كنا قد تناولنا في أحد أعدادنا الفارطة موضوع عمال الحراسة وعاملات التنظيف وتساءلنا وقتها إن كانت الثورة ستنصفهم وستزيح عنهم عبء المناولة وما يقاسونه منها من اضطهاد وتعديات وسمسرة بالعرق واختلاس لاموالهم واتعابهم ..ونعود اليوم للموضوع نفسه لنقول أنه بالفعل طالت الثورة هؤلاء وحررتهم من عبودية اصحاب شركات المناولة واعادت اليهم الحقوق المهضومة وأنصفتهم من طغيان مقاولين لا يعرفون الا اقصر الطرق لتحقيق الكسب وتكديس الاموال ولو كان ذلك على حساب الانسانية وعلى حساب العائلات وابنائهم .. وها ان الجلسة التفاوضية التي جرت بمقر وزارة الشؤون الاجتماعية بشأن ملف المناولة في القطاع العام قد أفضت إلى الاتفاق على الغاء المنشور عدد 35 الذي يسمح لقطاع الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية بتخليها عن خدمات التنظيف والحراسة وعدة خدمات إدارية لفائدة القطاع الخاص وفق صيغة المناولة وذلك في خطوة أولى تسبق الإدماج الفعلي لعمال المناولة في القطاع العام.. الغاء الوساطة ووفق السيد منجي عبد الرحيم كاتب عام جامعة المهن والخدمات باتحاد الشغل فإن الجلسة التفاوضية ناقشت ملف المناولة والحلول الممكنة لإدماج عملة المناولة، وتم الاتفاق على الغاء العمل بالمنشور المذكور كخطوة اولى، ثم الغاء الوساطة بين عمال المناولة والمؤسسة المشغلة حتى تكون مباشرة بين العامل والمؤسسة، وأخيرا تحديد سقف زمني يتم بمقتضاه تسوية وضعيات عمال المناولة وادماجهم النهائي في المؤسسات العمومية المشغلة.. يذكر ان 80 بالمائة من عمال المناولة يشتغلون في القطاع العام ويقدر عددهم بأكثر من 140 ألف عامل أكثر من 100 ألف منهم يشتغلون بالقطاع العام. اعتصام ثم تسوية وضعية وتجدر الاشارة الى ان أعوان الحراسة والتنظيف نفذوا اعتصاما احتجاجيا أمام وزارة الشؤون الاجتماعية الاسبوع الفارط احتجاجا على أوضاعهم المهنية والاجتماعية التي وصفوها بالمتردية والمزرية جراء استغلال مقاولي المناولة لمجهوداتهم . وطالبوا بإلغاء نظام العمل بالمناولة وإدماج عمال الحراسة والتنظيف بالمؤسسات العمومية بالإضافة إلى العمل على إيجاد صيغة قانونية تكفل لهم التغطية الاجتماعية الكاملة وتضمن تنظيم ساعات العمل والرفع في الأجور والتمتع بالراحة السنوية..واخيرا استجابت الوزارة لمطالب هؤلاء واعادت اليهم الامل في العيش الحر والكريم ..مطالب ظلت لسنوات تلاقي المصير نفسه وترمى في سلال المهملات وخيب امال المشتكين والمشتكيات ..اخيرا تنفس الحارس الصعداء وضحكت عاملة التنظيف من قلبها ..فبعد سنوات من التضحية والذل ان الاوان لتكون حرة من عبودية لازمتها طيلة فترة اشتغالها مع صاحب شركة مناولة لا تعرف الرحمة الى قلبه طريقا.