف على أهداف الثورة وتبذل قصارى جهدها لمواجهة الارهاب . وقال ان المعارضة اختارت بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي استراتيجية تحكيم الشارع والتحشيد والتصعيد والرفع في سقف المطالب كحل المجلس التأسيسي وحل الحكومة ولم تتبع نهج التوافق والشراكة ملاحظا ان النخبة التونسية أدركت في النهاية أن أقصر طريق الى الديمقراطية هو الحوار الوطني وهو ما دفع المعارضة الى تعديل منهجها وفق تقديره. واعتبر الوريمي مبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني بمثابة الصحوة السياسية لتدراك الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة واشارة قوية للجميع بضرورة القيام بتنازلات متبادلة ووضع مصلحة تونس فوق مصلحة الاحزاب والرجوع الى طاولة الحوار مبينا أن تنفيذ خارطة الطريق سيمكن من تشكيل حكومة تحظى بدعم سياسي واسع وبثقة كافية للمضي قدما بالبلاد نحو انتخابات ديمقراطية ونزيهة وشفافة . أما الناطق الرسمي باسم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات محمد بنور فقد أكد أن أداء الترويكا لم يرض حزبه مبينا أنه بامكان تونس أن تحقق الكثير من التقدم بعد الثورة. وتابع يقول أخطاء عديدة ارتكبتها الترويكا في عديد المجالات وعلينا ان نقف وقفة تأمل وتقييم موضوعي ووضع خطة لبقية المسار الانتقالي مبرزا ضرورة أن يتوصل الحوار الوطني الى حلول تخرج البلاد من الازمة عبر توافق جميع الاطراف السياسية بهدف بسط الاستقرار فى البلاد وتوفير المناخ الملائم للاستثمار واجراء الانتخابات القادمة. وذكر بأن التكتل كان قد دعا في اليوم الاول من الانتخابات الى حكومة مصلحة وطنية معتبرا أن الفترة الانتقالية لا تتحمل وجود اطراف سياسية في الحكم واخرى في المعارضة سيما في ظل التحديات الامنية والاقتصادية المطروحة حسب تعبيره. من جانبه اعتبر أمين عام حركة نداء تونس الطيب البكوش ان حكومة الترويكا برئاسة علي لعريض هي حكومة فاشلة على جميع المستويات وأن النجاح الوحيد الذي حققته هو جعل البلاد تشارف على الهاوية على المستوى الاقتصادي والسياسي حسب تعبيره. وأضاف قوله ان تصاعد الارهاب والاغتيالات السياسية يعد من الاسباب الكافية للمطالبة باستقالة الحكومة وتعويضها بحكومة كفاءات غير متحزبة مؤكدا ضرورة تنقية الادارة التونسية من كل التعيينات القائمة على اساس الولاءات الحزبية والتي كانت نتائجها كارثية على ادائها . اما نائب الامين العام لحزب العمال عبد المؤمن بلعانس فقد اعتبر أن الترويكا فشلت في ادارة البلاد على جميع المستويات مشيرا الى أن جل المؤشرات المسجلة على جميع الاصعدة كانت سلبية على حد قوله. وأضاف أن اهداف الثورة لم تتحقق على المستوى السياسي سيما وأن المجلس الوطني التأسيسي لم يتوصل بعد الى سن قانون انتخابي واحداث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ووضع دستور جديد للبلاد مشيرا الى غياب الاصلاحات وتواتر محاكمات الرأي وعدم تحقيق العدالة الانتقالية الى جانب ارتفاع نسب الفقر والبطالة وغلاء المعيشة وتطور الارهاب وفق تقديره. وجدد دعوة الجبهة الشعبية وجبهة الانقاذ الوطني الى تكوين حكومة انقاذ وطني صغيرة العدد ترأسها شخصية مستقلة تقوم باتخاذ اجراءات عاجلة على جميع المستويات من أجل توفير الظروف لاجراء انتخابات نزيهة وشفافة .