كل العالم اليوم منشغل بانتشار فيروس "كورونا" بعد أن صنفته منظمة الصحة العالمية بالجائحة التي اكتسحت الكرة الأرضية وتمدد خطره حتى وصل إلى كل البلدان .. وجميع الدول اليوم قد أعلنت الحرب ضد عدو خفي وغير مرئي ويمتلك قدرات كبيرة للتحول والانتشار والتمدد وإمكانية التحكم فيه حسب العلماء صعبة بعد أن صنف من ضمن الفيروسات الذكية والعصية عن الفهم والتحكم .. واليوم البشرية بأسرها في سباق محموم للوصول إلى اكتشاف لقاح ودواء يوقف انتشار هذا الوباء الذي أصاب قرابة مليون شخص في إيطاليا وحدها وحصد أرواح 460 شخص فيها. واليوم العالم قد انتقل من مرحلة رصد الحالات المصابة ومرحلة توفير كل الامكانيات الطبية لمحاصرة الوباء واتخاذ الاجراءات والقرارات السياسية لإدارة الأزمة والعناية بالمصابين بهذه الجائحة وتوفير الأمن للمجتمعات إلى مرحلة محاربة هذا الوباء القاتل من خلال التسابق المحموم بين الدول حول من يصل أولا و في زمن قياسي إلى لقاح أو دواء يوقف انتشاره ويستطيع أن ينهي حالة الخوف والهلع التي أصابت البشرية . بدأت الدول الكبرى والتي اكتوت من نار هذا الفيروس في إجراء الأبحاث المخبرية والتجارب الطبية للوصول إلى اكتشاف الدواء أو اللقاح الذي يسمح بإيقاف هذه الجائحة وإيقاف انتشار العدوى وحصر المصابين منها وأول هذه الدول التي دخلت في هذا السباق العلمي دولة بلجيكيا التي أعلنت عن اكتشاف جسم مضاد قادر على تحييد فيروس كورونا ومنع إصابة الخلايا البشرية به وقبل ذلك كانت المخابر الفرنسية وخاصة مخبر باستور قد أعلن أنه توصل إلى لقاح هو بصدد التجربة مستوحى من الدواء الذي كان يستعمل في معالجة وباء الملاريا في حين تتجه الأنظار إلى دولة الصين التي ظهر فيها الفيروس كورونا لأول مرة وإلى الأبحاث التي شرعت مخابرها في إجرائها وهي أبحاث سريرية يقول عنها العلماء الصينيون بأنهم على مشارف الوصول إلى لقاح ضد الكورونا وبالتوازي مع كل هذه الأبحاث فقد أعلن منذ أيام قليلة الرئيس الأمريكي دونالد ترانمب أن العلماء في الولاياتالمتحدةالأمريكية قد توصلوا في وقت قياسي إلى اكتشاف لقاح ضد وباء كورونا ويتوقع أن يخرج إلى الأسواق خلال شهر جوان المقبل وتجربته على الحالات المصابة على قدم وساق. هذه عينة من الجهد الكبير الذي تبذله الدول الغربية للوصول إلى حل علمي ينهي معاناة العالم بعد أن انتشر هذا الوباء الذي بات يهدد الإنسان في وجوده وهذا هو السباق المحموم الذي يحصل اليوم بين مختلف المخابر العلمية في العالم حول من يصل الأول من بين الدول إلى اكتشاف لقاح قادر على إنقاذ الإنسانية مما حل بها ومما يهددها في وجودها وفي خضم هذا الاستنفار العلمي الذي تحول الى هاجس كل دول العالم لاكتشاف سلاح قادر على هزم هذا الوباء الذي صنف من قبل العلماء بأنه من الفيروسات الذكية وبأنه أذكى من العقل البشري فإن السؤال الذي يطرح نفسه أين نحن أمة العرب والمسلمين مما يدور اليوم في المراكز العلمية التي تواجه هذا العدو المجهول والذي لا يرى ؟ وأين مكانتنا إزاء ما تقوم به الكثير من مخابر في دول العالم للوصول إلى حل علمي يوفر الدواء واللقاح لهذه الجائحة التي حيرت الجميع ؟ وهل نحن واعون بما يجري من حولنا من جهد معرفي وأبحاث مخبرية مضنية ومن تعب كبير يقوم به الكثير من العلماء والخبراء والمختصين في بلدان ننعتها بالكافرة لتوفير دواء ينقذنا ويعيد إلينا البسمة ويرجعنا إلى سالف حياتنا خالية من المخاطر ودون تهديدات ؟ في ردها على كلمة الرئيس الأمريكي دونالد ترانمب وهو يتحدث عن قرب توصل العلماء الأمريكان إلى لقاح لفيروس كورونا قالت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة " اليونسكو " إن الفيروسات لا جنسية لها " في إشارة إلى أن هذا الوباء قد أعاد تقسيم المجتمعات بعد أن فرض فلسفته وفرض على العقل الغربي إعادة ترتيب افكاره وخياراته و بعد أن ألغى الفوارق الاجتماعية وكسر حواجز التفاوت الطبقي والتقسيم التقليدي بين دول الجنوب ودول الشمال وبين مجتمعات غنية وأخرى فقيرة .. ولكن إذا كان موقف اليونسكو بشأن جنسية وباء كورونا صحيح وبأن هذا الفيروس لا جنسية له بعد أن اجتاح المعمورة ولم بفرق بين فقيرها وغنيها فإن الواضح اليوم والحقيقة الساطعة التي لا يمكن كتمانها هي أن من يبحث اليوم عن لقاح ضد هذا الفيروس ومن يجهد النفس ويبذل قصارى الجهد هم أناس لهم جنسية محددة فمن يعمل على انقاذ البشرية اليوم هم علماء الغرب وأطباء أوروبا وهؤلاء لهم جنسية واضحة والعالم اليوم إزاء هذا الماراطون وهذا التسابق العلمي بين باحثين ومنتظرين وبين مانحين وآخرين بائعين ومشترين وبين هؤلاء جميعا ضائعون وفئة ضائعة ابتليت بالفقر والمرض وكبلها التراجع من كل جانب وآسرها تخلف دولها علميا وصحيا ومعرفيا ومن هذه الفئة الغافلة التائهة الضائعة الدول العربية التي وجدت نفسها إزاء ما يحدث اليوم في العالم من تسابق على الأبحاث المخبرية خارج السياق التاريخي وخارج مجريات الأحداث العلمية فكل الدول العربية اليوم قد واجهت وباء كورونا بأبسط الحلول وأيسر الطرق بعد أن اختارت كل دولة وقررت أن تغلق بابها على نفسها عوض المشاركة في هذا السباق العلمي، لقد اختارت كل دولة عربية أن تبقى تراقب ما يحدث في مخابر العقل الأوروبي من جهد علمي لاكتشاف لقاح لهذا الوباء الذي يهدد البشرية في وجودها .. خيرت هذا الحل السلبي وهي التي لا ينقصها شيء وخاصة لا تنقصها الموارد المالية التي تحتاجها مثل هذه الأبحاث فضلا عن توفر القدرات العلمية في الكثير من البلدان العربية . دولنا العربية بعضها فقير الامكانيات وضعيف الموارد وهو غير قادر على مجاراة تداعيات هذا الوباء والكثير منها له امكانيات مادية مهولة وهي دول مصنفة ضمن أثرى دول العالم وهي مسؤولة قبل غيرها عن غياب المشاركة العربية في هذا الجهد العالمي لاكتشاف لقاح ينقذ الانسانية وهي مسؤولة عن فقدان المخابر والمراكز المتخصصة في البحث العلمي فبالرغم من أن ما يزيد عن 60 % من احتياط النفط العالمي و حوالي 30 % من احتياطي الغاز العالمي موجودة في الجغرافيا العربية إلا أننا لم نجد ولو عالما عربيا واحدا من ضمن العلماء المنكبين اليوم على الأبحاث ولم نجد ولو مركزا بحثيا واحدا يقوم اليوم بإجراء أبحاث للوصول إلى لقاح ينقذ الانسانية .. اليوم بعض الدول العربية انفقت أمولا طائلة في شراء الأسلحة وأنفقت أموالا كثيرة في التسلح وتكديس آلات الدمار والحرب وليس فيها مختبر واحد مختص في الأبحاث العلمية الجادة والأبحاث المختصة في الأوبئة المستجدة .. ما يؤلم اليوم ونحن نشاهد كيف انتقل العالم الغربي في تعاطيه مع وباء كورونا من مراقب للأزمة التي اجتاحت العالم إلى باحث ومساهم في الحل أن الكثير من الدول العربية الغنية والتي تملك المال الوفير سوف تشتري الدواء واللقاح من دون أن تبذل أي جهد بعد أن يوفره العالم الغربي ولكنها غير قادرة على شراء المعرفة لأن العلم والمعرفة لا يشتريان حتى لو امتلكنا كل مال الدنيا .. فإما أن نكون علماء وأما أن تكون جهلة ونحن قد اثبتنا مرة أخرى أننا أمة قد اختارت أن نكون تابعة لغيرها وعالة عليها .