لم تصدر الهيئة العليا للانتخابات بعد بيانها الذي عليه يكمن الجزم بنتائج الانتخابات الرئاسية، ولكن المنهزمين فيها وأنصارهم عوض ان يقيموا اسباب فشلهم اخذوا يقلبون في دفاتر الفائز بالرتبة الاولى الاستاذ قيس سعيد لعلهم يجدوا فيها شيئا يقلل من وقع هزيمتهم المدوية التي لم يفيقوا منها. انهم قوم لا يعقلون، وسوف تتحمل تونس منهم نفس الأخطاء التي بسببها همشتهم في آخر انتخابات رئاسية، وسوف تكرر لهم الصفعة في التشريعية ما داموا لم يفهموا الرسالة. قلت وما زلت أكرر بان الفائز بالرتبة الاولى الاستاذ قيس سعيد هو رجل من اَيها الناس يأكل الطعام ويمشي في الاسواق مثلما عليه اغلب التونسيين، لذا اقول لهم لا تتعبوا انفسكم في البحث والتفتيش في سوابقه لأني متأكد من خيبتكم ووقوعكم في نفس الخطأ الذي وقعتم فيه! انصحكم بمراجعة انفسكم وإصلاح ما يمكن تداركه حتى تفوزوا بالحد الأدنى في انتخابات المجلس التشريعي التي ستجرى قريبا. تذكروا قبل كل شيء بان القانون الانتخابي بالحالة التي عليها لا يسمح بحصول اَي اغلبية تمكن الفائز الاول من الحكم الا بالتحالف مع غيره ممن تتقارب أهدافهم وتمكنهم من صياغة برنامج عمل على اساسه يمكن اصلاح الاوضاع والتقدم بتونس اقتصاديا وماليا واجتماعياً ومن رعاية للصحية وتطوير التعليم وإصلاح الادارة التي بها يمكن الاستقرار والبعد عن الظرفية. لقد رأيت البعض من الفاشلين في الانتخابات الرئاسية ينادون بالالتفاف حول الفائز الثاني نبيل القروي المطلوب لدى القضاء بتهم غليظة أوجبت توجيه التهمة اليه ومنعه من السفر وتجميد أمواله ثم إصدار بطاقة ايداع بالسجن في حقه، باتت محل نظر وانتهت اخيرا الى الاستقرار بالرغم من فوزه بالرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها قبل ان ترفع عنه القيود المضروبة. فانا لا اريد ان أناقش المحتوى الذي بات من اختصاص القضاء، ولكنني كنت أتصور واتمنى عليه المبادرة بتسوية أوضاعه قبل ان يجازف بالترشح لأعلى وظيفة في الدولة، ولكنه كما يظهر كان يفتش عن حماية قانونية وحصانة رئاسية قد تمكنه من تجاوز العقوبات المحتملة. وبالمناسبة رأيت البعض من أنصاره ممن كانوا يتهمون القضاء سابقا بالتسيس والوقوع تحت تعليمات السلطة التنفيذية، اصبحوا الان يطالبون من السلطة التنفيذية التدخل في القضاء للسماح له بالخروج لمناظرة خصمه امام العموم كي تتساوى بينهما الفرص ونرتاح للنتيجة. اما انا فاقترح حلا أفضل وأسهل وهو ان تأذن السلطة التنفيذية للقضاء المستقل بإصدار بطاقة ايداع بالسجن في حق الفائز الاول الاستاذ قيس سعيد لإجراء تلك المناظرة من وراء القضبان بإشراف كبير حراس السجن وهكذا تتساوى الفرص بين الطرفين ونرتاح للنتيجة! اما ما يحز في نفسي اكثر فهو ما لاحظته من تحمس زائد للفائز الثاني والمتهم من القضاء، والدعوة للتصويت له وذلك لقطع الطريق على من اشتهر بالاستقامة، لأنها باتت صفة مذمومة لا يمكن العيش فيها. فأقول لهم بأسف شديد اننا بنتنا نعيش في زمن انقلبت فيه الموازين وأصبحنا نساند محور الشر على حساب محور الخير لأننا لم نعد نطيقه. تونس في 17 سبتمبر2919