لست من أولئك الذين لهم أيّ موقف معاد للصين أو لشعبها أو لحكامها.. لكن هذه الكرونا أثارت لديّ عديد التساؤلات. كنت كتبت على أعمدة الصريح بأنّ أمرا ما قد حصل في الصين ذات يوم في الأشهر الأخيرة من العام الماضي... وكما ذكرت بأن الأوبئة التي كانت تنقل عبر القوافل، في تاريخ البشرية، قد تمّ نقلها بالضرورة هذه المرة عبر الطائرات والبواخر، فإنّ معطى دقيقا بقي مطروحا يؤرّقني: وهو متى علمت الصين حقا ببداية الوباء ومتى أعلمت منظمة الصحة العالمية؟ أن يحصل الوباء عبر عميل أميركي أو إسرائيلي أو جندي في مهمة بمدينة يوهان الصينية، فذاك احتمال نضعه نصب أعيننا حتى نبرّأ الصين من تهمة تلاعب شيطاني لصناعة الفيروس نفسه بمخبر ب4P بمهد الفيروسات بيوهان، وقد نبرؤها كذلك من تهمة نشر الفيروس عمدا بباقي أنحاء العالم.. وقد نلومها جزئيا على تواجد بعض الحيوانات الوحشية داخل المدن. لكن هذا لا يمنعني من طرح سؤال بسيط: طالما علمت الصين بهذا الوباء في شهر ديسمبر2019 عبر مئات الوفيات في هذه المدينة بنفس العلة أو بعلة حديثة لم تعرفها من قبل... طالما علمت بهذا بديهي هنا أن أطرح سؤالا يتيما: هل أعلمت الصين المنظمة المسؤولة عن هذه المواضيع من أوبئة وغيرها وهي منظمة الصحة العالمية؟ قلت إنّ هذا السؤال بديهي ورئيسي. ودون اتهام الصين على طريقة ترمب الذي كان له وبإمكانه أن يعلم كلّ شيء عن هذا الوباء... فهو لا يخفى عنه أمر.. لا يمكن أن يخفى عن جواسيسه المنتشرين في بقاع الكون وحتى في الفضاء وباء بهذا القدر وهذه الأهمية.... قلت دون اتهام الصين على العالم أن يعرف كيف حصل الوباء وهل أمدت أجهزة دولة الصين، العالم، بالأرقام الحقيقية للمصابين والمتوفين... هذا من جهة.. لكن الأهم بالنسبة لباقي العالم هو هل إن الصين أعلمت باقي العالم بهذا الوباء؟ والموضوع مهم وخطير جدا. لنتصور وباء حصل ببلد إفريقي من نوع أيبولا... وقد حصل وأغلقت المنطقة في الحين.. وتوقف الطيران انطلاقا من هذا البلد.. وتوقف كل شيء حتى علمنا كيف لا ننقل المرض إلى باقي أرجاء الكون. فهلا كان بالإمكان للصين إيقاف كل الرحلات إلى إيران وإلى شمال إيطاليا وإلى أمريكا الشمالية وإلى العالم أجمع؟ وزيرة تونسية تنبأت... أخبرتنا بصورة مبكرة بأنّ علينا العمل بالحجر الصحي في برج السدرية لكلّ الوافدين من بعض جهات من العالم الموبوء آنذاك .. ضحك منها جهلة القوم.. لكنّها كانت على حكمة من أمرها... وكانت على حقّ. فتحية إجلال لهذه السيدة وزيرة الصحة سابقا. ذكرت هذا لأنّ بعض الأوساط كانت تعلم بأنّ شيئا ما يحصل بالصين.. والصين على علم بما يحصل بداخلها.. وهي تدقّق في كل حركة لأي صيني داخل الصين وكل صيني خارج الصين... فكيف بها لا تعلم بأن المئات من المتوفين كانوا يموتون بسبب فيروس الكرونا؟ وإذا اتضح بأن الصين كانت تعلم بكل هذا فهل تقبل باعتراف للعالم، باعتراف لكل الضحايا وأهالي المتوفين؟ باعتراف لتهديدها الاقتصاد العالمي؟ هل تقبل باعتراف يعفيها من ملاحقات وقد بدأت ترتفع الشكاوى؟ أم إنّها سوف تسدّ أذنيها وتضعنا على مشارف حرب عالمية ثالثة؟ ذاك أن الدول المغلوبة على أمرها سوف تكتفي ببعض المساعدات من نوع طائرة بملايين الكمامات حقا وأخرى لأجهزة تنفس، وبلد آخر يكتفي برشوة لرئيس دولة أو رئيس وزراء، لكن تيقنوا أن بلدا مثل ألمانيا سوف لن يقبل ولن يتنازل، ولن يمسح اللوحة إلاّ بعد خلاص فاتورة خسائره الاقتصادية.. وقد يكون الأمر كذلك بالنسبة للمسؤولين عن منظمة الصحة العالمية في صورة اكتشاف تقصير منهم بعدم مراقبة ما يحصل في الصين أو عدم التبليغ عنه إن تمّ إعلامهم. أما ترمب فسوف يهدّد الصين، وإلى جانبه صقور الكون من أستراليا وإسرائيل وإنكلترا وماكرون وماكرين آخرين.. سوف يحاولون حلّ المعضلة سلميا وإلاّ فلا مناص من حرب عالمية ثالثة تكون في شكل غير تقليدي.. انتظروهم بأسلحة بيولوجية أو ألكترونية أو اقتصادية وتجارية... ولا أتصوّر البتّة أنهم سوف لن يضعوا الصين في قفص الاتهام.