تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    شركة النقل بتونس تطلق خطا جديدا يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    سان جيرمان يحرز لقب البطولة للمرة 12 بعد هزيمة موناكو في ليون    طقس اليوم: أمطار متفرقة ورياح قوية والحرارة تصل إلى 34 درجة    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    العثور على شخص مشنوقا بمنزل والدته: وهذه التفاصيل..    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    غدا نزول كميات هامة من الأمطار بهذه الجهات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: تحذير من طقس اليوم    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لم أحرق؟!! (13)
نشر في الصريح يوم 24 - 04 - 2011

كان المكيرفون بيدي وكأنه مدفع رشاش.. سبحان الله.. لقد أعطاني هذا الميكرفون قوة عجيبة لم أعرفها من قبل.. وصرت أشجع بكثير.. ونسيت خوفي القديم المقيم.. وذهب بي الخيال بعيدا فصرت أتصرف وكأنني روبرتو مارتيني بالفعل.. فأنا سيد القاعة التي كنت أتصدرها وحولي جمهور غفير كلهم يتطلعون إليّ بإعجاب شديد.. لقد أخذ كل واحد منهم حسب تعليماتي قارورة شمبانيا وفتحها وأخذ يشرب منها مباشرة وهو يهتف.. على نخب روبرتو.. على نخب روبرتو..
وارتمت عليّ فيفي بكل جسدها وأخذت تحضنني.. وتقبلني أمام الجميع.. وكانت هذه المرّة أول مرة أتحسس جسدها فاكتشفت أنه جسد غريب.. وتوجست أن لا يكون جسدا أنثويا.. فلعنت الشيطان.. وقلت في نفسي: لعله تأثير ذلك المشروب الذي شربته عوض الشاي..
وبعد أن تركتني لاحظت أنها أسرعت الى تسوية صدرها.. وترتيب شعرها.. فإزداد شكّي..
ولم أترك الميكرفون فطلبت منهم بلغة ايطالية ركيكة أن يرقصوا معي رقصة الالتحام..
ولم يفهموا نوعية هذه الرقصة فتركت الميكرفون ونزلت الى الحلبة وطلبت منهم أن يلتصقوا الواحد بالواحد ونتحول جميعا الى كتلة واحدة.. فرحبوا بالفكرة وفرحوا بها وبسرعة تحولنا الى جبل من اللحم والشحم وكأننا كتلة واحدة.. وظللنا نرقص ونهتف ونغني ونصرخ ونضحك والعرق يتصبب من الجميع..
وعندما خرجت من المجموعة وعدت الى طاولتي.. أخذت صيحات الإعجاب والثناء تلاحقني..
وكان الجميع في حالة نشوة ما بعدها نشوة.. أما فيفي فإنها لم تعد تستطيع الوقوف على قدميها..
لقد انهارت تماما.. وصارت تهذي.. وتعوي.. وراحت تطلب مني أن أحملها بين يديّ.. وأرقص بها رقصة زوربا..
اعتذرت لها.. ولكنها غضبت.. ونامت فوق الأرض على بطنها.. وقالت لي اضغط عليّ بأقدامك.. أرجوك.. عفّسني.. هرّسني..
ولكنني لم أفهم.. فكيف تطلب مني أن أعفّسها.. وأهرّسها وهي ممدودة على بطنها..
وعندما امتنعت.. أصابتها رعشة قوية وأخذ جسدها يرتفع وينخفض.. وهي تتأوّه.. وتصدر عنها حشرجات.. وأصوات غير مفهومة..
وتركتها تواصل نوبتها وعدت مسرعا الى طاولتي فلقد شعرت بشيء من الريبة والخوف..
وما إن جلست حتى ظهر أمامي رجل قميء وقصير وكأنه قزم ولكن له بطنا تتدلى أمامه كأنه برميل.. وبفمه سيڤار أطول منه..
سلّم عليّ ومدّ نحوي يده وصافحني بحرارة ثم قال لي: أنا ألبرتو كارتوزو صاحب هذا المطعم وأطلب منك أن نصبح أصدقاء لقد أسعدني حضورك هذه الليلة وأنعش أرباح المحلّ وأبهج الجمهور ولذلك سأقدم لك عرضا فأرجو أن تقبله..
وعندما سمعت كلمة «عرض» انتبهت.. وفتحت عينيّ وأذني.. ورتبت أفكاري..
وعندما لم أجبه قال لي: أرجوك لا تتردد.. وتعال معي الى مكتبي لنكمل السهرة معا وفي الأثناء نتفاوض.. وعندما سمعت كلمة نتفاوض أخفيت ضحكتي..
وقلت في نفسي أنا رجل مهم يعرضون عليه التفاوض وأنا لا أدري..
نظرت الى الرجل مليّا.. فكان أقصر بكثير مما قدرت في المرّة الأولى.. إنه في طول صبي صغير ولولا أسنانه الصفراء وصلعته التي تلمع وكرشه التي تتدلى لظنّ الناظر إليه أنه بالفعل صبيّ صغير يذهب الى الروضة..
وتساءلت: كيف يكون هذا القزم صاحب مطعم في قلب باليرمو بهذه الفخامة.. والأهمية؟
كيف؟
لا بدّ أن في الأمر «إنّ»..
وقررت أن أبحث عن «إن» هذه ولكنني سرعان ما طردت هذا القرار.. فماذا يهمّني.. وهل أتيت الى باليرمو لأطبّق قانون «من أين لك هذا»؟..
ترجاني مرة أخرى أن أصحبه الى مكتبه لنحكي.. ونكمل السهرة.. فنهضت وسار أمامي نحو المكتب..
كان يمشي أمامي كالدجاجة.. ودخان السيڤار يتصاعد.. وسرواله يكاد يسقط.. ولاحظت أنه عندما يمشي يتمايل.. وكأنه تمّ ختانه للتوّ واللحظة وفجأة توقف عن المشي وانحنى أمامي مباشرة وكأنه سيلتقط شيئا ما من فوق الأرض ثم نهض واستأنف المشي دون أن يلتقط شيئا ولم أفهم سرّ هذه الانحناءة.. ولكنني فهمت بحاستي السادسة أنها انحناءة خبيثة وتحمل رسالة ما..
وصلنا الى المكتب فإذا هو عبارة عن جناح ضخم.. أثاثه من طراز رفيع.. والورود تملأ أركانه.. ومعلقة فوق الجدران.. والنباتات موزعة توزيعا فيه ذوق جميل..
إنه ليس جناحا بل هو حديقة اختلطت فيها الألوان.. ووسط الجناح نافورة مياه تصدر عنها موسيقى خافتة..
جلسنا فوق أريكة.. وفتح التلفزيون فظهرت على شاشته صور خليعة.. فاستغربت.. ولكنه ضغط على فخذي الأيمن وقال لي:
هذه الصور هي صور الحياة والصور التي تعطينا السلام النفسي..
ثم انفتح الباب ودخلت منه حسناء وكأنها ملاك.. طولها في طول البرتو كارتوزو أربع مرات.. وشعرها ينزل الى نصفها الأسفل.. وعارية الصدر تماما.. وعطرها يحيي النفوس النائمة..
تقدمت منّا بكل لطف.. وقالت لنا: أنا في الخدمة.. فماذا تطلبون؟
ولكن!
على الحكومة أن تصارح الشعب
إلى أين تتجه الأوضاع في تونس؟
هذا السؤال الكبير الخطير لا أظنّ أن هناك من يستطيع أن يقدم حوله الجواب الشافي الكافي الذي يعطي صورة صحيحة أو قريبة من الصحة عن الاتجاه الذي تتجه إليه الأوضاع وفي أي اتجاه ستتطوّر.. وإلى أين ستنتهي..
ولذلك فإن هناك الكثير من الضبابية والغموض التي تلف بالكيفية التي ستتطوّر بها الأوضاع.. ولا أحد اليوم بوسعه أن يقول لنا كيف ستكون تونس بعد شهور قليلة.. وكل ما يقال اليوم هو من قبيل الاجتهادات والاستنتاجات وهي في الغالب الأعمّ اجتهادات واستنتاجات متشائمة تدلّ في ما تدلّ على وجود حالة من عدم اليقين والشعور بالقلق والحذر وربما بشيء من الخوف..
وأخشى ما أخشاه أن نكون قد دخلنا في متاهة لم نتمكن الى الآن من الخروج منها وتحديد الطريق والمسار..
إن الكثير من الجهات والمؤسسات والشركات والمناطق تتخبّط.. وتشكو من حالات الاضطراب وانعدام الاستقرار..
إلى الآن لم يتحوّل الظرف الصعب والدقيق الذي تمرّ به بلادنا الى شعور وطني عام يجعلنا نتحمّل المسؤولية ونتقي الله في بلدنا ويوقظ بداخلنا حالة من الوعي العام بخطورة ما يواجهنا من مصاعب قد تتفاقم وقد تتزايد وقد تتطوّر الى كارثة لا قدر لها تضرب استقرارنا الاجتماعي والاقتصادي والمالي والبنكي في العمق..
إنني للأسف الشديد لا أرى في كل ما يجري وأرجو أن أكون مخطئا شعورا جديا بخطورة المصاعب والمتاعب التي تواجهنا.. والتي ستواجهنا أكثر في قادم الأيام..
فحبذا لو أن الحكومة تصارح الشعب وتضع الحقائق أمامه وتنبه الناس الى المخاطر وتخاطبهم بلغة التحذير وعلى طريقة من أنذر فقد أعذر..
إن المطلوب من الحكومة أن تتخلى عن لغة المسايرة.. والوعود.. و«الأخذ بالخاطر».. والمجاملة وتستخدم لغة الجرأة والصراحة وتحميل كل طرف مسؤوليته..
إننا في فترة لم يعد ينفع فيها أسلوب تغطية الشمس بالغربال..
لتعلن الحكومة الحقائق كاملة التي تخصّ الوضع الاقتصادي وما سيترتب عنه من مشاكل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.