خصنا الخبير في مجال السلامة المعلوماتية والذي تقلد مناصب عدة في المجال اخرها اهديرا عاما للمركز الوطني للاعلامية قبل ان يبلغ سن التقاعد بمقال راي حول ما حصل لمنظومة الهيئة المستقلة للانتخابات وفيما يلي نصه : كشفت السيدة خمائل فنيش... المكلفة بالاتصال في الهيئة المستقلة للانتخابات... على إثر تعرض موقع الهيئة على شبكة الإنترنت إلى الاختراق من قبل القراصنة... عن أن منظومة التسجيل قد توقفت تماما بداية من يوم الأربعاء على الساعة 15 إلى حدود يوم الخميس على الساعة العاشرة و 15 دقيقة... وأكدت أن هذه العملية سبقتها عدة محاولات اختراق خاصة بعد تحسن إقبال المواطنين على التسجيل... هذا الأمر كان متوقعا باعتبار أن المنظومات الإعلامية لم تخضع مسبقا إلى المصادقة الفنية... حسبما يقتضيه المنطق والإجراءات الجاري بها العمل عالميا في مثل هذه التطبيقات الهامة والحساسة... من قبل جهة فنية متخصصة... للتثبت من قيمة هذه المنظومات فنيا وسلامتها من الاختراقات المحتملة... وفي غياب عملية المصادقة... تبيّن و أن هذه المنظومات هشة وغير مؤمّنة... وتصبح شكوك المواطن مشروعة بخصوص دقة البيانات وموثوقيتها في عملية التسجيل حاليا وربما في عمليتي الفرز وإعلان النتائج مستقبلا... وفي عملية الانتخابات برمتها... ولسائل أن يسأل : من المسؤول عن هذه الوضعية الكارثية التي تقف حاجزا أمام توفّر بيئة انتخابية ملائمة ؟... في أدق مرحلة من تاريخ البلاد... يبدو وأن المسؤولية تنحصر في ثلاث جهات على الأقل وهي : 1- الحكومة وهي المكلفة أساسا... حسب بنود خارطة الطريق... بإعداد جيد لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة في أسرع وقت ممكن... وتحديدا الوزارة المكلفة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال إذ هي المسؤولة عن موثوقية المنظومات الوطنية وسلامتها من الاختراقات الخارجية... وهي التي تضم مراكز وطنية متخصصة في الإعلامية وشبكات الاتصال والوكالة الوطنية للمصادقة الالكترونية والوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية والوكالة التونسية للإنترنت... غير أن هذه الوزارة من سوء الحظ مهتمة بخدمة الشركات العالمية أو بمشاريع وهمية قد تنجز أو لا تنجز مثل "تونس الرقمية 2018" أو الحكومة الالكترونية أو إنترانات الإدارة وهلم جرا... 2- الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تعاملت كهاوية مع هذا العنصر الحيوي والأساسي في المسار الانتخابي... ألا وهو عنصر الإعلامية والاتصالات... حيث قضّت أكثر من أربعة أشهر في البحث عن المقرات والانتدابات... ثم أعلنت فجأة عن موعد بداية التسجيل في 23 جوان... دون الإعداد كما ينبغي للتطبيقات الإعلامية وتجربتها والمصادقة عليها وتأمين استغلالها في محيطها العملي... 3- الإعلام الذي تعاطى مع هذا الجانب بكل سطحية... حيث ركز أساسا على الجانب التنظيمي وعملية تحسيس المواطنين على التسجيل... ولم يولي هذا الجانب الأهمية اللازمة... ولم أسمع يوما في برنامج إذاعي... ولم أشاهد يوما في ملف تلفزي... ولم أقرأ يوما في صحيفة... إعلاميا يسأل عن مدى مصداقية البرمجيات المعتمدة في المسار الانتخابي... أو موثوقية البيانات المسجلة على غرار البيانات الغير محيّنة والأموات والمسجلين الغير مسموح لهم بالتصويت يوم الاقتراع... إن هذه الإخلالات التي لا تبعث على الثقة في نفوس المواطنين... والمتسببة في بيئة انتخابية سيئة... سوف تكون كارثية على بقية المسار الانتخابي وعلى مجرى التاريخ في بلدنا... لو لم تتخذ إجراءات مناسبة لتصحيح الوضعية... بالمصادقة على البرمجيات والتثبت من دقة البيانات من قبل جهة متخصصة ومحايدة.