نظمت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتعاون مع معهد صحافة الحرب و السلام ورشة عمل لكيفية تسليط الضوء على تقرير اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق حول التجاوزات الذي ينتظر صدوره خلال أسبوعين على حد تعبير المشرف على الحلقة وذلك باعتبار ان عمل اللجنة يعتبر خطوة أولى نحو المسار الديمقراطي و ذلك يوم أمس بنزل بتونس العاصمة. و قد أشرف على هذه الحلقة التكوينية السيد مروان معلوف مدير مكتب تونس لمعهد صحافة الحرب و السلام بمشاركة 22 صحفي تونسي من عدة مؤسسات إعلامية حيث تتنزل هذه الورشة في إطار الاستعداد لمواكبة و تغطية تقديم التقرير النهائي الذي ستصدره لجنة الأستاذ توفيق بودربالة، المحامي لدى محكمة التعقيب و الرئيس الشرفي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، خلال الأسبوعين القادمين حول التجاوزات المسجلة منذ يوم 17 ديسمبر 2010 . و أكد الأستاذ مروان معلوف خلال انطلاق هذه الورشة على ضرورة مساندة الصحفيين الشبان في كامل تراب الجمهورية حتى يكون لهم دور بناء في تحقيق العدالة الانتقالية و لخلق تشبيك بين الصحافة القديمة و الصحافة البديلة و الصحفيين القدامى و الشبان. و تطرق مدير معهد صحافة الحرب و السلام بتونس خلال الفترة الأولى من الجلسة إلى تعريف مفهوم العدالة الانتقالية و مدى أهمية تغطية هذا الحدث إعلاميا باعتبار أن المواطن متعطش لمعرفة الحقيقة بعد الثورة و أن للإعلام دور مهم للكشف عن الخفايا مع ضرورة الالتزام بأخلاقيات المهنة و المعايير المهنية. خلال جلسة النقاش تحدث الصحفيون الحاضرون حول التحديات التي تعترضهم أثناء تغطيتهم لمسائل "حساسة" نذكر منها: طريقة النفاذ إلى المعلومة و الإطار القانوني المنظم لعمل الصحفي و الذي يرى البعض منهم أنه غير مفعّل إلى حدّ اليوم. و أوضح الأستاذ مروان أنّ بعد وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في عدة دول و خاصة منها العربية يمكن أن يعترض الصحفي لعدة صعوبات في تغطيته للعدالة الانتقالية باعتبار حالة قطاع الإعلام التي تشهد بروز بعض رموز النظام السابق في المؤسسات الإعلامية و تعرض عدد من الصحفيين إلى تتبّعات قضائية مما يؤثر على حيادهم و كذلك حساسية مواضيع العدالة الانتقالية و النقص في الموارد للتعامل مع الحقائق بشكل عميق و شامل. و تم خلال هذه الورشة دراسة نماذج لبعض المقالات الصحفية من جرائد تونسية و أجنبية تناولت العدالة الانتقالية بتقارير مع تحديد سياق النموذج و مكوناته و تبيين ضرورة التحقيق في العمل الصحفي لتدعيم الحجج الموجودة في المقال مع ضرورة ذكر ضحايا الحادثة. إرشادات عامة... كما قدّم مدير معهد صحافة الحرب و السلام بتونس مجموعة من النصائح إلى الصحفيين المشاركين في تغطيتهم لمواضيع العدالة الانتقالية منها ضرورة تحديد سياق الموضوع (التاريخي، السياسي، الاجتماعي،...) ، التركيز على الشخصيات المعروفة في الخبر، التحري العميق في الموضوع مع توفير متابعة للخبر و التغطية المتخصصة لآليات العدالة الانتقالية حتى لا يقع الصحفي في مشكلة المقالات المنعزلة. وأوضح الأستاذ مروان معلوف أنّ " مهمّتنا هي المساءلة، نقل حقيقة ما يجري، محاولة توضيح أن الحقيقة متعدّدة الأوجه، تصبح الحقيقة في بعض الأحيان مزعجة و غير سارة " أما في ما يتعلق بإعداد تقارير حول المحاكمات فقد أكّد الأستاذ معلوف ضرورة التحلي بالدقّة في عرض جميع جوانب المحاكمة و تحقيق التوازن في عرض كل جانب من القضية "فليس الصحفي بقاض" و الاطلاع على إجراءات المحكمة و خلفية القضية مع الاستعداد لموعدها و الحصول عن معلومات حول جميع أطراف القضية و بناء علاقات مع المراسلين الآخرين و الحصول على ملاحظاتهم مع ضرورة التحلي بالوضوح لمساعدة الجمهور على فهم الفكرة الكامنة وراء الإجراءات المتخذة و مواجهة الصعوبات في الالتزام بالمعايير المهنية الكلاسيكية من خلال تقديم التقارير الحيادية و المستندة على الواقع. لجان تقصي الحقائق من جهته، قدّم الأستاذ مروان لجان تقصي الحقائق و التي يتم تكوينها في المرحلة الانتقالية ليكون عملها كشف الحقائق لهذا يجب على الصحفي أن تكون له دراية بتفويضات اللجنة و أن يعرف أسباب نشأتها و أبعاد الإجراءات التي تتخذها و عملية نشرها للنتائج و كذلك مدى استمرارية عملها بعد تقديم تقريرها. و قد قام المؤطر في هذه الورشة بتقديم دراسة حول لجنة تقصي الحقائق بتونس من خلال تحديد أهدافها و التي تتمثل بالخصوص في التوثيق حول الانتهاكات التي حصلت منذ 17 ديسمبر 2010 إلى اليوم و العمل على تحقيق المصالحة و اقتراح تدابير الإصلاح و الوقاية و تبيين نطاق تحقيقها و الأفق الزمني لعملها و كذلك الإطار القانوني لعمل اللجنة و الذي لا يوقف عمل المحاكم حسب نص المادة عدد 5 و تسمية الأسماء كما جاء بالمادة عدد 6 " المعلومات و أسماء الشهود يجب أن تبقى سرية حتى يتم تسليم التقرير إلى رئيس الجمهورية". كما أكد الأستاذ مروان على ضرورة الالتزام بالحياد و الشمولية و المنهجية في إعداد تقارير لجان تقصي الحقائق مع التركيز على الضحايا و بناء علاقات موسعة. معهد صحافة الحرب و السلام و للتذكير فان معهد صحافة الحرب و السلام هي منظمة عالمية غير حكومية تأسست منذ سنة 1991 و متواجدة في أكثر من عشرين دولة و تهدف من خلال برامجها إلى إيصال صوت الناس في جبهات الصراع و الأزمات و التغيير. و يهدف برنامج المكتب بتونس إلى بناء علاقة فعالة و مستديمة بين الإعلام الرسمي و وسائل الإعلام المستقلة الجديدة و مساندة صوت الصحفيين و المدونيين و خاصة الشباب منهم في خمس مناطق من تونس: تونس، القيروان، الكاف، تطاوين و سيدي بوزيد لتعزيز مشاركتهم في المسار الديمقراطي.