لمن لم يدرك ذلك الشيخ المعمم مؤدب القران في زاوية الولي الصالح سيدي عبد العزيز بن عياش دفين طبلبة اكتب: كان يسكن قريبا من مسكننا في باب الخوخة ليس بعيدا من مقام ذلك الولي صاحب الأوقاف الكثيرة التي أبقاها خدمة للعلم وتحفيظ القران ورعاية المسنين وتم تأميمها اخيرا بموجب قانون حل الأحباس في تونس التي لم يبقي منها شيئا لما اراده أصحابها بعد حياتهم المليئة بأعمال الخير وخدمة الدين. كنت اشاهده يوميا وهو في طريقة للكتاب وعلى راْسه عمامة بيضاء في وجهه لحية غير كثيفة، وكنا نهابه نحن الأطفال خوفا منه واحتراما وقد اشتهر بالصرامة مع رواد كتابه الملاصق لمقام سيدي عياش الذي تقام فيه حلقات الذكر وترديد دلائل الخيرات للجزولي، وكان والدي رحمة الله عليه من المواظبين عليها يحضرها كل ليلية بعد صلاة العشاء مع نخبة من أحباء الذكر وقراءة القران الكريم، لقد استمرت تلك العادة الى فترة قريبة وكان شقيقي الأكبر المرحوم الشيخ محمد بوسمة خريج الزيتونة وامام الجمعة لعدد من السنين يغير كثيرا على تلك العادة ويعمل على استمرارها وكثيرا ما أوصاني بها خيرا لما كنت وال وفي زمن مدير الشعائر الدينية المرحوم كمال التارزي الذي كثيرا ما يتجاوب ويعوّض المتوفين من تلك الحلقة مقابل منحة صغيرة مخصصة ليستعين بها بعض المحتاجين من حفظة القران الكريم وقراءة الأذكار يوميا. كان المترجم له المؤدب الشيخ الطاهر معرف رئيسا للشعبة الدستورية للحزب الحر الدستوري بطبلبة زمن الكفاح وقد تعرض بسببها للسجن والأبعاد مرات ولكنه حافظ على ذلك الموقع للنهاية وبعد الاستقلال أسندت له مهمة الوكالة على اوقاف ولي البلدة سيدي عياش المذكور حتى حلت الأوقاف كلها جملة وتفصيلا وبقي بعدها صاحبنا وجها محترما في طبلبة وله حظوة كبيرة يدافع بها عن طبلبة بالقدر المستطاع وبما بقي له من مكانة لدى الرئيس الحبيب بورقيبة ولم يعمل على الاستفادة من قربه منه وبذلك ازداد حبا وإحراما وبقيت ذكراه قائمة الى الان في بلدته ولدى كل من عرفه وانا منهم. ومن المفارقات التي ارادت ذكرها في هذه المرة ان حفيده للابن ظافر يوسف بات نجما عالميا وانتقل من الصوفية التي اتقتها وبرع فيها الى فن الجاز الذي برع فيه وأصبح نجما عالميا بعد ان مات جده وقبل ان يدركه لنعرف موقفه منه ومن ذلك الفن العصري الذي انتشر في الولاياتالمتحدة والعالم واتصور انه كان سيشجعه على ذلك ويوصيه بالاستقامة والتمسك بدينه الحنيف الإسلام الوسطي المتفتح. وبهذه الكلمات القليلة أردت تعريف الشبات برجال طبلبة وخصصت منهم الشيخ الطاهر معرف رحمة الله عليه بهذه التحية.